السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله سيدنا محمد و على آله و صحبه و من والاه
و بعد :
يحكى أن رجلا كان يهم بسرقة منزل و تسلق الجدار في ظلمة الليل نحو منزل من المنازل كي يسرق ما يجده فيه من أشياء ثمينة
و أثناء تسلق الجدار سمع من منزل مجاور صوت قراءة قرآن .. كان القارئ يتلو آية في سورة الحديد
بسم الله الرحمن الرحيم :
(( ألم يئن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله و ما نزل من الحق و لا يكونوا الذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم و كثير منهم فاسقون ))
و عندما سمع هذه الآية الكريمة بكى و صاح قائلا : بلى يا رب ... بلى يا رب
و عاد أدراجه و تاب توبة نصوحا و صار من أتقى و أزهد العابدين
و عندما قرأت هذه الآية فكرت في حالنا نحن
ألم يئن الأوان بعد ؟؟؟
متى سنخشع لذكر الله ؟؟؟
متى ستهفو قلوبنا نحو كتاب الله لنقرأه بتدبر و خشوع و حضور ذهني و قلبي و نفسي كامل
متى سنتوب و نستقيم و نلتزم بأوامر الله تعالى و نجتنب نواهيه ؟
هل قست قلوبنا ؟
هل غرنا طول الأمل ؟
هل أخذتنا الدنيا بمتاعها الزائل ؟
إلى متى التسويف و المماطلة ؟
ألسنا خير أمة أخرجت للناس ؟
ألسنا أهل خير كتاب و أعظم رسالة ؟
إخوتي الأحبة ... صدقوني كلنا مقصرون و مذنبون و لاهون
أوتينا خير كتاب و خير منهاج حياة و أعظم دين و مع هذا ما زلنا نتخبط في متاهات و تفاهات الحياة الدنيا و مناهج غيرنا
ما زلنا غافلين لاهين تائهين نصلي و نقرأ القرآن بلا خشوع و نذكر الله تعالى بلا حضور قلبي و كأننا آلات تعمل و لا تشعر ؟؟
نشاهد الآيات من حولنا و لا نتعظ ... نشاهد الخراب و الدمار و الظلم حولنا و لا نتعظ ... ندفن الموتى بأيدينا و لا نعتبر
ننسى أن الموت قادم و لا يعرف مكانا و لا زمانا
ننسى أن عقوبات الله و سننه الكونية ماضية و لا مبدل لها
أنت يا من تظلم الناس و تأكل أموالهم و تنتهك أعراضهم و تغتابهم و تسخر منهم .. متى تخشع لذكر الله و تتوب
أنت يا أختاه السافرة و المتكشفة متى تخشعين لذكر الله و تلتزمين بحجابك الشرعي
أنت أيها المصر على المعصية متى تخشع لذكر الله و تقلع عنها
ألم يئن الأوان بعد ؟؟
هي دعوة من إنسان مقصر و مذنب يخاطب نفسه قبلكم
في شهر شعبان تعرض الأعمال على الله تعالى و هاهو شهر رمضان على الأبواب
هي فرصة لا تعوض لنبدأ من الآن
لنتوب و نتعظ و نخشع لذكر الله
دعونا نعاهد الله تعالى على التوبة ... على بداية جديدة و صفحة جديدة مع الله تعالى
دعونا من اليوم نقرأ و لو صفحة من كتاب الله تعالى كل يوم و بخشوع و تدبر
دعونا نقلع عن كل عاداتنا السيئة و نجدد أرواحنا و أنفسنا و نستقيم على المنهج و الطريق الذي اختاره الله تعالى لنا
و ما أعظم رحمة ربي و ما أكرمه
فالآية التي تلي تلك الآية الكريمة تضعنا أمام بشرى و تفتح لنا الأمل فلا تقنطوا أبدا من رحمة الله
تأملوا معي الآية التي تلي آيتنا الرائعة التي وقفنا معها
بسم الله الرحمن الرحيم :
(( اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون ))
نعم يا إخوتي فمن يحيي الأرض بعد موتها قادر على أن يحيي القلوب الغافلة اللاهية الميتة
فمهما كثرت ذنوبنا و أخطاؤنا فباب التوبة مفتوح و رحمة الله واسعة و ما أكرم الله و ما أعظمه و ما أرحمه
هو الذي يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار و يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل
و الحمد لله رب العالمين
بتوفيق الله ...
و ما كان من توفيق و صواب فمن الله وحده و ما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني و من الشيطان
و أعوذ بالله أن أذكركم به و أنساه