المتتبع للتصريحات والقرارات المتتاليه لرئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت وبعض وزراءه وقرارات مجلس الوزراء الاخيره يدرك أن المستحيل الذي فرضته الحكومة السابقة برئاسة سمير الرفاعي أصبح الآن متاحاً وممكناً وربما حقاً مشروعاً بين ليلة وضحاها.
حكومة الرفاعي الأخيرة وضعت "رجلها بالحيط" وقاتلت وناضلت وكافحت ونافحت وفضت اعتصامات واعتقلت ما أمكن من قادة عمال المياومة في وزارة الزراعة ، واستهلكت جهد مئات من رجال الأمن وقوات مكافحة الشغب رافضة أي حل لتثبيت هؤلاء العمال ... واستغرق هذا الأمر بين كر وفر من حكومة الرفاعي أشهراً طويلة استنزفت معه وسائل الإعلام الداخلية والخارجية في محاولة لتشويه صورة هؤلاء العمال وتصويرهم على أنهم "زعران" حين اشتبكوا مع الأمن هم وعائلاتهم أمام وزارة الزراعة ، وبالتالي خسرنا جميعا وتم تشويه صورة الوطن ، ثم نفاجئ بعد ذلك وبكل بساطه ان وزير الزراعة الجديد سمير حباشنة اختصر هذه المعركه باعلانه أمس انه تم التوقيع على قرار عودة عمال المياومة إلى أماكن اعمالهم السابقة .
الله اكبر... تخيلوا ما اتحدث عنه 00000 ألم يكن بإمكان حكومة "صناعة الأزمات" السابقة اتخاذ مثل هذا القرار كي تجنبنا كل تلك الاعتصامات والاعتقالات والمظاهرات والمسيرات والدماء الأردنية التي سالت ؟؟
وبعد كل هذا ألا يحق لنا أن نحاكم رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي بتهمة تأزيم الوطن وشحنهم ضد مرجعيات عليا.
قضية اخرى للنقاش...في الحكومة السابقة ايضا ... قامت الدنيا ولم تقعد لدى معظم معلمي المملكة .. اعتصامات في جرش واضطرابات في الطفيلة وتمرد في الكرك ومسيرات في عمان واحتجاجات في إربد وشغب في معان وغضب في السلط وتعطيل للمدارس وتشريد لآلاف الطلبة في شوارع المحافظات بعد استنكاف معلميها عن التدريس عقب مطالبتهم بحق من حقوقهم وهو إنشاء نقابة للمعلمين.
الحكومة بقدها وقديدها رفضت الفكرة وحشدت أجهزة الأمن لتفريق قادة لجان المعلمين واستنفرت مطبليها من كتاب أعمدة الصحف اليومية التي لم تعد تقرأ إلا من كاتبيها، وكل ذلك من أجل إجهاض فكرة النقابة.
قامت الدنيا ولم تقعد وخسر الأردن من رصيده الديمقراطي المشرف خارجياً الشيء الكثير، وخسرنا معه مئات الالاف وربما ملايين جراء تعطل حركة السير، والمدارس التي تحطمت أجزاء كبيرة منها واستنفرنا كالعادة الأجهزة الأمنية التي تسلحت بالهراوات لفض هذه الاعتصامات ، لنفاجئ بأن الحكومة انطلقت من رفضها لإنشاء النقابة بأنه أمر غير دستوري.
ازدادت بعده وتيرة الغضب حين شتم وزير التربية السابق شرفاء المعلمين، فأصرت الحكومة على عنادها وحاولت شق صفوف المعلمين بكل الوسائل .. ترهيب... وترغيب ..وإغراءات... وتهديد .
المهم أن تبقى قضية انشاء النقابة في بوتقة المحرمات الأردنية خوفاً من تحكم الأخوان المسلمين بقيادتها " هكذا قالوا " .. وبطبيعة الحال كانت التهمة جاهزة "هذول بتحركهم جهات خارجية" .
بين ليلة وضحاها تبدل الموقف ... حكومة جديدة .......استهلت تشكيلتها بتصريحات حكومية نشرت بتاريخ 13/2/2011 أعلنت فيه موقفها الداعم للسير نحو انشاء نقابة للمعلمين تعنى بالارتقاء بأوضاع المعلمين وصيانة حقوقهم وتطوير مهنة التعليم في المملكة.
الله أكبر ... قبل أيام كان الحديث عن انشاء نقابة للمعلمين غير دستوري في حكومة الرفاعي والآن أصبح كل شيء ممكناً ومتاحاً وحقاً للمعلمين .. وأعود وأكرر "دعوني هنا أشد شعري قليلاً وان كان الزمن قد أخفى نصفه لظروف خارجه عن ارادتي"... ألم يكن بإمكان الحكومة السابقة اختصار كل هذه الأزمة والتمرد والعصيان والغضب الذي ادمى قلوبنا جميعاً كي تنظر في مطلب انشاء النقابة .. ألا تتفقون معي أن الحكومة السابقة ورئيسها تحديداً يجب أن يحاكم بتهمة تأزيم الدولة الأردنية؟؟
الأمر الثالث الذي سأتحدث عنه .. هو التأزيم الذي نشب بين الاعلام من جهة وحكومة الرفاعي من جهة أخرى، والمضحك هنا ان الحكومة السابقة حين أقرت مدونة السلوك الإعلامي وحجبت المواقع الالكترونية استنفرت كل رجالاتها في الصحافة اليومية وكتابها الاشاوش ليدافعوا عن قراراتها... وبطبيعة الحال بدء هؤلاء تمجيد قرارات الحكومة لأنهم ببساطة لا يملكون غير ان يمجدوا لأنهم "تبع الحكومة" كما يقال.
مرة اخرى قامت الدنيا ولم تقعد ونشبت حرب كلامية وإعلامية بين المواقع الالكترونية وحكومة الرفاعي وصلت حد كسر العظم ، ورفضت الحكومة كل انواع الحلول الوسط واستمرأت بالظلم حين أقرت قانون جرائم أنظمة المعلومات الذي احتوى على مواد مقيدة للحريات العامة واضعة "رجلها بالحيط" .
هذا القرار ايضا ساهم الى حد كبير في تشويه سمعة الاردن الخارجية وانخفض بعده منسوب الحرية على جميع مقاييس الحريات الإعلامية العالميه ولم تصغي الحكومة لكل البيانات الدوليه التي نددت بقراراتها، ثم وبكل بساطة تأتي حكومة البخيت فتقرر إلغاء حظر المواقع الالكترونية عن مؤسسات الدولة ويعلن بعدها وزير الاعلام طاهر العدوان أن الحكومة تدرس حالياً إلغاء مدونة السلوك الاعلامي وتنظيمها لصالح الصحفيين الذين سرح كثير منهم عقب اقرار المدونه من أعمالهم وخسرت مؤسسات صحفية عشرات الآلاف جراء انقطاع الاعلانات والاشتراكات ... ثم تأتي هذه الحكومة بكل بساطة لتلغي كل تلك القرارات المثيرة للجدل .
وأعود للقول.... هل كان من الضروري أن تخلق حكومة الرفاعي كل هذه الأزمة التي جرعتنا الويلات على المستوى الداخلي والخارجي.
الطريف في القضية ايها الاخوه أن "غوغل" حفظه الله ورعاه يحتفظ حتى الآن بتصريحات لصحفيين أيدوا مدونة السلوك وايدوا قرار حظر المواقع الالكترونية عن مؤسسات الدولة بحجة أن الدولة تخسر جراء استمرار مشاهدة موظفيها لتلك المواقع 75 مليون دينار شهرياً .. والان نسمع ونقرأ بكل وقاحه تصريحات لذات الصحفيين يهللون بقرارات الحكومة الجديدة ويعتبرونها نصراً لحرية الصحافة بعد أن اوغل هؤلاء أنفسهم في قدح الصحافة الالكترونية وتصويرها على أنها خنجر في خاصرة الوطن .
ألم نكن أيضاً بغنى عن دخول هذه المعركة مع حكومة الأزمات الوطنية لو أن رئيسها "وضع تقوى الله أمام عينيه"
بالمناسبه أتمنى أن يحاكمني دولته على هذه الجملة تحديدا كي أثبت امام القضاء مصطحبا مئات الشهود صحة هذه التهمه .
يا الله...كم أن هذا الوطن بحاجة إلى مخلصين يعملون فقط له ومن أجله ...
يا الله... كم أن هذا الوطن بحاجة إلى عشاق لا يذكرونه فقط الا بعيد العشاق كي يهدونه وردة حمراء ثم ينسون فضله عليهم طوال السنة.
يا الله... كم أن هذا الوطن بحاجة إلى ولاء لا ينتظر منه الموالي مصلحة شخصية أو منصباً يلهف من وراءه ملايين الدنانير على حسابنا.
ألم أقل لكم أنني أكره اؤلئك الذين ينظرون للوطن على أنه كعكة يجب أن يتقاسمونها هم وأبناءهم ... وللحديث بقية.
الكاتب: مؤسس موقع سرايا
رئيس اتحاد المواقع الالكترونيه