رحمة... وورطة
هطلت الليلة قبل فترة على مناطق متفرقة من الدولة أمطار غزيرة لم تستغرق مدتها متصلة أكثر من نصف ساعة في العديد من تلك المناطق، ولكنها كانت كفيلة بقلب الأوضاع بصورة مؤلمة. كان الناس يتبادلون التبريكات بمناسبة الرحمة التي جاد بها الرحيم على الأرض العطشى، وبدد الغيث الغبار والطقس المغبر الذي غلف أجواءنا خلال الأيام الثلاثة السابقة على جود المزن. ومع التبريكات المتبادلة كان الأسف والحسرة على ضعف الاستعدادات والتجهيزات التي ظهرت في مناطق من دبي والشارقة وغيرها من الأماكن، بعد أن غمرت المياه الشوارع والدوارات والأحياء السكنية في مشاهد لم يكن البعض يتصور أن تظهر عندنا، ولا سيما مع التصريحات الرنانة والوردية التي تطالعنا بها وسائل الإعلام لمسؤولي البلديات، ويؤكدون فيها أنهم استكملوا التجهيزات ووفروا الخدمات الأساسية للبنى التحتية. ولكن أمطار الرحمة هذه تضعهم في ورطة حقيقية لأنها تكشف عدم وجود تجهيزات أو استعدادات. من كان يتصور أن يقطع شارعاً واحداً من شوارع منطقة القراين في الشارقة على سبيل المثال في أربع ساعات أو ينفق مثلها عند دوار “ناشيونال” للوصول إلى منزله بسبب المياه التي لم يحسب لها حساب الخبراء والاستشاريون الذين خططوا وصمموا طرقنا، واعتبروا أنها في بيئة صحراوية لا تعرف الأمطار، وبالتالي لا تحتاج شبكات للتصريف، وإن أقاموا بعضها على استحياء في شوارع وطرق رئيسية، لم تلقى العناية المطلوبة من صيانة ومتابعة، وعندما تأتي الحاجة إليها تكون قد سدتها الرمال والأتربة.