قبل سنة من اليوم ، في اليوم السابع و العشرين من ديسمبر 2008 ، بدأت قوات الاحتلال الاسرائيلي عدوانا جويا واسعا على قطاع غزة سمته بـ " الشتاء الساخن " . تلته حملة برية في شمال القطاع بدعوى الرد على اطلاق الصواريخ الفلسطينية على جنوب اسرائيل ، لتكون النتائج الأولية آلاف من المدنيين بين شهيد وجريح وعشرات الآلاف مشردين ودمار وهدم وتخريب ليس لم يسبقه مثيل.
من المستهدف ؟
استهدفت العملية العسكرية في اول ايامها كل المقار الأمنية في قطاع غزة والمقار التابعة لحركة حماس وأدى القصف إلى مقتل أكثر من مائة من قوات الشرطة والأمن الفلسطيني ، فارتفعت حصيلة القتلي منهم إلى أكثر من 420 وأكثر من 2000 جريح كثير منهم من أفراد الشرطة الفلسطينية.
تلى ذلك استهداف مقصود و وحشي للمدنيين فكانت حصيلة قتلى هذه العملية ما لا يقل عن 1200 شهيد توزعوا كالتالي: 437 طفل أعمارهم أقل من 16 عاماً، و 110 من النساء، و 123 من كبار السن، و 14 من الطواقم الطبية، و 4 صحفيين.
و قد كانت المنازل ايضا هدفا للهجوم ، حيث أستهدف الكثير منها في القطاع خلال عمليات القصف الجوية مما تسبب بإصابات وقتلى وأضرار جسيمة بالمنازل وتشتيت لقاطنيها.
بل حتى ان الاماكن المقدسة كالمساجد لم تسلم من بطش العدوان ، حيث تم استهداف الكثير من المساجد مما أدى إلى انهيار عدة من منازل ملاصقة لها. ومنها مسجد أبوبكر ومسجد عماد عقل في جبايا ومسجد العباس في الرمال ومسجد السرايا على شارع عمر المختار في مدينة غزة ومسجد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالقرب من الكتيبة ومسجد الخلفاء الراشدين شمال غزة و مسجد النور المحمدي و مسجد النور و الهداية و مسجد التقوى و مسجد الشفاء بجوار مجمع الشفاء الطبي أكبر مجمع للمستشفيات بالقطاع و الكثير من المساجد الاخرى .
و قد نالت الجامعات و المدارس ايضا نصيبها من الهجوم المشين ، و حتى مدارس الانروا كانت مسرحا لهجوم بقنابل الفسفور الأبيض الحارقة ، مما ادى إلى استشهاد 41 مدنيا و إصابة العديد بجروح و حروق و يذكر ان المدارس استخدمت كملاجئ للهاربين بحياتهم من القصف وتدمير بيوتهم. و رغم ان الاونروا كانت قد سلمت للجيش الإسرائيلي احداثيات المدارس في القطاع لتجنب قصفها ، الا ان الجيش الإسرائيلي برر ذلك بوجود مسلحين فيها الامر الذي نفته الاونروا بشكل قاطع.
اسلحة محرما دوليا ..
تهمت تقارير صحفية وخبراء أوروبيون في لقاء في برنامج لأحمد منصور على الجزيرة وحقوقيون وأطباء وأصحاب منازل مدمرة بأن إسرائيل تستعمل أسلحة محرمة دولياً في عدوانها على غزة، حيث حملت أجساد بعض الضحايا آثار التعرض لمادة اليورانيوم المخفف بنسب معينة. كما إتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إسرائيل باستخدام الاسلحة الفسفورية والتي تصيب بحروق مؤلمة وقاتلة ومن الصعب الابتعاد عنها.وقد نشر موقع تيمزاونلين البريطاني صورة في تاريخ 8 يناير 2009 صورة لجندي إسرائيلي يقوم بتوزيع قنابل تحمل الرمز "M825A1" وحسب أدعاء الصحيفة أن هذا الرمز يعني قنابل أمريكية من الفسفور الأبيض، الرمز السابق كما هو مذكور في موقع حكومي أمريكي يرمز للفسفور الأبيض المستخدم في التسليح.
التأثيرات الاقتصادية للحرب
على المستوى العالمي دفعت الحرب على غزة أسعار النفط للارتفاع بنسبة 50% خلال 13 يومًا من بدء الحرب ، حيث ارتفع السعر بناء على مخاوف من المستثمرين من تفاقم التوتر في منطقة الشرق الأوسط نتيجة الحرب التي تشنها إسرائيل على القطاع على المستوى العالمي . اما على المستوى المحلي ، فقد كان الاقتصاد الفلسطيني ثاني أكبر ضحية للعدوان الإسرائيلي بعد الخسائر البشرية بين المدنيين، حيث خلف القصف الإسرائيلي المستمر للقطاع على مدى 22 يوما خسائر كبيرة لاقتصاد متداع في منطقة تعتبر من بين الأفقر في العالم. ويقول رئيس اتحاد الصناعات الفلسطينية عمرو حمد إن القصف الإسرائيلي المتواصل دمر 215 مصنعا وورشة صناعية ، بحيث أن 60% من مصانع الإسمنت في غزة أصبحت لا تعمل إضافة إلى أن 30% من الورشات الصناعية تم تدميرها، إضافة إلى تدمير عشرين ألف منزل. وأثناء زيارته للمنطقة الصناعية في بيت حانون شمال قطاع غزة ، قال مفوض الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة جون هولمز إنه صدم بحجم الدمار الذي شاهده خاصة "التدمير المنظم" للصناعة و البنية التحتية . وقد قدر جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني ،أن الخسائر الاقتصادية المباشرة في قطاع غزة بلغت 1.9 مليار دولار نتيجة للحرب.
كلنا غزة .. المواقف الشعبية
كلنا غزة ، هذا هو الشعار الذي حمله الملايين و هم يسيرون في مظاهرات جابت كل انحاء العالم .. سواء في الدول العربية منها او حتى الاوروبية و الغربية بصفة عامة . و إن دلت هذه المظاهرات على شيء ، فهي حتما دلت على تنديدها بالعدوان الظالم على غزة و اهلها الابرياء ، و على استنكارهم و شعورهم بالخزي و العارمن المواقف العربية و الدولية النكراء. وتطالب المجتمع الدولي وقادته باإتخاذ مواقف ايجابية تخدم القضية الفلسطينية إلى جانب فتح المعابر وباب الجهاد.. كما شهدت أيام الحرب على غزة ، حملات تضامنية غيرمسبوقة بهدف التحسيس بهول الكارثة ، و العمل على جمع تبرعات لأشقائنا في القطاع. بالاضافة الى حملات اعلامية مكثفة من قبل بعض المؤسسات الاعلامية و الصحفية ، و اغلب مواقع الانترنت ، بغرض صد التضليل الاعلامي الذي انتهجته اسرائيل.
المواقف العربية و الدولية
كانت المواقف العربية و العالمية سلبية جدا تجاه هذه القضية ، ماعدا دول قليلة تعد على اصابع اليد.. فقد انحصرت جل مواقفهم في التنديد و الاستنكار من خلال بعض البيانات الصحفية . و رفضت معظم الدول الاقدام على اي خطوات فعالة لايقاف العدوان و تأكد مدى خضوعها للسيطرة الصهيونية خصوصا بعد رفضهم تلبية الدعوة لعقد قمة عربية طارئة .
و تبين خلال هذا العدوان حجم الشرخ العظيم بين مواقف الشعوب ، و مواقف حكوماتها.