كثيرا ما نرى أطفالا في مراحل عمرية صغيرة يعملون في محلات لتصليح السيارات أو المخابز أو الإنشاءات و غيرها من الأماكن التي تطرح تساؤلا دائما، عن كيفية وصول الطفل إلى مكان لا يُناسب مسار حياته الطبيعي في هذه المرحلة العمرية، و ماذا عن تعليمه و طفولته، فلا وقت للعب مع أصدقائه أو الراحة فملاذه الوحيد النوم حتى الصباح ليُريح جسده الضئيل من عمله المُتواصل.
يغيب عن تفكير الكثير من الناس مفهوم العمل الخطر و منهم من يبرر أن العمل للأطفال هو بناء للشخصية ليتمكن من مواجهة مصاعب الحياة لاحقا إلا أن مفهوما واحدا تم الإتفاق عليه من قبل جميع المُنظمات الدولية التي تُعنى بموضوع عمالة الأطفال و حسب مُنظمة العمل الدولية فقد تم تعريف عمل الأطفال على أنه :
العمل الذي يتم تنفيذه من قبل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن الحد الأدنى المحدد لهذا النوع من العمل (على النحو المحدد في التشريعات الوطنية ، وفقا للمعايير الدولية المقبولة، مثلاً في الأردن لا يجوز مطلقاً عمل من هم دون سن السادسة عشرة بينما يجوز تشغيل الأطفال في سن 16-17 سنة ولكن ضمن شروط ومعايير) كما أنه العمل الذي إذا مارسه الطفل أعاق تعليمه ونمائه الكامل وعرض سلامتة البدنية والعقلية أو المعنوية للخطر، إما بسبب طبيعته أو بسبب الظروف التي يزاول فيها، وهذه تعرف بالأعمال الخطرة.
هناك مفهوم دولي متعارف عليه لأعمال الأطفال التي يجب الحد منها والعمل على مكافحتها حيث تنص كافة الإتفاقيات الدولية على ما يسمى بأسوأ اشكال عمل الأطفال وهي الأعمال التي تعرض صحة الطفل أو سلامته أو أخلاقه للخطر وتقسم للمجموعات التالية
1- الرق والإتجار بها .
2- عبودية الدين وغيرها من أشكال العمل القسري .
3- التجنيد القسري للأطفال لاستخدامهم في النزاعات المسلحة .
4- استغلال الأطفال في البغاء والمواد الإباحية .
5- استغلال الأطفال في الأنشطة غير المشروعة: كتوزيع أو بيع المخدرات، عصابات السرقة، التهريب عبر الحدود أو أنشطة أخرى غير قانونية.
6- الأعمال الخطرة التي تحدد بموجب التشريعات الوطنية لأي بلد.
هناك دائما الكثير من العوامل والأسباب التي تقود لعمالة الأطفال و تتفاوت عادة ما بين الأسباب الإجتماعية كعدم إدراك الأهل لأهمية التعليم أو أن المستوى الثقافي للأسرة لا يمكنها من مساعدة الأطفال خلال مراحل تعليمهم المختلفة و في كثير من الأحيان تقيد الأسرة بالتقاليد المُجتمعية كبوجوب وراثة المهنة بين أجيال الأسرة. تلعب العوامل الإقتصادية أيضا دورا هاما فكلما زادت نسبة الفقر اضطر الأطفال للعمل من أجل مساعدة أسرهم، إما طوعا أو جبرا لعدم قدرة رب الأسرة على إعالتها، إلى جانب الأسباب التي ذكرت سابقا تأتي العوامل ذات العلاقة بالتعليم كعدم قدرة الأسرة على الوصول للتعليم الإلزامي المجاني إما بسبب بعد المسافة أو عدم القدرة على تغطية التكاليف الأساسية من مستلزمات تعليمية بالإضافة إلى بعض الجوانب المتعلقة بالنظام التعليمي مثل العنف والتنمر خاصة من الأقران أو الطلبة الأكبر سناً.
دولياً تقدر الدراسات عدد الأطفال العاملين في الأعمال الخطرة حول العالم بحوالي 126 مليون طفل تتراوح أعمارهم ما بين 5-17سنة يعملون في ظروف خطرة في قطاعات مختلفة منها: الزراعة والبناء والتصنيع وصناعات الخدمات والفنادق والحانات ،و المطاعم والمؤسسات الغذائية السريعة ، والخدمة المنزلية العامة.
أما بالنسبة للأردن فحسب المسح الوطني لعمالة الأطفال المنفذ من قبل دائرة الإحصاءات العامة عام 2007 هنالك حوالي 33 الف طفل عامل كما صدر قرار عن وزير العمل يحدد قائمة الاعمال الخطرة والتي يمنع تشغيل الحدث اللذي لم يكمل الثامنة عشرة من عمره فيها.
نمية قدرات الطفل و تطويرها تعد من أهم مقومات بناء الشخصية إذا قامت على الأسس الصحيحة، لا بتوجيه مسار حياة الطفل إلى بيئة غير آمنة و تعريضه للخطر فمن الممكن أن يعمل الطفل عملا إيجابيا لا يرتبط بعوامل الخطورة و من ضمنه كافة الأعمال التطوعية أو حتى التدريبية المناسبة لعمر الطفل وقدراته، ليكون لها تأثيرا إيجابيا ينعكس على نمو الطفل العقلي والجسمي والذهني وخاصة إذا قام الطفل به باستمتاع مع الحفاظ على حقوقه الأساسية فمن خلال العمل الإيجابي و الأنشطة التي لا يحظر القانون للأطفال دون السن القانونية
العمل فيها ولا تمنع ممارستها الطفل من الحصول على التعليم ، يتعلم الطفل المسؤولية والتعاون والتسامح والتطوع مع الآخرين.