سورة يونس:
آية 1
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في ذلك .
فقال بعضهم تأويله : أنا الله أرى .
ذكر من قال ذلك : .
حدثنا يحيى بن داود بن ميمون الواسطي قال حدثنا أبو أسامة عن أبي روق عن الضحاك في قوله : { الر } أنا الله أرى .
حدثنا أحمد بن إسحق قال حدثنا أبو أحمد قال حدثنا شريك عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس قوله : { الر } قال : أنا الله أرى .
وقال آخرون : هي حروف من اسم الله الذي هو ( الرحمن ) .
ذكر من قال ذلك : .
حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه قال حدثنا علي بن الحسين قال حدثني أبي عن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس : { الر } و ( حم ) و ( نون ) حروف ( الرحمن ) مقطعة .
حدثنا ابن حميد قال حدثنا يحيى بن واضح قال حدثنا عيسى بن عبيد عن الحسين بن عثمان قال : ذكر سالم بن عبد الله { الر } و ( حم ) و ( نون ) فقال : اسم ( الرحمن ) مقطع ثم قال : ( الرحمن ) .
حدثني المثنى قال حدثنا إسحق قال حدثنا ابن أبي حماد قال حدثنا مندل عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير قال : { الر } و ( حم ) و ( نون ) هو اسم ( الرحمن ) .
حدثنا ابن وكيع قال حدثنا سويد بن عمرو الكلبي عن أبي عوانة عن إسمعيل بن سالم عن عامر : أنه سئل عن { الر } و ( حم ) و ( ص ) قال : هي أسماء من أسماء الله مقطعة بالهجاء فإذا وصلتها كانت اسما من أسماء الله .
وقال آخرون : هي اسم من أسماء القرآن .
ذكر من قال ذلك : .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة { الر } اسم من أسماء القرآن .
قال أبو جعفر : وقد ذكرنا اختلاف الناس وما إليه ذهب كل قائل في الذي قال فيه وما الصواب لدينا من القول في ذلك في نظيره وذلك في أول ( سورة البقرة ) فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع وإنما ذكرنا في هذا الموضع القدر الذي ذكرنا لمخالفة من ذكرنا قوله في هذا قوله في ( الم ) فأما الذين وفقوا بين معاني جميع ذلك فقد ذكرنا قولهم هناك مكتفى عن الإعادة ههنا .
القول في تأويل قوله : { تلك آيات الكتاب الحكيم } .
قال أبو جعفر : اختلف في تأويل ذلك .
فقال بعضهم : تلك آيات التوراة .
ذكر من قال ذلك : .
حدثني المثنى قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن مجاهد : { تلك آيات الكتاب الحكيم } قال : التوراة والإنجيل .
قال حدثنا إسحق قال حدثنا هشام عن عمرو عن سعيد عن قتادة : { تلك آيات الكتاب } قال : الكتب التي كانت قبل القرآن .
وقال آخرون : معنى ذلك : هذه آيات القرآن .
قال أبو جعفر : وأولى التأويلين في ذلك بالصواب تأويل من تأوله : ( هذه آيات القرآن ) ووجه معنى : { تلك } إلى معنى ( هذه ) وقد بينا وجه توجيه ( تلك ) إلى هذا المعنى في ( سورة البقرة ) بما أغنى عن إعادته .
و ( الآيات ) الأعلام و { الكتاب } اسم من أسماء القرآن وقد بينا كل ذلك فيما مضى قبل .
وإنما قلنا : هذا التأويل أولى في ذلك بالصواب لأنه لم يجيء للتوراة والإنجيل قبل ذكر ولا تلاوة بعد فيوجه اليه الخبر .
فإذ كان ذلك كذلك فتأويل الكلام : والرحمن هذه آيات القرآن الحكيم .
ومعنى : { الحكيم } في هذا الموضع ( المحكم ) صرف ( مفعل ) إلى ( فعيل ) كما قيل : ( عذاب أليم ) بمعنى مؤلم وكما قال الشاعر : .
( أمن ريحانة الداعي السميع ) .
وقد بينا ذلك في غير موضع من الكتاب .
فمعناه إذا : تلك آيات الكتاب المحكم الذي أحكمه الله وبينه لعباده كما قال جل ثناؤه : { الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير } [ هود : 1 ]