إصحَ يا ولد * طلعت شناعة
رجعنا للمدارس ورجعت « حليمة « مين حليمة ، لعادتها القديمة.
رجعنا للاستيقاظ المبكر، وليس من باب النشاط ولكن لأن « أخاك مجبر لا بطل «. وما أكثر ما يجد « أخوك نفسه مجبرا لا بطلا».
بدأنا أمس بإجراء « بروفات « لايقاظ الصغير الذي صار في الصف الأول.
المحاولات الثلاث فشلت. حاولت إغراءه بتجهيز الحليب وللدقة « الكابتشينو « كما يحب أن يسميه ، يرحم سيده اللي كان يشرب الحليب بالشوكة. لكن الطفل بقي نائما غارقا في أحلامه. شربنا القهوة وطلبت من زوجتي أن توقظ « دلوعها « على طريقتها قبل أن « أُعصّب « عليه. نادته: حبيبي إصحى.
أبدا الولد لا حس ولا خبر.
تذكرتُ أيام صحونا القديمة، عندما كان الوالد يوقظنا بالضرب وبقلب الفرشة على رؤوسنا وأحيانا كانوا يدلقون علينا « سطل ميّ» «.
ولم يكن بُدّ من تدخلي كأب يناظر الساعة ويحسب عمره بالثواني واللحظات. كشفت الغطاء عنه وحملته بين يدي و.. ع الحمّام. أي أنني وضعته تحت الامر الواقع ـ عشان يتعود على الأمر الواقع بدري بدري ـ.
طبعا صاح وأعلن تمرده وعصيانه المدني. لكنه بدأ يلين بعد أن تأكد أنني واقف له بالباب.
انتهينا. لكنه مارس الدلال وكان يتلكأ.مرة بالبحث عن الحقيبة المدرسية الجديدة. ومرة بالسندويشة ومرة بالفلوس ـ المصروف ـ . وبعد ان أعيته الحيل. طلب أن يرى الجوّ. ففتحتُ له الستارة ليدخل ضوء الصباح جميلا مع نسمة خجولة يبدو أنها أسرت قلب الصغير، فاستسلم لها وأخذ يرتدي ملابسه تحت وطأة التهديدات الأبوية الحاسمة.
وإمعانا في التمرد رفض الولد تناول إفطاره واكتفى بتناول حبة شوكلاته. ومضينا الى المدرسة لنجد وجوها مبشرة مبتسمة. قلنا ل « المسّ «: ديري بالك على الولد. ردت بابتسامة : في عيوني. وانتبهتُ الى خيط الكحل الذي يحيط بعينيها السمراوين. ولا أُخفيكم أنني شعرتُ بالاطمئنان على الصبي.
كانت المدرسة تعج بالرجال والنساء ممن جاءوا بأولادهم الذين من المؤكد انهم « تمردوا « ورفضوا الذهاب الى المدرسة. فكان لا بد من « جلبهم مخفورين «، وعلى طريقة « تسليمهم باليد « كي لا يفلتون من طلب العلم.
مؤكد ان الأُمهات سوف يشعرن بالسعادة بعد أن اختفى الأولاد والبنات وصار بمقدور « أُم عادل» أن تزور جارتها وتشرب معها القهوة وتمارس معها النميمة بكل ارتياح !!