سورة هود:
آية 1
قال أبو جعفر : قد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في تأويل قوله : { الر } والصواب من القول في ذلك عندنا بشواهده بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وقوله : { كتاب أحكمت آياته } يعني : هذا الكتاب الذي أنزله الله على نبيه محمد وهو القرآن .
ورفع قوله : { كتاب } بنية : ( هذا كتاب ) .
فأما على قول من زعم أن قوله : { الر } مراد به سائر حروف المعجم التي نزل بها القرآن وجعلت هذه الحروف دلالة على جميعها وأن معنى الكلام : ( هذه الحروف كتاب أحكمت آياته ) فإن ( الكتاب على قوله ينبغي أن يكون مرفوعا بقوله : { الر } .
وأما قوله : { أحكمت آياته ثم فصلت } فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله .
فقال بعضهم : تأويله أحكمت آياته بالأمر والنهي ثم فصلت بالثواب والعقاب .
ذكر من قال ذلك : .
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا هشيم قال أخبرني أبو محمد الثقفي عن الحسن في قوله : { كتاب أحكمت آياته ثم فصلت } قال : أحكمت بالأمر والنهي وفصلت بالثواب والعقاب .
حدثنا ابن حميد قال حدثنا عبد الكريم بن محمد الجرجاني عن أبي بكر الهذلي عن الحسن : { الر كتاب أحكمت آياته } قال : أحكمت في الأمر والنهي وفصلت بالوعيد .
حدثني المثنى قال حدثنا إسحق قال حدثنا عبد الله بن الزبير عن ابن عيينة عن رجل عن الحسن : { الر كتاب أحكمت آياته } قال : بالأمر والنهي { ثم فصلت } قال : بالثواب والعقاب .
وروي عن الحسن قول خلاف هذا وذلك ما : .
حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج عن أبي بكر عن الحسن قال وحدثنا عباد بن العوام عن رجل عن الحسن قال : { أحكمت } بالثواب والعقاب { ثم فصلت } بالأمر والنهي .
وقال آخرون : معنى ذلك : { أحكمت آياته } من الباطل { ثم فصلت } فبين منها الحلال والحرام .
ذكر من قال ذلك : .
حدثنا بشر قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة قوله : { الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير } أحكمها الله من الباطل ثم فصلها بعلمه فبين حلالة وحرامه وطاعته ومعصيته .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة : { أحكمت آياته ثم فصلت } قال : أحكمها الله من الباطل ثم فصلها بينها .
قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : معناه : أحكم الله آياته من الدخل والخلل والباطل ثم فصلها بالأمر والنهي .
وذلك أن ( إحكام الشيء ) إصلاحه وإتقانه و ( إحكام آيات القرآن ) إحكامها من خلل يكون فيها أو باطل يقد ذو زيغ أن يطعن فيها من قبله .
وأما ( تفصيل آياته ) فإنه تمييز بعضها من بعض بالبيان عما فيها من حلال وحرام وأمر ونهي .
وكان بعض المفسرين يفسر قوله : { فصلت } بمعنى : فسرت وذلك نحو الذي قلنا فيه من القول .
ذكر من قال ذلك : .
حدثني محمد بن عمرو قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا عيسى قال حدثنا ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله : { ثم فصلت } قال : فسرت .
حدثنا ابن وكيع قال حدثنا ابن نمير عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : { فصلت } قال : فسرت .
قال حدثنا محمد بن بكر عن ابن جريج قال بلغني عن مجاهد : { ثم فصلت } قال : فسرت .
حدثني المثنى قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله .
قال حدثنا إسحق قال حدثنا عبد الله عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله .
حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد مثله .
وقال قتادة : معناه : بينت وقد ذكرنا الرواية بذلك قبل وهو شبيه المعنى بقول مجاهد .
وأما قوله { من لدن حكيم خبير } فإن معناه : { حكيم } بتدبير الأشياء وتقديرها { خبير } بما تؤول إليه عواقبها .
حدثنا بشر قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة في قوله : { من لدن حكيم خبير } يقول : من عند حكيم خبير