عندما نام العالم مغناطيسياً * رمزي الغزوي
كان البعض يعتقد أنه إذا أردت أن تخدع الكلاب، وتجعل نفسك قوياً مهاباً، وتمنعها من النباح عليك، رغم أن نباحها لا يقدم ولا يؤخر، فاحمل بيدك لسان ضبع، وبذلك تخشاك الكلاب وتلوذ منك، وتنسل هاربة لا تلوي على شيء!!.
أما كيف تستطيع أن تحصل على لسان ضبع، فمن المؤكد أنه عليك أن تصطاد ضبعاً كبيرةً (الضبع أنثى، والذكر ضبعان)، ولا تخف، فليس هناك أسهل من اصطيادها وسل لسانها، ولكن سيتعين عليك أولاً أن تعرف أين تنام الضبع، وتخبر وجارها (الجحر الذي تسكنه)، وتحدد وقت دخولها إليه، ثم عليك أن تقرب هذا المكان، وتبدأ بالضرب على الأرض ضرباً منتظماً، وهذا الضرب كان يسمى (اللدم)، وعليك أن تردد بنبرة موحدة: خامري أم عامر، خامري أم عامر. وأم عامر هي كنية الضبع، كما تعلمون.
بالطبع فالضبع ستنام على إيقاع الضرب المنتظم، مما يؤهلك أن تدخل الوجار، وتربطها من قوائمها، وتكبل فمها، وتسحبها إلى الخارج، حيث تأخذ لسانها، وتعلقه (ميدالية)، تمنع عنك كلاب العالم !!.
على مدار العشرة سنوات السابقة بات العالم مخدوعاً بخدعة واحدة فقط، هي الإرهاب ومكافحته، فأمريكا بعد الحادي عشر من أيلول2001 شهرت في وجه الكرة الأرضية سيفاً باتراً، واستطاعت أن تخدع الآخرين ليس بكيس ماء، وبلسان ضبع، وبلدم على الوجع، وبتربيت على العيون، ولكنها اتخذت خداعة الهجوم من أجل الدفاع، فهي لا ترى الإرهاب إلا في الآخرين، وتتغاضى عن إرهابها لهم، ولهذا فهي لن تهدأ قبل أن يفر العالم، ويسكن لسكينها، ويقبل أن ينتعل نعلا جديداً للدراسة والفلاحة، من أجل مزيد من المكتسبات، تصب في خزينتها!
هذا العقد من السنوات العجاف مر على العالم بعد أن استيقظ على كابوس 11 أيلول بانهيار البرجين، عشر سنوات قد لا يأتي بعدهن عام تغاث فيه الناس، أو فيه يعصرون من خيرات الأرض، إلا من دمائهم الرخيصة، بل نحن مرشحون أن عقودا أخرى تمتد كما يشتهي الحلم الأمريكي الطويل نحو بقرات هزيلات، يأكلن بقر العالم هزيله وسمينه، أو نحو سنبلات يابسات، يسحقن سنابل الناس الخضر: فأي كابوس كان؟!.
والآن، وبعد هذه السنوات المنهوكة بالحروب، والتي افتتحت قرناً مصبوغ من مطلعه بالدماء والعناء، هل صار العالم أكثر أمناً من ذي قبل؟؟!، وأكثر انضباطاً وأقل بلطجة؟!!، أم أن العالم الذي دخل في نوم مغناطيسي لن يعود لصحوه إلا بعد أن تذبح كرة الأرض من وريدها لوريدها عشرات المرات، ولن تستيقظ إلا على كابوس آخر؟!.