|
ضريبة المبيعات على السلع والخدمات تعيد رواتب الموظفين للخزينة
يوسف محمد ضمرة
عمّان- أكد خبراء ومحللون اقتصاديون أن تراجع بند الرواتب والأجور للمساهمين في إنتاج الخدمات الحكومية شهد خلال السنوات الماضية انخفاضا ملحوظا، ما أدّى إلى تراجع القدرة الاقتصادية والمستوى الاجتماعي للطبقة الوسطى في المجتمع.
وطالبوا بضرورة إعادة هيكلة بنود الموازنة بحيث تسمح بتعديل الرواتب، مؤكدين على أن ضريبة المبيعات المفروضة على أغلب السلع والخدمات تعيد الرواتب التي تدفعها الحكومة للموظفين مرة أخرى للخزينة.
وقال خبير إحصائي رسمي إن بند الرواتب والأجور الوارد ضمن مساهمة منتجي الخدمات الحكومية في الناتج المحلي الإجمالي، شهد خلال السنوات الماضية تراجعا بشكل ملموس، ما يؤثر سلبا على الطبقة الوسطى في المجتمع.
وأوضح الخبير، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الحكومة السابقة بعد ملاحظتها تضاؤل حصة الرواتب في بند منتجي الخدمات الحكومية لجأت إلى زيادة رواتب القطاع العام بنحو 50 دينارا، في خطوة استهدفت حماية القدرات الشرائية للمواطنين في القطاع الحكومي.
إحصائي: نمو الاقتصاد الوطني في السنوات الماضية لم ينعكس على الشرائح الاجتماعية
واستطرد الخبير بأن "السنوات الماضية شهدت تحقيق الاقتصاد الوطني معدلات نمو جيدة لم تنعكس على مختلف الشرائح الاجتماعية ما دفع الحكومة حينها لعمل سلسلة من الإجراءات لحماية بعض الطبقات وكان منها زيادة الرواتب".
وتابع الخبير قائلا "تم كذلك رفع الحد الأدنى للأجور العام الماضي، من 110 دنانير إلى 150 دينارا؛ بهدف حماية طبقة العاملين في المجتمع".
وخلص الخبير إلى "أن زيادة الرواتب كان لها أثر إيجابي في حماية الطبقة المتوسطة، مبيّنا أن إجمالي القيمة المضافة للرواتب تقل مع الوقت".
وتظهر أحدث الإحصاءيات أن نسبة المشاركة الحكومية في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، ضمن بند منتجي الخدمات الحكومية، يحوم حول 13% في المعدل، والتي تمثل النفقات التي تحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
وتشكل تلك النفقات التي لا تتعدى كونها سدادا لمتطلبات والتزامات متعددة كرواتب الموظفين ومخصصات التقاعد، التي تبتعد عن تحقيق قيمة اقتصادية مضافة يمكن تسجيلها كنمو حقيقي.
الكتوت: هناك ضرورة لإعادة هيكلة بنود الموازنة بهدف تعديل الرواتب
من جهته قال الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت إن الطبقة الوسطى تآكل جزء كبير منها وتتجه نحو الفقر ما يفاقم معاناة العديد من المواطنين؛ نتيجة تضاؤل قدراتهم الشرائية.
وبيّن أن تراجع الدولار (الذي يرتبط به الدينار) أمام العملات الرئيسية وخلال العامين الماضيين بنسبة 35%، ما أثر سلبا على مداخيل القطاعين العام والخاص.
وأوضح الكتوت أن العجز الكبير في الموازنة العامة للسنة المالية الحالية، يجعل من الصعوبة زيادة رواتب القطاع العام، مشيرا إلى أهمية إعادة هيكلة بنود الموازنة بحيث تسمح بتعديل الرواتب.
وأضاف "إن إعادة هيكلة بنود الموازنة أمر ممكن من خلال ترشيد ضبط النفقات في بعض البنود غير الضرورية كالنفقات الرأسمالية التي تحتوي 500 مليون دينار جلّها يذهب كاستملاكات ودراسات يمكن تأجيلها لسنوات أخرى".
وقال كتوت "صحيح أن الجهاز الحكومي يعاني من بيروقراطية وضخامة، لكن ذلك لا يعني التخلص منهم، وعدم رفع رواتبهم، بل رفع أجورهم بشكل يتناسب مع تناقص القيمة الشرائية للدينار".
ويندرج منتجو الخدمات الحكومية ضمن قطاعات الإنتاج الخدمي في المفاهيم الإحصائية، حيث تشمل كلا من قطاعات التجارة والمطاعم والفنادق، والنقل والاتصالات، وخدمات المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال، وخدمات اجتماعية وشخصية، ومنتجي الخدمات الحكومية، ومنتجي الخدمات الخاصة التي لا تهدف إلى الربح وتخدم العائلات، والخدمات المنزلية، مطروحا منها الخدمات المصرفية المحتسبة.
البشير: الحكومة مطالبة باتخاذ خطوات جريئة لتخفيض الضريبة العامة على المبيعات
إلى ذلك، قال رئيس جمعية المحاسبين القانونيين السابق محمد البشير إن أهمية بند الرواتب والذي يشكل جزءا من بند منتجي الخدمات الحكومية في الناتج المحلي الإجمالي يشكل اهتمام نحو 350 ألف موظف في القطاع العام.
وبيّن البشير أن "زيادة الرواتب ضرب من الخيال في ضوء عجز الموازنة المزمن الذي تعاني منه".
وأشار إلى وجود طرق أخرى لزيادة القدرة الشرائية للمواطنين في القطاعين العام والخاص في حال قامت باتخاذ خطوات جريئة بتخفيض الضريبة العامة على المبيعات.
وبيّن البشير أن القدرات الشرائية للعاملين في القطاع العام في الجهازين المدني والعسكري، تراجعت كثيرا جراء الضرائب المستمرة التي تفرضها الحكومة.
وأكد أن ضريبة المبيعات المفروضة على أغلب السلع والخدمات تعيد الرواتب التي تدفعها الحكومة للموظفين مرة أخرى للخزينة، ما يحول دون تنشيط القدرة الشرائية جراء زيادة الرواتب التي حدثت في الأعوام الماضية.
وتبنّت الحكومة خلال السنوات الماضية عدة مشاريع لمراجعة الإنفاق كان آخرها مشروع مراجعة الإنفاق لوزارة المالية، الذي خلص إلى حقيقتين، تمثلت الأولى في ارتفاع حصة الاستثمار العام إلى إجمالي التكوين الرأسمالي في الأردن لتبلغ نحو 43% في المتوسط خلال الفترة 2001-2004.
وتمثلت الثانية في الحاجة الملحة للضغط على نمو الإنفاق الحكومي في ظل المستويات الحالية المرتفعة لعجز الموازنة العامة، ووجود محددات متزايدة أمام رفع معدلات الضريبة، الأمر الذي يفرض على الإصلاح المالي في المملكة في المرحلة المقبلة الاعتماد بصورة أكبر على ترشيد الإنفاق العام، وتطوير كفاءة البرامج الحكومية والمؤسسات العامة.
يذكر أن الحسابات القومية في الأردن في الوقت الحاضر تعد استنادا إلى نظام الحسابات القومية الصادر عن الأمم المتحدة العام 1968، مع العمل حاليا على التحوّل من هذا النظام إلى نظام الحسابات القومية للعام 1993.
ويتم تقدير القيمة المضافة القطاعية بالأسعار الجارية استنادا إلى نتائج المسوحات الميدانية والدراسات حول مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية.
ولتقدير القيمة المضافة بالأسعار الثابتة، يتم تخفيض القيم المضافة القطاعية بالأسعار الجارية باستخدام أسلوب المصحح المزدوج أو أسلوب التقدير الاستدلالي بقيمة الإنتاج القائم بالأسعار الثابتة كأساس لتقدير القيمة المضافة الجارية في سنة المقارنة بالأسعار الثابتة، علما بأن التخفيض يتم على أساس أسعار العام 1994.
يذكر أن البيانات الفعلية النهائية الخاصة بالحسابات القومية تنشر من قبل دائرة الإحصاءات العامة بفجوة زمنية تتراوح عادة ما بين سنة وسنتين.
ويرى إحصائيون أن هنالك نسبا مساهمة أخرى للحكومة، لكنها لا تندرج تحت مفهوم منتجي الخدمات الحكومية، حيث تتوزع على مصطلحات أخرى مثل دور هيئة تنظيم قطاع النقل التي تندرج تحت مفهوم النقل والتخزين والاتصالات.
غير أن كثيرين يرون ضرورة إجراء دراسة مستقلة لتبيان نسبة مساهمة الحكومة الفعلية في الناتج المحلي الإجمالي