اوكرانيات ( 4) * طلعت شناعة
كنتُ أحرص على ممارسة رياضة المشي أو « السّنكحة» في اوكرانيا. سواء الصباحية او المسائية. وانا عادة ما أخرج من الفنادق حتى لو كانت 7 نجوم والبحث عن المدينة وناسها من خلال الشوارع العتيقة والقديمة وما يسمى « قاع المدينة».
وفي المدن الاوكرانيا التي زرناها ، لاحظتُ ان المرأة تقوم بدور فاعل لنفسها وللمجتمع. فقد رأيناها تكنس أطراف الشوارع في الصباح وتنظفها من اوراق الشجر المتساقطة. كما رأيتُ النساء يعملن في كل الوظائف ومنها وظيفة «كونترول» في الباصات و قطارات «المترو». فبعد أن دعانا الطالب الاردني حمزة الطراونة ( انا والفنان يوسف الصرايرة ) الى عشاء في أطراف مدينة «فينيتسيا» التي يدرس فيها الطب، وخلال عودتنا بالمترو، وكانت الساعة منتصف الليل ، لاحظنا ان الكونترول «سيدة» وليس رجلا بشوارب كثّة ـ كثّة وأخواتها ـ ، وناولها حمزة القليل من القروش الاوكرانية، ثم تابعنا سيرنا الى وسط المدينة لنرى النساء في كل مكان. فمرة هي العاشقة ومرة المتأبطة ذراع خطيبها او زوجها ومرة هي الفتاة الساحرة التي تسير بمفردها بكل ثقة وبما تيسّر من الملابس.
وفي الشقة التي سكناها في العاصمة «كييف» ، كان المسؤول عن العمارة «سيدة» كبيرة وضخمة وبالكاد وسعتها الغرفة التي تجلس فيها تراقب القادمين والخارجين ولعلها صاحبة الشقق المفروشة. ولكنها صامتة لا تتدخل بأحد.
وفي « البازار» الذي يقع قبالة كلية الطب في جامعة فينيتسيا، كان معظم البائعين للخضار واللحوم والعسل والفواكه والجبنة والالبان من النساء. وكذلك في أسواق بيع الملابس والحقائب.
المرأة الاوكرانية ـ والغربية ـ عموما تعمل. والاوكرانية رشيقة ومتحركة بكثرة ولهذا تجد سيقانها ممشوقة وهي تسير مثل الغزال بكل بساطة واناقة. بل أن أحد ـ الخبراء او الخبثاء ـ قال لي ان المرأة العاشقة حين تخرج مع صديقها تفضي الوقت في الركض والمشي وليس الجلوس في مكان واحد، ولهذا هي رشيقة.
وبحكم مشكلة اللغة الاوكرانية التي لا اجيدها واللغة العربية التي لا تجيدها المراة الاوكرانية ، كان التفاهم بيننا عبر الاشارات وكما يقول عبد الحليم حافظ «بالهمس .. بالنظرات وبالصمت الرهيب».
ولاحظتُ أن المرأة الاوكرانية هادئة ولا تعرف « الزعيق» والكلام بصوت مرتفع بحيث يشعر من يسمعها او يتحدث معها ان هناك.. كارثة .!!.