قانون ضريبة الدخل الجديد

استوقفني
في قانون ضريبة الدخل الجديد رقم 28 لسنة 2009 كلمة ( اتاوة ) ، فما هو
قصد المشرع من هذه الكلمة ؟ وهل هي كلمة ( اتاوة ) عربية أصلا ؟ وهل أخذ
المشرع بمعناها اللغوي ام انها كلمة مستحدثة ولها معنى خاص ؟ ام هل لها
معنى اصطلاحي وهي ترجمة لمفهوم قانوني معين متعارف عليه بين فقهاء القانون
؟ ام ان المشرع قد استخدمها وقام بتعريفها وتحديد اطارها بالمدلول الخاص
المحدد لها بالتعريف الذي وضع لها في قانون ضريبة الدخل الجديد ، بغض
النظر عما سبق ؟

لدى البحث في معاجم اللغة العربية ومنها المعجم
الوسيط نجد ان كلمة إتاوة لهاعدة معاني منها ( الإتاء : الريع والغلة ،
الإتاوة : الجزية ، الخراج ، ومايؤخذ كرها ) .

وبعد البحث في
القواميس القانونية الانجليزية عن كلمة اتاوة تبين ان قواميس الترجمة
تترجم كلمة ( Royalties)الى اتاوات ، وهي تشمل بشكل عام اية مبالغ مقابل
استعمال او الترخيص او استغلال اي من حقوق الملكية الفكرية أو ما يعرف
بمعنى ( Private Sector Taxes) ضرائب القطاع الخاص ، واكبر مثال على
العقود التي تدفع فيها هذه المبالغ او الاتاوات هي عقود الفرنشايز
والترخيص بحق من حقوق الملكية الفكرية.

باستعراض كافة القوانين
المحلية وبخاصة التشريعات التي لها علاقة بالملكية الفكرية لا نجد لكلمة
اتاوات اي استعمال وقد استعملت للمرة الاولى في قانون ضريبة الدخل الجديد
في المادة ( 2 ) من القانون والمخصصة عادة للتعاريف حيث عرف الأتاوه بقوله
:

( الاتاوة : المبالغ المتحققة ايا كان نوعها مقابل استعمال او
الحق في استعمال حقوق النشر الخاصة بعمل ادبي او فني او علمي ، واي براءة
اختراع او علامة تجارية او تصميم او نموذج او خلطة او تركيبة او عملية
سرية او مقابل استعمال او الحق في استعمال معدات صناعية او تجارية او
علمية او معلومات متعلقة بالخبرة الصناعية او التجارية او العلمية . )
وهذه المبالغ وسندا للمادة 3 ـ أ ـ 3 من القانون خاضعة لضريبة دخل تفرض
عليها بغض النظر عن مكان الوفاء .

وبتحليل هذه المادة من كلماتها
والعبارات التي استخدمت فيها فانه يمكن ايراد بعض الملاحظات التي يمكن
اثارتها بشكل مبسط مع التأكيد على ان البحث في كل منها يحتاج الى ابحاث
ومقالات عديدة الا انه يمكن الحديث عن بعض ما ورد في هذا التعريف وتلخيصه
بما يلي:

1 ـ عبارة ( المبالغ المتحققة ايا كان نوعها ) : ويمكن
تصور دخول اية مبالغ في هذا المفهوم سواء كانت مقدمات عينية او بدل خدمات
اخرى او اعطاء الحق للطرف الاخر باستعمال حق اخر على سبيل المقايضة مقابل
هذه المبالغ .

2 ـ مقابل استعمال او الحق في استعمال : والاستعمال
له معنى محدد وغالبا ما ينصرف الى استعمال هذا الشيء لنفسك وهناك عدة
عبارات لها مفاهيم قانونية محددة بالرغم من انها قريبة من الاستعمال لكن
احكامها مختلفة منها الاستغلال وغيره ويثار هنا هل انها تخرج من هذا
التعريف ام لا .

3 ـ حقوق النشر الخاصة بعمل ادبي او فني او علمي
: وحق النشر له معنى محدد وبالتالي فانه يمكن القول بان هذا النص لا يشمل
كافة حقوق المؤلف حيث نعلم ان حق النشر من ضمن الحقوق المادية الممنوحة
للمؤلفين ، كتاب مؤديين مبرمجين ... على اختلاف انواع المؤلفين ، وحيث ان
للمؤلف حقوق معنوية - مثل حق نسبة المؤلف له وحق التحوير وسحب المصنف ...
الخ - لا يجوز التنازل عنها او التصرف بها ، وان له حقوق مادية حسب نوع حق
المؤلف منها حق الاستعمال والاستغلال والنسخ والتوزيع والانتاج والنشر
والترخيص والبث العلني او الاداء اوالعرض ... الخ ، وان استخدام المشرع
لكلمة حقوق النشر في التعريف يعني حصر بدل حق النشر فقط بمفهوم الاتاوات
لان ايراد التعريف بمعنى محدد يعني حصر التعريف به .

ولو نظرنا
الى احكام المادة ( 3 ـ أ ـ 8 ) من القانون السابق لوجدنا انها كانت تخضع
للضريبة الدخل الذي يتأتى في المملكة لاي شخص او يجنيه منها من المبالغ
المقبوضة مقابل بيع أو تأجير أو منح حق الامتياز لاستعمال او استغلال أي
علامة تجارية او تصميم او براءة اختراع او حقوق التأليف والطبع او أي عوض
اخر عنها ، وهذا المفهوم السابق اوسع من المفهوم الذي تبناه المشرع في
تعريف كلمة الاتاوات في المادة ( 2 ) من القانون الجديد من عدة جوانب وهو
بنفس الوقت اضيق منه في جوانب اخرى كمبالغ مقابل استعمال نموذج او خلطة او
تركيبة او عملية سرية ، أو استعمال معدات صناعية او تجارية او علمية ، او
استعمال معلومات متعلقة بالخبرة الصناعية او التجارية او العلمية ، والتي
اصبحت بدلاتها خاضعة لضريبة الدخل وبصراحة لا سند او مبرر لاخضاع جوانب
محددة او استثناء الاخرى دون وضوح لهذا التفريق.

استكمالا للحديث
عن الضرائب المفروضة على الاتاوات يجب الاشارة الى ما ورد في المادة ( 12
ـ 3 ) وهو الدخل من الاتاوات الذي يدفعه مقيم مباشرة او بالواسطة لشخص غير
مقيم ، وانه يخضع لنسبة اقتطاع (7%) ، ويعتبر المبلغ المقتطع على هذا
الوجه ضريبة قطعية ، ويجب توريده الى الدائرة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ
دفعها أو استحقاقها أيهما أسبق ، الا أن هذه البدلات بنفس الوقت لا تعتبر
بدل خدمة وبالتالي فهي غير مشمولة باقتطاع ال ( 5 % ) حسب احكام المادة (
12 ـ 1 ) من القانون ولان الاقتطاعات التي وردت في الفقرات الست من المادة
( 12 ) قد جاءت على سبيل الحصر ، في حين ان البدلات المشابهة التي كانت
تدفع حسب القانون السابق كانت خاضعة للاقتطاع بنسبة ( 2 % ) حسب احكام
المادة 19 ـ أ ـ 2 من القانون السابق.

نخلص الى ان المشرع لو
استخدم مفهوم الاتاوة والمقابل المحدد لها ووضع الامثلة التي اوردها في
التعريف واوردها ضمن المادة 3 التي تحدثت عن الدخول الخاضعة واعطى عليها
تلك الامثلة لاستطعنا القول بان اية مبالغ مشابهة نتيجة اية عمليات مشابهة
للاستعمال او الحق بالاستعمال للحقوق التي ذكرت يمكن ان تقاس عليها
وبالتالي يمكن أن تخضع للضريبة بنفس المفهوم ، وهذا الامر قد اتبعه المشرع
عندما استعمل عبارة ( الدخل من بيع او تأجير الأصول المعنوية الموجودة في
المملكة ) في الفقرة 7 من نفس المادة دون ان يحدد معنى الاصول المعنوية ،
وكذلك عبارة ( الدخل الناجم عن أي عقد في المملكة كارباح الوكالات
التجارية وما ماثلها سواء كان مصدره داخل المملكة او خارجها ) في الفقرة
14 من نفس المادة 3 ، ولان تعريف الاتاوة جاء بالمفهوم الذي ورد في
التعريف فقط ودون ما هو متعارف عليه في المعنى اللغوي والاصطلاحي فانه يجب
حصره به دون التوسع ( ان لم يكن التصرف المبحوث عن خضوعه خاضعا لبند أخر
من بنود الدخول الخاضعة حسب قانون ضريبة الدخل ) سندا للقاعدة المستقرة
لدى فقهاء الملكية الفكرية بان اعطاء الحق في استعمال او استغلال اي حق
معين من حقوق الملكية الفكرية يجب ان يفسر بالمعنى الضيق له ولا يجوز
التوسع في تفسيره .




Date : 31-01-201

يعطيك العافيه يا كبير

:shokran:

شكرا علمرور