لصوص حليب الأطفال * يوسف غيشان
قبل أكثر من ثلاثة عقود كانت مارغريت تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية اللاحقة وزيرة للتعليم في بلادها، وقامت بخطوة سيئة آنذاك بإلغاء وجبة الحليب المجانية التي كانت توزع على أطفال المدارس، تحت حجة ضبط النفقات، وقد سمتها صحافة البريطانية (سارقة حليب الأطفال) وهو لقب ظل يلاحقها حتى وهي تتربع على عرش رئاسة الوزراء في بقايا الإمبرطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس.
تذكرت هذه القصة وأنا أقرأ على المواقع هذا الأسبوع بأن الحكومة قد خفضت برنامج التغذية المدرسية – الذي كان موقوفا أصلا منذ 3 سنوات- ليشمل اقل من ربع الطلبة المشمولين سابقا، تحت حجة عدم وجود ميزانية كافية .
- تجد الحكومة ميزانية كافية لـ(دعم النواب) وتوزع عليهم الشيكات كما توزع حبات التمر ...
- وجدت الحكومة الأموال اللازمة لتغطية الأموال التي كانت تجبيها من رفع اسعار المشتقات البترولية ، بعد أن حدت حركة الشارع من قدرتها في هذا الملف.
- وجدات الحكومة الأموال اللازمة لكذا ومذا وكيت ......... ولم تتردد!!
وعندما وصلت الأمور الى حليب الأطفال في المدارس الحكومية الأقل حظا ، قطعت الحكومة يدها وشحدت عليها.
كانت شقيقتي معلمة في مدرسة إبتدائية حكومية لا تبعد عن مدينة مادبا أكثر من 6 كيلومترات ، وكانت تتحدث لنا قبل سنتين او ثلاث عن جوع وفقر لم يصلنا مثله بداية الستينات - مع اننا كنا من عائلة فقيرة فعلا- كانت تتحدث عن طالبات يغبن عن الوعي في الصف ، لتعرف بعد ذلك ان الطالبة او الطالب الابتدائي هذا لم يذق الطعام – أي طعام - من يومين .
الأمور حاليا ، بالتأكيد اكثر تعقيدا من قبل ، والجوع بالتأكيد صار اكثر .
لا بأس ..فليأكل اطفالنا الجوعى البسكويت يا حكومه!!