المديونية العامة.. كل طفل أردني يولد في العام 2011 مدين بـ 2000 دينار
"يولد الطفل الأردني مدينا"، ذلك ما خلفه السلف للخلف، وما أورثه الأولون من صناع السياسات المالية للمواطنين منذ الصرخة الأولى.
فما أن يولد الطفل الأردني حتى يجد نفسه غارقا في الديون، بحسب ما يظهره حاصل تقسيم المديونية العامة على عدد السكان.
ووفق دراسة تجميعية، يمكن القول إنه يترتب على المواطن الأردني عند ولادته في العام 2011 نحو 2000 دينار، تمثل مقدار حصته في المديونية العامة التي تتجاوز 12 بليون دينار (بحسب الأرقام الحكومية المعلنة) مقسومة على قرابة 6 ملايين نسمة.
يشار إلى أن العديد من الخبراء يقدرون قيمة المديونية العامة الحقيقية للمملكة بمبلغ 13 بليونا للعام الحالي.
هذه المديونية يتحملها المواطن بغض النظر عن عمره، فهي نتاج أخطاء متراكمة في إدارة المالية العامة التي تتعمق يوما بعد يوم وتظهر على شكل عجوزات سنوية باتت تقاس بالبلايين بعد أن استغنى صانعو السياسات المالية عن وحدة قياس العجز بالملايين، رغم ان المواطن لم يلاق طوال ذلك الوقت سوى القرارات الصعبة.
وبحسب أحدث بيانات وزارة المالية، فإن المديونية الداخلية والخارجية ارتفعت في نهاية نيسان (أبريل) الماضي عن مستواها في نهاية العام 2010 بمقدار 664.4 مليون دينار أو ما نسبته 5.8 %، ليصل الى 12127.4 مليون دينار أو ما نسبته 57.7 % من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام 2011 مقابل بلوغه حوالي 11462.8 مليون دينار أو ما نسبته 58.7 %، من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2010، أي بانخفاض نسبته نقطة مئوية واحدة.
وتتزايد شهية الإنفاق يوما بعد يوم عبر قفزات نوعية في حجم الموازنة بالتناقض مع تصريحات المسؤولين الحكوميين عبر الحديث عن ضبط النفقات، حتى باتت كل موازنة تصدر هي الأعلى في تاريخ المملكة.
ويلاحظ من البيانات الرسمية للوزارة المالية نمو حجم الموازنة العامة منذ العام 2006؛ حيث كانت 3.9 بليون دينار، وصولا الى 6.3 بليون دينار العام الحالي.
من جهته، أكد الخبير الاقتصادي فهمي الكتوت ضرورة الحد من الإنفاق غير الضروري وضبطه، والاستخدام الأمثل للموارد المتاحة بدلا من الاستمرار في التوسع كما جرى منذ ما يزيد على خمس سنوات حيث تضخمت الموازنة العامة بنسب كبيرة.
وتابع قائلا "يجب إعادة النظر في السياسات الاقتصادية خلال العقد الماضي عبر تطبيق نظام اقتصادي ليبرالي تمثل في ابتعاد الدولة عن دورها وترك مساحة فارغة في الأسواق المحلية أدت الى ارتفاعات متتالية في الأسعار".
وأكد الكتوت أن ابتعاد الدولة عن السوق وحصر دورها في الرقابة لم يثمر إلا عن ويلات للمواطنين، بالإضافة الى تركيز الحكومات على تحصيل الضريبة.
وتطرق الكتوت الى الآثار السلبية نتيجة اتباع سياسات اقتصادية أثرت سلبا على المواطنين باختفاء الدعم الحكومي، مشيرا الى أن هذا الدعم لا يشكل حاليا سوى 1.5 % من الناتج المحلي الإجمالي.
وأكد ضرورة إعادة النظر في بناء الموازنة؛ لأن الطريقة السائدة يجب تغييرها، وإعادة النظر بها مطلقا، بالإضافة الى وقف الهدر في المال العام.
وافترضت موازنة 2011 أن يتراوح سعر النفط ما بين 80-85 دولارا للبرميل الواحد، ونمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنسبة تتراوح بين 9 % إلى 10 %، سنويا خلال الأعوام 2011-2013، وبالأسعار الحقيقية بنسبة 5 % و5.5 % و6 %، للأعوام المذكورة على الترتيب.
إلى ذلك، قال رئيس جمعية المحاسبين القانونيين محمد البشير "قبل القيام بأي خطوة من قبل الحكومة ينبغي أن تظهر نهجا إصلاحيا اقتصاديا حقيقيا يقتنع به الجميع بدلا من الحديث فقط عن القرارات الصعبة والإبقاء على النفقات كما هي".
وبين البشير ان "ارتفاع المديونية يمثل انعكاسا حقيقيا لانفلات العجز خلال السنوات الماضية، وذلك على الرغم من شراء جزء من المديونية في آذار (مارس) 2008".
ويرى المواطن خليل عبد الرحمن أنه "منذ العام 2008 والحكومة تتخذ قرارات صعبة لكنها لم تثمر سوى عن زيادة الأعباء المعيشية، مشيرا الى رفاهية المسؤولين الحكوميين في الإنفاق من أموال دافعي الضرائب".
وأشار عبدالرحمن إلى أن كثيرا من المواطنين يحملون سخطا على الحكومات التي تنفق الأموال بطريقة كبيرة وتذهب في نهاية الأمر الى رفع الضرائب والضغط على المستويات المعيشية.