إدارة الــموارد الشاملــة
تمهيد
الفصل الأول – المفهوم والمبادئ والأهداف
الفصل الثاني – المداخل
الفصل الثالث – التطبيق
الفصل الرابع – التدريب
إدارة الموارد الشاملة :
إن التحول الذي تشهده المنظمات العامة من الاهتمام بتوفير الخدمات للمستفيدين إلى الاهتمام بجودة تلك الخدمات وتقديمها بصورة أفضل كان نتيجة للتغيرات الاقتصادية والتنظيمية التي تمر بها القطاعات الإدارية بمختلف أنواعها وتبعيتها . وبعد أن أصبح أغلب الخدمات التي تقدمها أجهزة الدول المختلفة متوافرة للمستهلك انتقل الاهتمام إلى مستوى جودة الأداء لتلك الخدمات , إذ أصبح المستهلك يتطلع إلى خدمات أرفع في المستوى والجودة واكثر كفاءة وفعالية . ذلك لأنه أصبح أكثر وعيا وثقافة في استهلاكه .
وتعتبر إدارة الجودة الشاملة (TQM) Total Quality Management منظومة فكرية جديدة أو نموذجا إرشاديا Paradigm وتغييراً كبيراً في التفكير والممارسة الإداريين .
إنها فلسفة إدارية أو مجموعة من المبادئ التي يمكن للإدارة أن تتبناها من أجل الوصول إلى أفضل أداء ممكن . وهي أيضاً مجموعة أدوات إحصائية , وأدوات لقياس الجودة .
إن العوامل التي أدت إلى الاهتمام بالجودة الشاملة ماثلة في الآتي :
اشتداد حدة التنافس في التجارة , وما يترتب عليه من إنتاج أفضل من حيث النوعية والأسعار . كما أن إدراك المنظمة لإمكانية توجه المستهلك إلى شراء بضائع مماثلة , قد جعلها تبعد عنها فكرة رفع الأسعار , بل راحت بدلاً من ذلك تطبق الجودة الشاملة حتى تستطيع تلبية حاجات المستهلك في مثل هذه السوق التنافسية .
أصبح التنافس كونيا أو عالمياً Global . فالمنتج الذي كان يعتبر من قبل من اختصاص شركة دون أخرى , غدا الآن , وبفضل التكنولوجيا ورأس المال المتنقل , وينتج في أماكن مختلفة .
الاتجاه العام نحو الخضخضة Privatization .
تطور بعض الدول النامية إلى دول متطورة صناعيا , مثل كوريا الجنوبية , تايوان , الفلبين , اندونيسيا , وغيرها ... .
شدة المنافسة العالمية , والعجز المتواصل في الميزان التجاري الأمريكي Trade Deficit كانت سبباً آخر من أسباب وضع استراتيجيات أمريكية خاصة بتحسين الجودة .
إن الجودة مرتبطة بالمنتج أو الخدمة التي يتم تقديمها , ومن ذلك يبرز مدلول ما قاله دكتور ديمنج Deming من أن الجودة "ليس لها أي مدلول دون الرجوع لمتطلبات العميل" (15).
والجدير بالذكر أن إدارة الجودة الشاملة تعتبر أحد المقومات الإيجابية لتتبع الأداء .
مفهوم إدارة الجودة الشاملة وعناصرها :
مفهوم إدارة الجودة الشاملة :
يعتبر مفهوم إدارة الجودة الشاملة من أكثر المفاهيم الإدارية حداثة , وإذا ما أحسن تطبيقه فإنه سيشكل فرصة قوية لإحداث التغييرات الجذرية والمبرمجة داخل المنظمة .
وتعني إدارة الجودة الشاملة جميع الوظائف التي يقوم بها الأفراد في جميع المستويات الإدارية في التنظيم منذ البدء في الإنتاج (سواء سلعة أم خدمة) حتى الانتهاء منه . وهي "شاملة" لتأثيرها على كل شيء في المنظمة , وشمولها كل فرد في التنظيم من أعلى الهرم الإداري إلى أسفله , وهي "كلية" لأنها تتطلب الإلتزام والممارسة في كل نشاطات المنظمة ومن العاملين كافة .
وقد اختلف الكتاب حول تعريف محدد لهذا المفهوم . إلا أنهم اتفقوا حول بعض جوانبه الأساسية , ومن هذه التعريفات :
أنها تعاوني يعتمد على القدرات المشتركة لكل من الإدارة والعاملين بهدف تحسين الجودة وزيادة الإنتاجية بصفة مستمرة من خلال فرق العمل .
أنها تعني إيجاد ثقافة متميزة الأداء , حيث يعمل المديرون والموظفون بشكل مستمر ودؤوب لتحقيق توقعات العملاء , وأداء العمل الصحيح بشكل صحيح من أول مرة , مع تحقيق الجودة بشكل أفضل , وبفعالية عالية , وفي أقصر وقت .
أنها مجموعة من المبادئ الإرشادية والفلسفية التي تمثل التحسين المستمر لأداء المنظمة .
ويمكن التعبير عن مفهوم إدارة الجودة الشاملة من خلال مدخل النظم بالنموذج الآتي :-
تشير الموارد :
إلى مجموعة الخصائص والمعايير التي تشكل المستوى الذي تكون فيه الخدمة أو السلعة تلبية لاحتياجات الزبائن أو جمهور المتعاملين مع السلعة , مما يفرض أداء العمل المطلوب نظرية صحيحة من أول مرة وفي كل مرة First time and ever .
وحين نقول جودة فإننا نعني جودة التصميم , وجودة السفير , وجودة أداء العمل , وذلك على النحو التالي :
جودة التصميم Design Quality :
تشكل الأساس التي تبني عليه جودة ونوعية مراحل العمل الأخرى . فإن لم يكن تصميم الخدمة جيداً أو ملبياً للاحتياجات فإن الجودة لا تتحقق بغض النظر عن جودة أداء العمل أو تقديم الخدمة . لذا فإن جودة التصميم تشكل قاعدة لتكامل نوعية جميع مراحل الخدمة بدرجة عالية من المعايير والشروط المناسبة .
جودة التنفيذ Executing Quality :
تعتمد جودة التنفيذ على مستوى جودة التصميم من حيث استمرار نوعية المراحل . فالمنتج يمر بعدة عمليات تنفيذية قبل وصوله للعميل . وبالتالي فإن أي عيب في هذه العمليات يؤدي إلى إحداث خلل في نوعية الخدمة أو السلعة المقدمة , مما يترتب على ذلك تكلفة عالية في الإنتاج .
جودة أداء العمل Work Quality :
يتعلق هذا الجانب من الجودة بالأداء الوظيفي . وإذا علمنا أن الإدارة العليا في المنظمة تتعامل مع نوعين من الزبائن العاملين فيها , فإن متطلبات إحداث الجودة يستلزم العمل على رفع مستوى كفاءة أداء العاملين في المنظمة .
إن ما تقدم يدفع إلى القول أن مؤشرات الجودة الشاملة ماثلة في :
العمل المتواصل على إرضاء العملاء .
الحد الأدنى من السلع التالفة وغير المطابقة للمعايير.
التحسين المستمر للسلع والخدمات المتقدمة .
تحسين العمليات الإنتاجية .
قصر فترة تطوير المنتجات الجديدة .
المرونة العالية في تلبية طلبات السوق .
الالتزام بجدول تسليم السلع والخدمات للعملاء .
قصر مراحل العمليات باستخدام تكنولوجيا حديثة ووسائل إدارية جديدة .
تبني عمليات التخطيط الإستراتيجي .
الاستخدام الأفضل لجميع العاملين في المنظمة .
وأن مؤشرات الجودة المتدنية ماثلة في :
وفي المقابل , فإن أية منظمة تريد أن تطبق إدارة الجودة الشاملة عليها أن تنتبه إلى مظاهر أو مؤشرات ضعف الجودة , وهي :
زيادة عدد مرات التفتيش .
سوء إدارة العمليات المتغيرة .
استغراق الوقت الطويل في إنجاز العمليات .
الزيادة المفرطة في عدد الاجتماعات .
عدم تقبل العملاء للخدمات المقدمة , وزيادة عدد شكاوى العملاء 0.زيادة دوران العمل , وخسارة كفاءات مهنية جيدة , وعدم الشعور بالرضا الوظيفي .
قضاء كثير من الوقت في إنجاز العمليات البسيطة , وعدم رضا المديرين عن الأعمال .
عدم تقبل الشكاوى بالرغم من زيادتها .
طول الفترة الزمنية لتنفيذ العمليات .
عدم الاهتمام بالمعلومات وعدم تحديثها .
زيادة عمليات الرقابة والتفتيش .
عدم الثقة بالعاملين وعدم الاستماع إلى آرائهم .
تسرب العاملين الأكفاء والعمال المهرة من المنظمة .
زيادة الاجتماعات .
غياب الحلول الفعالة للمشكلات القائمة .
الافتقار إلى النظرة الشاملة للمنظمة , والانشغال بالجزئيات والتفاصيل , وما هو ثانوي .
أثبتت العديد من الدراسات أن الجودة المتدنية تكلف المنظمة كثيرا , وقد تصل تكلفتها إلى 30 % من التكلفة الكلية للإنتاج . وتشمل هذه التكاليف تكلفة التالف منها وتكلفة التصحيح التي تتكبدها المنظمة أو مقدم الخدمة . كما تشمل أيضاً التكلفة التي تتحملها المنظمة وتصيب سمعتها بسبب المنتج الرديء باختصار تتمثل هذه التكاليف في الآتي :
التكاليف التي تتحملها المنظمة نتيجة مشاكل الجودة , التي يتم اكتشافها قبل بيع المنتج أو قبل تقديم الخدمة إلى المستهلك . مثال ذلك , تكلفة البضائع تامة الصنع غير المطابقة للمعايير المحددة , كذلك السلع التي يجب إتلافها أو إعادة تصنيعها . هذا بالإضافة إلى مشاكل الإنتاج العديدة الأخرى التي تكتشف قبل بيعها إلى المستهلك .
وفي مجال تقديم الخدمات , وجد أن المصارف تتحمل تكلفة عالية بسبب كشوف حسابات غير واضحة قبل إرسالها للعملاء , إضافة إلى تكلفة الأوراق في آلات الطباعة , وتكلفة ضياع كشوفات ومستندات أثناء انتقالها من قسم إلى آخر , وتكلفة تعطيل الأجهزة المستخدمة (كأجهزة الحاسوب) وما تسببه من تأخير في تقديم الخدمة اللازمة بالوقت المناسب .
التكاليف التي تتحملها المنظمة الناتجة عن انزعاج العميل , وفقدان الثقة بالمنتج أو الخدمة المقدمة . وقد يترتب على ذلك مشاكل أخرى كالمطالبة بالتعويضات أو تقديم الشكاوي . أن العميل غير الراضي عن الخدمة المقدمة ينقل شكواه إلى ما لا يقل عن (25) شخصاً آخر .
جـ) تكاليف التقييم أو التقدير, وهي التكاليف الخاصة بالتفتيش والبحث عن أسباب تدني النوعية , وتشمل أيضاً تكلفة الاختبار اللازم لتصحيح الأخطاء .
وفي المقابل فإن تكاليف الجودة الشاملة تتمثل فيما تتحمله المنظمة لمنع حصول التلف أو لعدم مطابقة المواصفات , ولإعادة تصميم النظام وتحسين العمليات . وذلك لكي يكون المنتج حسب المواصفات أول مرة وكل مرة . كما تشتمل على تكاليف التخطيط للجودة , وتخطيط العمليات الإدارية , وتحسين العمليات الحالية , إضافة إلى تكلفة تدريب العاملين لتطبيق المواصفات المطلوبة من الإنتاج أو الخدمة المقدمة .
عناصر إدارة الموارد الشاملة :
تتمثل عناصر الموارد الشاملة في الآتي :
التركيز على العميل Customer Focus .
مشاركة الأفراد People Envolvement .
التحسين المستمر للعملية Continuous process Improvement.
استخدام الفرق (بناء الفرق) The Use of Teams (Team Building) .
التركيز على العميل Consumer Focus :
أن الهدف من كل الأعمال والجهود المبذولة هو إجراء التحسينات اللازمة من أجل تقديم سلع وخدمات أفضل للعميل , خاصة أن العملاء في الوقت الحاضر غير متسامحين كثيراً فيما يتعلق بالجودة والخدمة الرديئة , وهم على استعداد لتحويل اتجاهاتهم إلى المؤسسات التي تقدم خدمات أفضل وجودة أعلى . ويعني ذلك أنه يجب على هذه المنظمات أن تكون على معرفة وعلم بأن مخرجاتها التي تنجزها جيدة من وجهة نظر العميل .
ومما تجدر الإشارة إليه أن العميل الخارجي غالبا ما يقوم بالطلب والضغط على العميل الداخلي (الموظف) لزيادة الخدمات المقدمة له بمستوى عال من الجودة , الأمر الذي يتطلب البحث عن أفضل الوسائل لإرضائه , وخاصة أن العميل عندما يأتي إلى المنظمة لطلب خدمة أو سلعة معينة يحضر معه مجموعة من التوقعات , وعند إتمام العملية يقيم كيف قوبلت توقعاته على الشكل التالي :
فشل التوقعات Failed Expectation : يقرر العميل أن الخدمة لم تلب توقعاته , ولذلك يصبح محبطا وغاضبا , وعلى استعداد لإيجاد طرق أخرى لتلبية توقعاته دون الحاجة لخدمات المنظمة ومنتجاتها .
تلبية التوقعات Met Expectation : تتم العملية كما يتوقعها العميل . وهذا يعزز توقعاته .
العملية تجاوزت التوقعات Exceeded Expectation : تتم العملية بأحسن مما يتوقعها العميل , وهذا يؤدي إلى زيادة ثقته بمنتجات المنظمة وخدماتها .
وأفضل الطرق لمعرفة توقعات العميل هي عمل استفتاء عن مدى رضاه عن الخدمات والسلع التي تقدمها المنظمة . وفيما يلي بعض المبادئ الإرشادية لتحسين أداء المنظمة وعلاقتها مع العملاء :
تطوير رؤية لخدمة العميل , وبناء استراتيجية لرفع مستوى الخدمات والسلع في المنظمة .
وضع خطة تسويقية للتعرف على العملاء , واحتياجاتهم , وتلبية هذه الاحتياجات .
تبني استراتيجية تقوم على وضع الحلول السريعة والملائمة , وتقديم خدمات ذات جودة عالية .
تبني الفلسفة التي تقوم على أساس : زود الآخرين بما تحب أن يزودك به .
توفير المهارات الإدارية والتدريب لمساعدة الموظفين في علاقتهم مع الزبائن .
إعادة تصميم نظام المسار الحالي لتحسين الاستجابة , وزيادة المسؤولية , وجمع المعلومات عن خدمة العملاء .
تطوير معايير أداء لمستوى الخدمة التي يجب توفيرها للعميل لإرضاء توقعاته .
نثقيف الجهاز الإداري في المنظمة حول تلبية متطلبات العميل عن طريق العملاء الداخليين (الموظفين) .
مشاركة العاملين :
يعتبر كل فرد من أفراد التنظيم , حسب مفهوم إدارة الجودة الشاملة , بدءاً من المدير حتى أدنى المستويات الإدارية معنيا بالمشاركة , في تقديم سلع وخدمات ذات جودة عالية بأقل التكاليف . ويعتبر الأفراد في ظل هذا المفهوم موردا للإبداع والأفكار الخلاقة , ويجب استغلال خبراتهم ومعارفهم وضمان تعاونهم لتطبيق هذه الأفكار .
إن الخطوة الأولى نحو الإدارة بالمشاركة تتمثل في إقناع كل فرد من أفراد المنظمة بدوره في إدارة الجودة الشاملة . وهذه هي مسؤولية الإدارة العليا , حيث أن درجة الالتزام والحماس الحقيقيين من قبل الإدارة العليا يحددان , إلى حد كبير , دافعية العاملين تجاه الجودة .
إن عمل الأفراد معا كأعضاء الفريق واحد يشحذ هممهم ويجعلهم قادرين على الخلق والإبداع وتحمل المخاطر المحسوبة في محاولة لإيجاد حلول جيدة للمشكلات القديمة , كما أن مشاركة الموظفين الواسعة في حل المشكلات واتخاذ القرارات يزيد من ولائهم للمنظمة , مما يؤدي لروح معنوية أعلى , وتحسين أداء العمل وتطويره .
جـ) التحسين المستمر للعمليات :
تعتبر فلسفة التحسين المستمر أقوى مرشد للتغيير في المنظمات إذا أرادت البقاء والنمو , وتتطلب هذه الفلسفة التزاما مبدئيا من إجراء التحسينات وتقليل الاختلافات وتحقيق رضا العميل , كما أنها تتطلب التزاما واشتراكا وشعورا بالمسؤولية الشخصية من أولئك الذين يشتركون في العمليات Processes , كما تتطلب أيضا العمل مع الموردين , وفهم تدفق العمليات لمنع الاختناقات وتقليص الوقت والجهد الضائع , وهذا يعزز أحد المبادئ الأساسية في إدارة الجودة الشاملة , وهو أن كل الأفراد في المنظمة من مختلف المستويات والأقسام لهم علاقة بعملية التحسين المستمر , ويجب تسخير معارفهم ومهاراتهم لتحسين العمليات , وذلك من خلال التنسيق الدقيق بين الأقسام التي تسير من خلالها هذه العمليات لتحقيق الفهم المتبادل لاحتياجات العميل الداخلي والخارجي .
وأحد العناصر المهمة في أية مبادرة للتحسين المستمر للعمليات هو اختيار العمليات الرئيسية Key Process التي تؤدي بشكل مباشر إلى فائدة العملاء , وتعزز الأداء الفعال للعمليات , أو يركز مدخل إدارة الجودة الشاملة على تحديد وتحسين الكثير البسيط من العمليات بدل أن يركز على القليل الحرج , ويتعين على المخططين لبرنامج إدارة الجودة الشاملة بناء معيار اختيار واضح للعمليات التي ترتبط بشكل قوي بمؤشرات رضا العميل الداخلي والخارجي . وإحدى الطرق المهمة في تحديد مؤشر رضا العميل هو تقييم التغذية الراجعة Feed Back التي تقيم رضا العميل .
ومن الخصائص التي تميز العمليات التي تحتاج للتحسين ما يلي :
أن العملاء سوف يستفيدون من هذه التحسينات .
أن العملاء الداخليين والخارجيين يعانون من مشكلات في العمليات .
أن العملية متصلة مباشرة بمؤشرات ذات علاقة باحتياجات العملاء .
أن العملية مهمة لفعالية الأداء الحالي للمنظمة .
أن العملية مستقرة إلى درجة يمكن معها تحليلها وقياسها وتحسينها .
أن المنظمة قادرة على تخصيص الموارد المالية والبشرية لتحسين الجودة .
د) فرق العمل :
تعتبر فرق العمل عنصرا أساسيا في أي جهد لإدارة الجودة الشاملة , وهي لا تذهب أبعد من تشجيع المديرين على تحليل أعمالهم , وعزل العمليات التي تسبب المشكلات أو التي تحتاج للتحسين , وإيجاد الحلول المناسبة لها . فالفكرة الأساسية في إدارة الجودة الشاملة هي التكامل في عمل الفرق , إذ يستخدم هذا التكامل لتشجيع التعاون Collaboration في تخطيط تحسينات الجودة , والإجماع Consensus في التعامل مع الآراء المتعارضة , والصراع الخلاق Creative Conflict الذي يشجع الابتكار والإبداع .
ويقول جون ب . بلست John P.Plest (24 : 197) : "أن فرق العمل لا تستطيع أن تعمل في بيئة مهلهلة غير متينة البناء , بل يجب أن تلاقي الدعم والموارد اللازمة من قبل راعي البرنامج Spenser بترتيب تعيين منسق أو سهل Facilitator يتم اختياره من بين الأفراد الموثوق بهم من ذوي العلاقات الطيبة مع أقرانهم , وممن يتمتعون بتفكير عقلاني , ليقوم , بمساعدة لجنة توجيه Steering Committee تتكون من المدير العام والإدارة الوسطى والإدارة العليا وتحت إشراف قائد الفريق الذي يتم اختياره من قبل الإدارة انطلاقا من قناعتها بخبرته وإنجازاته في العمل المطلوب . ودور المنسق لمهمة التنسيق وإسداء المشورة لجميع المستويات الوظيفية في المنظمة هو القيام بتدريب الفرق على حل المشكلات , والعمل مع قادتها لكي يصبح تدريب كل فريق في النهاية من مهام قائده .
وعلى الرغم من فعالية هذا الأسلوب إلا أن من الخطأ أن تختار الإدارة جميع أعضاء الفريق. أن الأسلوب الأفضل هو اختيار أحد العاملين كقائد للفريق , وهذا بدوره يقوم باختيار أعضاء فريقه , فالعاملون في المنظمات لديهم فهم وإدراك لقدرات زملائهم في العمل أكثر من الإدارة.
على أن معظم المنظمات التي طبقت إدارة الجودة الشاملة قامت بتشكيل مجلس للجودة من كبار المديرين بعد التطبيق بوقت قصير ليقود جهود تحسين الجودة , ووضع استراتيجية المنظمة , وهذه المنظمات شكلت صفوفا ثانية من مجالس الجودة الفرعية وفرق عمل مختلفة (مثل فرق تحسين العمليات) لتكون صفوفا تالية .
ومن أهم الواجبات التي تقوم بها فرق العمل : تحليل المشكلات ومعرفة أسبابها وتطوير الحلول المناسبة , وتقديم التوصيات للإدارة لتطبيق ما هو ممكن منها . إضافة إلى متابعة الإجراءات التصحيحية التي تتخذ لتطبيق نظام إدارة الجودة الشاملة . لذا فإن الصلاحيات الممنوحة لهذه الفرق تؤثر سلبا أو إيجابا على نتائج تنفيذ هذا النظام .
وعلى الرغم من الدور المهم التي تقوم به فرق العمل في تحسين الجودة فإن العديد من المتخصصين في أدبيات إدارة الجودة الشاملة يحذرون من المبالغة في عدد هذه الفرق .
يجب تجنب استخدام عدد كبير من فرق العمل لأن في ذلك هدرا للموارد المخصصة لبرامج إدارة الجودة الشاملة بشكل سريع . وعلى أي حال فإن الفرق التي تشكل للتحسين يجب أن تمتلك أكبر طاقة ممكنة لتنفيذ التغييرات التي يمكن أن تغير المؤسسة .
التدريب على مهارات الجودة المناسبة مع الاهتمام بالإجراءات الإحصائية على كل المستويات.
تطوير نظام للمكافآت ونظام خاص لتقدير المتميزين من الموظفين.
القضاء على كل من معوقات تحسين الجودة والإنتاجية.
اعتماد وسائل اتصال مستديمة لمتابعة الجودة والإنتاجية.
وأخيرا أشار "هايد و جوردن" Hyde & Jordan إلى بعض العناصر المكونة لبرنامج إدارة الجودة الشاملة وهي : (14)
التحليل الإحصائي.
تقييم الموارد البشرية.
5- متطلبات العميل.
د- إعادة صياغة أساليب العمل الإدارية.
مباديء إدارة الجودة الشاملة :
تقوم إدارة الجودة الشاملة على ستة مباديء هي :
التركيز على العميل Focus On The Customer :
العميل هو مراقب الجودة الأول ومحور اهتمام المنظمات ، ومصدر دخلها الأساسي، ولا يقتصر التركيز على العميل الخارجي للمنظمة التي تكرس كل وقتها وجهودها من اجل تحفيزه لشراء منتجاتها أو خدماتها بل تشمل جميع العاملين داخل المنظمة ، الذين يتوقف على أدائهم تحقيق مستوى الجودة المطلوب إذ يعتبر المدير عميل السكرتير والسكرتير عميل الشؤون الإدارية ..........الخ إذ يقدم كل واحد لعميله العمل المطلوب على أكمل وجه.
التركيز على العمليات والنتائج معاً Result On The Process As Well As :
لم يعد الحكم على جودة العمليات من خلال النتائج فحسب مقبولاً ، بل يجب أن تمتد عمليات الجودة والملاحظة حتى على العمليات وتصميمها لتعطي نتائج بلا أخطاء ، ويجب أيضاً الاهتمام بأساليب العمل وكيفية الأداء واستمرار تطور هذا الأداء والرقابة على المخرجات وفهم تدفق العمليات لمنع الاختناقات , وإيجاد الحلول للمشكلات التي تعترض سبيل تحسين نوعية المنتجات أو الخدمات للوصول إلى نتائج بلا أخطاء .
الوقاية من الأخطاء : Prevention Versus Inspection
يعني هذا المبدأ الإقلاع عن سياسة إطفاء الحرائق في إدارة الأعمال , والشروع باستخدام أساليب ومعايير مقبولة لقياس جودة المنتجات والخدمات أثناء العملية الإنتاجية تمنع وقوع الأخطاء والمشكلات , بدلا من استخدامها الأساليب والمعايير بعد وقوعها .
حشد خبرات القوى العاملة : Mobolizing Experts Of the Work Force
تؤكد مفاهيم إدارة الجودة الشاملة أن القوى العاملة تتكون من أفراد أذكياء قادرين على الإبداع , وهو عكس ما تفترضه المفاهيم التقليدية بأنهم أشخاص أغبياء لا يهمهم سوى الحصول على المال , ففي ظل إدارة الجودة الشاملة تعتبر المكافأة المالية إحدى الطرق لتعويض الأفراد عن مجهوداتهم في مجال الجودة . إذ أثبتت الأبحاث والدراسات المتعددة أن للأفراد أهدافا أخرى غير المكافآت المالية تنمي اهتماماتهم بالمنظمة وانتماءهم لها وهي أهداف تحقيق الذات وتحقيق المكانة الاجتماعية التي يمكن أن يحققها الموظف من خلال عمله . فالعاملون يحبون أن تقابل جهودهم بالثناء من خلال التدريب وإبداء الرأي والمشاركة في نشاطات المنظمة كافة, وأن يعطوا الفرص للحصول على المعلومات المتعلقة بعملهم , وتسهيل مهمة حصولهم عليها من خلال توفيرها في مكان العمل . كما يجب أن ينظر إلى القوى العاملة بأنها تشكل مصدرا للمعلومات والمهارات التي يمكن استخدامها في تطوير الأعمال , وزيادة الإنتاجية , وخفض التكاليف والفاقد , ولهذا يجب إشعار العاملين بأنهم أعضاء في فريق واحد قادر على تحقيق النجاحات المؤسسة ويستحقون المساندة .
اتخاذ القرارات استنادا على الحقائق : Fact-Based Decision Making
عند تبني مفهوم إدارة الجودة الشاملة لا بد من توافر نظام معلومات ينقل الحقائق والمعلومات جميعها حول أداء المنظمة . بخاصة أن إدارة الجودة الشاملة تتبنى مفهوما مؤسسيا أو منهجا علميا في حل المشكلات تصبح معه هذه المشكلات بالنسبة لها فرصا للتحسين , ويشترك في تنفيذ هذا المفهوم جميع العاملين من القمة حتى القاعدة من خلال التفهم الكامل للعمل ومشكلاته, وتوافر المعلومات والحقائق التي يتخذ على أساسها القرارات .
التغذية العكسية : Feed Back
إن أي نظام لإدارة الجودة الشاملة لا بد له من توافر نظام فعال للتغذية العكسية حول رغبات وإنجازات العمال وردود فعلهم حول الأداء في المنظمة , وتعتبر التغذية العكسية أمرا حيويا لتمكين المديرين من توجيه العاملين لتحسين أدائهم في العمل , وتعتبر أيضا مؤشرا على مستوى التحسين مقارنة بالتحسينات السابقة . والمعلومات الراجعة تمكن الإدارة العليا من التعرف على :
جوانب القوة في أداء الأفراد والجوانب التي تحتاج للتحسين والتدريب وعلى طموحاتهم المستقبلية وآرائهم حول أداء المنظمة .
تطور مفهوم إدارة الجودة الشاملة :
تعود جذور إدارة الجودة الشاملة TQM إلى أعمال علماء الإحصاء والكتاب الأوائل في رقابة الجودة الإحصائية , في العشرينيات من هذا القرن , إذ تم استخدام خرائط الرقابة الإحصائية لأول مرة كأسلوب لتحسين الإنتاج الصناعي الضخم . وتوسع استخدام أساليب الرقابة الإحصائية على العمليات (SPC) Statistical Process Control في مصنع وستن اليكتريك في شيكاغو في الثلاثينيات . وطبقت أيضا بنجاح في الإنتاج الضخم للأسلحة ومواد الحرب خلال الحرب العالمية الثانية .
وفي أوائل الخمسينات تم استخدام مفهوم إدارة الجودة الشاملة من قبل كل من إدوارد ديمنج
W.Edward Deming وجوزيف جوران Joseph M.Juran الذين تم استدعاؤهم لتعليم اليابانيين أساليب الرقابة الإحصائية على العمليات لمساعدتهم في بناء صناعتهم التي دمرتها الحرب , وفي تلك الفترة التقى كل من ديمنج Deming وجوران Juran وكارو إشكاوا Kaoru Iskawa خبير اليابان الأول في رقابة الموارد الشاملة وأدخلوا تحسينات مهمة على مبادئ الجودة في مجال الرقابة على العمليات الإحصائية , والتركيز على العميل , والتحسين المستمر , وفرق العمل .
ومن الطريف أنه بينما تم التخلي عن إدارة الجودة الشاملة في الولايات المتحدة الأمريكية تبني اليابانيون هذا المفهوم , وفي الوقت الذي كانت فيه اليابان تتعلم إدارة الجودة الشاملة كان التركيز في أمريكا على الإدارة الكمية , إذ أن العالم كله كان بحاجة للمنتجات الأمريكية وكان عليها توفير هذه المنتجات , ولكن أمريكا لم تكن تعي أن مكانتها الرفيعة كانت محفوفة بالمخاطر . فخلال عقدين من الزمن أعادت اليابان دولتها المحطمة , وواصلت السيطرة على عدد من الأسواق العالمية خاصة في مجال صناعة السيارات والإلكترونيات , وعبارة "صنع في اليابان" لم تعد دلالة على البضائع الرديئة بل تعني بضائع ذات جودة عالية وبأسعار منافسة .
ومن الجدير بالذكر أن ديمنج Deming عاش في اليابان فترة طويلة بعد الحرب العالمية الثانية حيث تبنت هذه الدولة نظرياته , وأنشأت جائزة دولية باسمه "The Deming Award" الذين يبدعون في مجال الجودة تقديرا لجهودهم . ولقد تأثر ديمنج بالفكر الياباني الذي ينظر إلى مفاهيم الحياة نظرة شمولية Holistic في الوقت الذي ينظر فيه الفكر الأمريكي للأشياء على اعتبار أنها أجزاء متميزة , وبتجميعها نحصل على هيكل متميز , وبهذا الروح استطاعت اليابان أن تحقق مستويات إنتاجية مرتفعة وبجودة عالية تفوق الغرب .
أما في الثمانينيات , ونتيجة لمنافسة اليابان للولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية في الأسواق العالمية , أفاق القادة السياسيون وأصحاب الأعمال لهذا التحدي , وتمنت الكثير من الشركات الأمريكية أمثال : IBM , Ford , Corning , Hewelett Packard وشركة فلوريدا للكهرباء والإنارة . Florida Power Light CO مفهوم إدارة الجودة الشاملة لتبقى منافسة في السوق العالمية , أو لاستعادة أسواقها المفقودة .
وفي عام 1987 أعلنت الحكومة الأمريكية عن جائزة قومية للجودة تمنح للمؤسسات الأمريكية التي تحقق أفضل النتائج من تطبيق استراتيجيات ناجحة لتحسين الجودة .
وخطت أوروبا أيضا خطى الولايات المتحدة في هذا المجال , إذ تم في عام 1988 تأسيس المؤسسة الأوروبية لإدارة الجودة الشاملة لتحسين المركز التنافسي للصناعة الأوروبية في الأسواق العالمية . فالمملكة المتحدة تنشر الآن مجلة بعنوان TQM Magazine وتتبنى مجموعة من الشركات الأوروبية أمثال Canons, Xerox, ICI مفهوم إدارة الجودة الشاملة.
أهداف إدارة الجودة الشاملة وفوائدها :
الأهداف :
إدارة الجودة الشاملة هي حركة إدارية جديدة في العالم الصناعي المتقدم , تسعى إلى تحقيق الأهداف التالية :
1- تحقيق متطلبات العميل والتركيز المتناهي على إرضائه بأعلى درجة ممكنة .
2- إمداد العاملين بالنظم والإجراءات والتوجيهات التي تضمن لهم حسن سير العمل بالكفاءة المطلوبة .
3- تحفيز العاملين على أداء العمل بطريقة أسهل وأكثر إنتاجية .
4- تحقيق التميز من خلال بناء عناصر الميزة التنافسية . أي السبق والتطور والتوقع المستمر للتغيير والتطور في رغبات العميل .
5- رفع مستوى جودة كل من السلع والخدمات المطلوبة . أي التوصل إلى منتجات خالية من العيوب , وتقديم الخدمات في الوقت المناسب .
6- ترشيد الاتفاق بشكل يجعل عنصر التكاليف محورا تدور حوله غالبية الأمور في المنظمة .
7- رفع كفاءة الأداء ومعدلاته بما ينعكس على تقليل التالف وتخفيض فترات التوقف .
8- تخفيض الوقت اللازم لإنجاز الأعمال .
ولكي تتحقق هذه الأهداف يجب أن يكون هناك التزام من قبل إدارة المنظمة بمبدأ تحسين الجودة , وهذا الأمر يتطلب تدريبا شاملا لجميع أفراد المنظمة , ودراسة وتحليل الأنظمة المختلفة في المنظمة بهدف تحسين الجودة للنظام ككل , والاستماع إلى المستهلك (العميل) وإعادة تصميم السلعة أو الخدمة لتحقيق رضا المستهلك بصفة مستمرة . ويجب أيضا ربط المكافأة بالأداء بحيث يصمم نظام للمكافآت لتشجيع تحسين الأداء , ولتحسين الجودة على أساس أن كل العاملين في المنظمة يشاركون في نظام الحوافز .
على أنه ما يجدر الإشارة إليه أن الجودة الشاملة لا تعتبر أسلوبا إداريا جديدا فقط , بل تعتبر أيضا فلسفة أساسية في كيفية التصرف في بيئة العمل , تحمل الكثير من الوعود والفوائد للمنظمات العصرية التي تهدف إلى زيادة الأداء والربحية على المدى الطويل , وتنمية الشعور بالانتماء المؤسسي لدى العاملين , وبأنهم جزء من عملية التطوير والتحسين المستمر. وليس من المبالغة القول إن السبب الرئيسي في نجاح الصناعة اليابانية بعد الحرب العالمية الثانية هو سعيها الحثيث وراء إدارة الجودة الشاملة . كما أن اهتمام مؤسسات الأعمال في الولايات المتحدة حديثا بهذه الإدارة لا يقل عنه في اليابان .
باختصار , أن نظام إدارة الجودة الشاملة مطلوب للأسباب التالية :
أنه نظام إداري متكامل يؤدي إلى تحقيق الربحية والكفاءة في الأداء في آن معا , ويضمن سير جميع الإجراءات الإنتاجية والمالية والإدارية والخدمية بكفاءة تامة .
يحقق إنتاجية أعلى , ويحسن كفاءة العمليات .
الحاجة إلى زيادة نصيب المنظمة من السوق .
الوفاء بمتطلبات العملاء .
زيادة الأمن الوظيفي للعاملين في المنظمة .
الفوائد :
زيادة القدرة على التنافس Ability to complete :
تؤدي التنافسية إلى زيادة القدرة على تحقيق الربحية , إذ أن تطبيق معايير الجودة سيزيد قدرة المنظمة على اكتساب الميزة النسبية .
إيجاد ثقافة مؤسسية Organization Culture :
إن تطبيق نظام الجودة يتطلب إيجاد نوع من القيم والمفاهيم المشتركة بين العاملين والإدارات التنفيذية داخل المنظمة , فهذا النظام يهتم بالتكاملية واتساقية جميع العمليات والأنشطة داخل الوحدات الإنتاجية .
إيجاد مرجعية لتقييم الأداء التنظيمي Base for organization performance :
يعتمد تقييم الأداء على معايير ومؤشرات موضوعية لها صلة مباشرة بالأهداف أو بالمهام والأنشطة التي تظطلع بها المنظمة . ولما كانت الجودة تلتزم بمجموعة مواصفات وخصائص معينة فإن هذه الأخيرة تشكل قاعدة لتقييم العمليات والأنشطة التي تقوم بها المنظمة .
تحقيق رضا العميل Customer Satisfaction :
يتحقق رضا الجمهور المتعامل مع المنتج (سلعة أو خدمة) عندما تتكامل المواصفات مع المعايير التي يرى العميل أنها تلبي احتياجاته في هذا المنتج , أن إدارة الجودة تركز على تخطيط وتصميم المنتج بما يتوافق مع رغبات ومستوى رضا العميل من حيث النوعية وأسلوب تقديم الخدمة والسعر .
زيادة الفعالية التنظيمية Organizational Effectiveness :
تتحقق الفعالية التنظيمية عندما تكون المنظمة قادرة على بلوغ أهدافها وفقا للموارد المتاحة لديها . وما دامت الربحية أو رضا العملاء تعتبر الأهداف الرئيسية للمنظمات , فإن نظام الجودة يحرص على تدعيم قدرة المنظمة إلى تحقيق ذلك .
مداخل إدارة الجودة الشاملة من وجهة نظر المفكرين :
تقدم أدبيات إدارة الجودة الشاملة العديد من المداخل التي تعتمد على أئمة الجودة (Guru) الذين يعود لهم الفضل في ظهور حركة إدارة الجودة الشاملة , ومن أشهرهم :
إدوارد ديمنج : Edward Deming :
وهو إحصائي ورياضي أمريكي , عمل بالإضافة إلى اليابان والولايات المتحدة في بريطانيا ونيوزيلندا , وتأسست في عام 1965 جائزة باسمه تمنح لأحسن حركة تميز نفسها في إدارة الجودة الشاملة . وقد أطلق عليه التلفزيون الأمريكي في إحدى برامجه عام 1980 "الأب الروحي للموجة الثالثة في الثورة الصناعية" وقد اهتم Deming بعملية الجودة وتوضيح مسؤولية الإدارة العليا تجاه تحسينها , تلك المسؤولية التي تركز على :
إيجاد أهداف وفلسفة دائمة تتمثل في تحسين أداء الإنتاج والخدمة في المنظمة من أجل المنافسة والبقاء , وهذا يحتاج إلى تفهم واضح والتزام ثابت من قبل الموظفين والإدارة العليا .
البحث بعمق عن مسببات المشكلات , والتحسين المستمر لكل نشاط من أنشطة المنظمة وذلك من أجل تحسين الجودة وزيادة الإنتاجية , وبالتالي التخفيض المستمر للتكاليف .
القضاء على العوائق التنظيمية بين الإدارات والأقسام المختلفة , وجعلها تعمل كفريق واحد لحل المشكلات التي تواجه المنظمة , واتخاذ الخطوات اللازمة لإلغاء الصراع المدمر بين هذه الوحدات .
تبني الفلسفة الجديدة للجودة وتفهمها من قبل الإدارة العليا وكل فرد في المنظمة , تلك الفلسفة التي ترى أن التحسين المستمر في أداء الخدمة ورضا العميل هو الهدف الأساسي للمنظمة .
التوقف عن فلسفة الشراء بناء على أقل الأسعار , واستبعاد الموردين غير المؤهلين , والاعتماد بدلا من ذلك على مقاييس الجودة والأسعار في آن واحد , والتحرك باتجاه مورد واحد لكل صنف اعتمادا على علاقة طويلة الأمد من الثقة والمصداقية .
تأصيل التدريب والتعليم في مجال العمل والإدارة لتحقيق التحسين المستمر للجودة , بالإضافة إلى تحديد ما هو مطلوب من الموردين بالنسبة للمواصفات المطلوبة في السلع والخدمات .
تبني وتأصيل القيادة في الإدارة , بحيث يكون الهدف الأساسي للقيادة هو مساعدة العاملين في تحقيق مستويات أعلى من الإنتاجية , وتحسين الجودة بشكل مستمر .
الابتعاد عن الخوف من التغيير وزرع الثقة وإيجاد مناخ ملائم للإبداع والابتكار , وتشجيع الاتصال من أسفل إلى أعلى وبالعكس لكي يعمل الجميع بأمان واطمئنان من أجل تحقيق أهداف المنظمة .
التخلص من الشعارات والنصائح للقوى العاملة والاعتماد على سياسات أكثر واقعية في تحقيق أهداف العاملين .
إلغاء الأهداف العشوائية والمعايير المبنية على الأرقام التي تطالب بمستويات إنتاجية أعلى دون توفير طرق ووسائل تحقيقها .
إزالة المعوقات التي تحول دون اعتزاز العاملين بعملهم .
تطوير برنامج نشط للتعليم والتدريب والنمو الذاتي ككل موظف لتقديم خدمة ذات جودة متميزة للعملاء .
إشراك ودمج العاملين كافة في المنظمة من خلال العمل كفريق واحد لتحقيق التحول إلى نظام الجودة .
جوزيف م جوران Joseph M. Jurana :
هو عالم أمريكي ولد في البلقان , وهو الآن في التسعينات من عمره , ويدير معهد جوران للجودة , وقد نشر في الخمسينات كتابه المشهور في الرقابة على الجودة Quality Control Hand Book الذي يعتبر مرجعا عالميا في هذا المجال . واشتهر جوران بفكرته الثلاثية (تخطيط , ومراقبة , وتحسين الجودة) , ويرى أنها عمليات عالمية في إدارة الجودة الشاملة.
وركز في كتاباته على ضرورة القضاء على مسألة التبذير والبطأ في أداء العمل والتخلص من دواعي إعادة العمل . ويدعو المنظمات لاتخاذ الخطوات العملية لبدء برامج تحسين الجودة , ويعتبر أن مجلس الجودة هو الخطوة الأولى في جهود تحسينها , وأن التدريب المناسب على برامج تحسين الجودة هو ضرورة إلزامية للمديرين , ويعتبر أيضا أن المصادر البشرية لا تقدر بثمن , وأن جميع العمال فنانون Artisans .
ويرى جوران أن فلسفة إدارة الجودة الشاملة تقوم على تطوير الكفاءة الذاتية ووضع مسؤولية جودة المنتج على الفرد , ويرى أيضا أن تدريب الأفراد على الجودة هي عملية طوعية إلا أنها تعتبر متطلبا سابقا للمشاركة في عمليات تحسين الجودة اللاحقة , وهو يحذر من أن عدم إدراج الجودة في تقييم الأداء يعطي إشارة إلى أنها لها أهمية متدنية . وقد حدد جوران الخطوات التالية لتوجيه برنامج إدارة الجودة الشاملة :
إيجاد ووعي حول الحاجة وضرورة تحسين الجودة .
وضع أهداف للتحسين الدائم .
بناء تنظيم لتحقيق تلك الأهداف يدور حول النقاط التالية : مجلس الجودة , وتحديد المشكلات , واختيار مشروع ما , وبناء فرق العمل , واختيار المسهلين Facilitators .
تدريب كل موظف في المنظمة .
تنفيذ مشروعات لحل المشكلات .
تقديم تقارير تقدم العمل Progress Reports .
الاعتراف بالآخرين .
إيصال النتائج للعاملين .
حفظ سجلات النجاح .
إدخال تحسينات سنوية في أنظمة المنظمة العادية وعملياتها , والاحتفاظ بالزخم وقوة الدفع للأمام .
جـ) فيليب كروسبي : Philip B. Crosby :
يعتبر ممارسا في مجال الجودة أكثر منه أكاديميا , فهو لا يقل تأثيرا في تأصيل حركة الجودة الشاملة عن ديمنج وجوران . ومن أشهر كتبه : الجودة مجانا Quality Free . ويقوم برنامجه في إدارة الجودة الشاملة على التأكيد على المخرجات عن طريق الحد من العيوب في الأداء , ووضع المعايير التي تقيس بالإضافة إلى المخرجات , التكلفة الإجمالية للجودة . واشتهر كروسبي بمبادئه الأساسية في إدارة الجودة الشاملة وهي :
الجودة هي التواؤم أو التوافق مع متطلبات العميل .
تتحقق الجودة بالوقاية أكثر من علاج الضعف .
معيار أداء الجودة هو الأخطاء الصفرية Zero Defects أي إتقان العمل من أول مرة .
تقاس الجودة بالثمن المتحقق من عدم التطابق Non Conformance مع المعايير وليس بمؤشرات معينة .
تطبيق إدارة الجودة الشاملة :البيئة والمراحل
بيئة إدارة الموارد الشاملة :
إن المحرك الأساسي لإدارة الجودة الشاملة هو تحفيز الأفراد للعمل ، وتعتمد هذه الإدارة على مبدأ عدم الخوف من المخاطرة وانتهاز الفرص . وأن تكون الإدارة منفتحة وصادقة مع الموظفين ، وتنشىء قنوات اتصال موثوق بها ، وتكافىء الأفراد وأصحاب الاقتراحات البناءة ، وتعترف بمشاركتهم وتساعدهم في حالة فشلهم.
ويدعو مفهوم إدارة الجودة الشاملة إلى تقبل التغيير والتطور المستمر في المنظمة والحياة ، ويؤكد على الرقابة الذاتية ، وعلى الإبداع من قبل الموظفين ، ويطالب بتعاون نشط بدلاً من مجرد تلقي الأوامر والانصياع لها .
وتأسيساً على ما تقدم يمكن القول أن بيئة إدارة الموارد الشاملة تتصف بالآتي :
معالجة عدم رضا العملاء.
تطوير نمط تعليم وتدريب طويل الأمد.
بناء الفرق ، والعمل مع هذه الفرق ، مما يؤدي إلى تشكيل جماعات عمل موجهة ذاتياً.
تشجيع الانفتاحية والمصداقية والعفوية في الاتصال مع الأفراد ؟، والتحرر من المخاوف ، والتقيد بالماضي.
تقدير الاختلافات في الثقافات منعاً لكل تعصب ، والعمل في ظل هذه الاختلافات بشكل جماعي وموحد لإنجاح جهود إدارة الجودة الشاملة.
إيجاد أجواء من الثقة والاحترام للكرامات الفردية.
الاهتمام بالاتصال الفعال والتغذية العكسية.
الإنصات للآخرين (فقدرة المديرين والموظفين للاتصالات لبعضهم البعض وللزبائن مهمة جداً في بيئة إدارة الجودة الشاملة).
تحليل المشكلات وحلها.
توضيح الأهداف.
حل الصراعات.
تفويض السلطات.
إدارة التغيير.
تشجيع مشاركة الموظفين.
الاهتمام بالرقابة أكثر من التفتيش.
اتخاذ القرارات المبنية على الحقائق.
إتقان العمل من أول مرة ، والتأكد على مبدأ العيوب الصفرية ، والتخلي عن مبدأ وضع مستويات مقبولة للجودة الذي يشجع وجود عيوب في السلعة أو الخدمة.
تطبيق عدد من الأدوات والأساليب الإحصائية أطلق عليها البعض اسم (سلة أدوات وأساليب الجودة The Quality Box).
اعتناق مبدأ ملكية العاملين للمنظمة ومنجزاتها ، مبدأ الإدارة الذاتية.
دور إدارة الجودة الشاملة في القطاع العام.
إن فشل المنظمات الحكومية في مجال تحسين الإنتاجية ونوعية الخدمات التي تقدمها للمواطنين جعل كثيراً منها يسعى باستمرار إلى تبني بعض الأساليب الإدارية التي أثبتت فعاليتها في تحسين الإنتاجية في مؤسسات القطاع الخاص. ومنها وأكثرها حداثة إدارة الجودة الشاملة ، حيث لجأت منظمات القطاع العام لهذا الأسلوب الحديث لأنه يهدف إلى تطوير أداء المنظمات عن طريق بناء ثقافة عميقة عن الجودة ، وتطوير قاعدة من القيم والمعتقدات التي تجعل كل موظف يعلم أن الجودة في خدمة العميل أو المستفيد هي الهدف الأساسي للمنظمة ، وأن طرق العمل الجماعي والتعامل مع المشكلات والتغيير تتحدد بما يدعم ويحافظ على ذلك الهدف.
وهكذا فإن إدارة الجودة الشاملة تعتبر نموذجاً طموحاً وأسلوباً شاملاً للتطوير التنظيمي يعتمد على بدائل واختيارات تعطي الفرصة لمنظمات القطاع العام لزيادة إنتاجيتها وتحسين الجودة في أدائها وزيادة قدرتها التعاونية ومكافأة الأداء الفردي المتميز . وخاصة أن العديد من الكتابات والأبحاث أشارت إلى إمكانية تطبيق هذا النموذج في القطاع العام.
مراحل التطبيق :
يمر تطبيق إدارة الجودة الشاملة بالمراحل الأساسية التالية :
الإعداد (التحضير) Preparation :
وهي المرحلة التي يقرر فيها كبار المديرين عزمهم على الإستفادة من مزايا إدارة الجودة الشاملة ، وخلالها يتم إعداد المديرين وتدريبهم لإكسابهم الثقة بالنفس، وعدم الخوف من التغيير. وتتطلب هذه المرحلة من مديري المنظمات تنظيم أنفسهم للسعي نحو الجودة كوسيلة لرضا العميل والحصول على مزايا تنافسية.
وعلى مديري المنظمات الذين ينوون القيام بمبادرات الجودة الشاملة أن يكون لديهم الوقت الكافي لزيارة الشركات والمؤسسات التي تطبق إدارة الجودة الشاملة، خاصة أن هذه المنظمات غالبا ما يكون لديها الرغبة للتحدث عن تجاربها، انها في كثير من الأحيان تتفاخر بإنجازاتها في هذا المجال، وهذا يتطلب الجلوس مع أولئك الذين طبقوا إدارة الجودة الشاملة بنجاح للتعرف على تجاربهم كيف بدؤوا ، وكيف تعرفوا على عملائهم، وكيف مكنوا موظفيهم وفرقهم من تلبية احتياجات العملاء، وماهي الأخطاء التي ارتكبوها والدروس التي تعلموها،وفي هذه المرحلة يتم اعادة الإستعانة بمستشارين من خارج المنظمة لمساعدة الإدارة العليا على إقرار التطبيق ، ويصدر قرار بتوفير الموارد اللازمة للتنفيذ.
التخطيط Planning :
توضع في هذه المرحلة الخطط التفصيلية لتحسين الجودة والخدمة بلغة سهلة مفهومة للجميع، ويتم اختيار أعضاء المجلس الإستشاري والمنسق facilitator (المسهل) الذي يكون مسؤولا عن ربط الأنشطة التعاونية وتسهيل عمل الفرق، ثم يلي ذلك تدريب المجلس الإستشاري والمنسق على مبادئ ومتطلبات إدارة الجودة الشاملة.
وفي أول اجتماع للمجلس الإستشاري تتم الموافقة على هذه الخطة عقب مناقشتها من الجميع ويختار الاستشاري استراتيجية التنفيذ ، ويحدد المشكلاتالتي قد تتعرض لها فرق العمل، التي يتكون كل منها من (4) إلى (8) أفراد تكون مهمتهم دراسة العمليات التنظيمية،والتوصل إلى أفضل الوسائل لتحسينها.
وجزء من الاستعداد لتطبيق إدارة الجودة الشاملة، هو تقرير ما اذا كان التطبيق يشمل المنظمة بالكامل أو إحدى الإدارات أو أكثر، ومن الواضح أن تطبيق إدارة الجودة الشاملة على نطاق واسع في منظمة كبيرة هو المفضل عادة، وهذه الطريقة تتطلب وقتا ومالا وأشخاصا مدربين بشكل كاف.
وفي هذا المجال، فإن وضع خطة استشارية وتطبيقها من قبل أصحاب الخبرة في المؤسسة والمستشار المتخصص في تنفيذ هذه البرامج يتم من خلال أربعة مداخل أساسية، هي :
مدخل من أعلى الى أسفل.
مدخل الأفكار الجيدة للعاملين.
مدخل اقتراحات العملاء.
مدخل الخدمات الإدارية التي تدعم الإنتماء للمؤسسة.
وبالنظر الى ما يترتب عادة على تطبيق إدارة الجودة الشاملة من تغيير، وما يتوقع أن يصادفه هذا التغيير من مقاومة فإنه يجب على الإدارة أن تكون متأهبة لمواجهة المعارضة على كل مستوى وأنتكون على علم ومعرفة بأنه من الصعوبة تغيير مفاهيم الناس بين ليلة وضحاها ، ويمكن في هذه الحالة الإستعانة بالتدريب لمواجهة المقاومة قبل أن تحدث، كما أن السياسة الجيدة يمكن أن تقنع الجميع بمزايا تطبيق إدارة الجودة الشاملة.
وإذا كان التخطيط من أهم وظائف الادارة، وهو المدخل السليم لتحديد أهدافها الرئيسية وسبل تحقيقها من بين الطرق البديلة فإن التخطيط لإدارة الجودة الشاملة يجب أن ينظر إليه على انه عملية تتم من الأعلى للأسفل ومن الأسفل إلى الأعلى، ويجب أيضا أن يحظى بدعم ومساندة الإدارة العليا والتزام الإدارة والموظفين في المنظمة بتنفيذ الخطة.
وعند وضع أي خطة لتطبيق إدارة الجودة الشاملة يجب أنتناسب هذه الخطة ثقافة المنظمة واحتياجاتها، لأن ما يناسب منظمة ما قد لا يناسب منظمة أخرى، أي يختلف تطبيق إدارة الجودة الشاملة بإختلاف أهداف المنظمة وطبيعة عملها وحجمها والتكنولوجيا المستخدمة ، فالخطة قد تكون طويلة أو قصيرة الأمد، ولكنها بالنتيجة يجب أن تكون حافزا للعمل وغالبا ما يتضمن التخطيط لإدارة الجودة الشاملة مسح العملاء والتعريف بهم، وبناء فرق العمل لحل المشكلات، والتقييم الكامل للمنظمة، والمشاركة المباشرة للموظفين من أجل توجيه الجهود نحو :-
بناء ثقافة تهدف للتحسين المستمر في عمليات المنظمة.
توفير خدمة ذات جودة عالية للزبائن الخارجيين مما يوازن مقاييس ومعايير المنظمة مع توقعات العملاء.
الاتصال البناء مع العملاء الداخليين من أجل المشاركة في المعايير ذات الفعالية العالية.
خطوات التخطيط للجودة :
يلخص جوران Juran خطوات التخطيط للجودة في السلع والخدمات بما يلي :-
تحديد أهداف الجودة : وتتضمن هذه الأهداف أهدافا رئيسية تنبثق من كل منها أهداف فرعية ينبغي العمل على تحقيقها حتى تتحقق الأهداف الرئيسية.
تحديد العميل : ويقصد بالعميل كل من يتأثر أو يؤثر في اهداف الجودة، والمستهلك هو أهم عميل يتأثر بها، ويؤثر فيها الموردون من العملاء الخارجيين ،وكذلك المنتجون من العملاء الداخليين.
تحديد احتياجات العميل : ان أن لكل عميل احتياجات فيما يتصل بالجودة ينبغي توفيرها، وهذا هو المعيار الرئيسي للجودة.
تحد
Source : بحث كامل عن إدارة الموارد البشرية.