ِ((هباء منثورا ))
القمر يدور أو الأرض تدور مسالة غير جاد في فهمها ، لكنه القمر بلونه المضيء - كان هلالا – إذ شدني ذلك البهاء والصفاء وفجر في راسي أسئلة كثيرة وبعد ان استراح قليلا من الوقت رحل دون اذن واختفى خلف بيت جارتنا وكأنه يفتش عن حبيب بأوصاف خاصة مثلي ...
وظل قبالتي ضوء مصباح عمود كهرباء بلونه البرتقالي المصفر ... غير المريح للعين قد يكون مريضا ... أو متعبا من كثرة ما يرى مثل الورود والزهور المشنوقة على درابزين شرفتنا المطلة على الشارع ...
أوراقها ذابلة ومصفرة رغم العناية الفائقة من الزوجة والبنات ...
سقطت يدي على شجرة ورد كانت بجانبي تحسستها ... وابتسمت ... الورد حارس أحلامنا وكاتم أسرارنا ... وأنا كالقمر مازلت ابحث عن
إنسان لا يخون...
أو نافذة لاتخون
أو مرآة لاتخون
أو ارض لاتخون
او حتى قطة لا تخون
قرع الجرس ... جاءت ابنتي لتخبرني إن جارنا أبا عدي يريدك ...
فتحت الباب ... نزلت السلم إلى الباب الخارجي صافحني بحرارة ثم قال لي : الجيران سيذهبون لتعزية أبي خليل التاسعة والنصف
- قلت مندهشا ولم التاسعة والنصف !
- يا رجل ألا تعلم ؟؟
- وعن أي شيء تتحدث ؟
- المسلسل التركي ...
- وأي مسلسل تركي
- النقاش معك ...غير مجد ياصديقي
بصراحة نريد أن نعزي الرجل بوفاة زوجة ابنه ثم نعود لمتابعة المسلسل قبل العاشرة .
- آه ... مبتسما ... فهمت .
وبعد أن عاد أبو نزار من العزاء ...مهموما من تصرفات جيرانه
دخل البيت مثل قنبلة موقوتة لم يجد البنات ...
سال زوجته : بحدّه
قالت له : إنهنّ في غرفتهنّ - باستغراب –
( ترك زوجته تتحدث ... وذهب لغرفة البنات دق الباب ثم دخل ... فوجد بناته تتابع المسلسل بشغف كبير )
أغلق باب الغرفة ثم عاد لزوجته متبرما سائلا إيّاها : كم رقم الحلقة اليوم يامدام
فأجابت الزوجة : المئة والعشرون .
- الله اكبر ... مئة وعشرون! - باستغراب -
ثم تدارك الأمر ... انه مسلسل ضخم ... قد يصل لمئتي حلقه ...
(فعلا أنا شخص غبي ...)
واني اقدر إصرار الجيران على متابعته...
أتعرفين يا اعتدال :
لقد ذهب من عمري مئتي يوم هباء منثورا
رشاد ردّاد