الكمال لله وحده:
الذي يطلب مِن الناس الكمال والسلامة مِن كلِّ عيب ونَقْص، فقد طَلَب المحال، ورام المستحيل.
وإذا نظرْنا إلى الناس من خلال حسناتهم وفضائلهم، فإنَّا نجد خيرًا كثيرًا، وإذا أردنا أناسًا مبرَّئين من العيوب - أيًّا كان نوعها - فذلك مما لا يُمكن.
ولكن الذي تغلب عليه صفةُ الخيِّرين فهو فاضل، والذي تغلب عليه صِفةُ الشرّ، فهو سيِّئ.
وواجبُ الإنسان أن يحرِص على الدعوة للحقِّ، والتنفير من الشرّ، والترغيب في الخير، وأن يسعى لهداية الناس بقدر استطاعته ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33].
ولو أنَّ المرء لم يتغاضَ عن زلاَّت إخوانه، وهفوات أصدقائه، ولم يبحثْ عن مَخْرَج حسن لكلمات قد تكون محتملة للإحسان والإساءة - ما دام يَجِدُ للظنِّ الحسن محملاً - فإنه سيجد نفسَه وحيدًا، لا صديقَ له ولا رفيق ولا صاحِب، ويرى أنه خَسِر في مجال الإرشاد والنصيحة، والموعظة الحسنة أضعافَ ما كان يحسبه رِبحًا بالتشدُّد والقسوة، ورَوْم الكمال.