-إن المهدى إليه بقبضه الهدية يصبح مالكا لها, بعكس المرتشي فهو لا يصبح مالكا لها بالقبض.
3-إذا كانت الرشوة موجودة يجب عليه ردها.
الهدية وعفة النفس
والهدية تختلف عن الرشوة, فالرشوة تعطى لمن يعطي الحق لغير أهله أو يقدم إنسانا على إنسان في عمل من الأعمال دون وجه حق.
أما الهدية فهي تعبير صادق عن الحب والتقدير للمهدى إليه بحيث لو لم يأخذ هذه الهدية لم يقصر في عمله فهو يؤدي واجبه على الوجه الأكمل, ولا ينتظر من أحد مقابل, فلو جاءته هذه الهدية دون أن يطلبها أو ينتظرها أو يعبث في وجه من لم يهد إليه، فهذه الهدية لا بأس بقبولها ولا سيما إن كانت من الهدايا التي اعتاد الناس أن يعطوها في كل عام للموظفين من أجندات وأقلام.
وإذا كان الموظف في مركز حساس أو في وظيفة يلتقي فيها بالجماهير أو هناك من الناس من يعطيه هذه الهدية لكي ييسر له خدمته أو تقديمه على الآخرين فهذه الهدية مشبوهة وينطبق عليها هذا الحديث ومن ثم فالموظف أو المسؤول يجب أن ينزه نفسه عن أي شئ دفعا للشبهات وحتى لا يقع في الحرام.
والرشوة لا تكون فقط أموالا سائلة فيمكن أن تكون هدية عينية وهي تبدأ على الأقل بتلفزيون أو فيديو وتنتهي بالهدايا الذهبية أو حتى الألماظ لزوجة المسؤول.
يجب على الموظفين أن تكون علاقتهم بعامة المراجعين بتقديم الخدمات إليهم على أساس القوانين المتّبعة، وطبقاً لمقررات العمل والضوابط الخاصة بالدائرة؛ ولا يجوز لهم تقبّل أية هدية من المراجعين مهما كان عنوانها، لما في ذلك من التسبيب، الى إساءة الظن بهم، والى الفساد، والى تشجيع وتحريض الطامعين لإهمال القوانين وتضييع حقوق الآخرين. وأما الرشوة فمن البديهي أنها حرام على الآخذ والدافع كليهما، ويجب على مَن أخذها ردّها الى صاحبها وليس له التصرف فيها.
تعرف الشفاعة على نطاق واسع بالواسطة، وتسمى احياناً المحسوبية، وأياً كان الاسم فإن النتيجة واحدة، وهناك نوعان من الواسطة واسطة محمودة وواسطة مذمومة.
فالواسطة المحمودة أن تساعد شخصاً ما للحصول على حق يستحقه أو إعفائه من شرط لا يجب عليه الوفاء به أو تساعده في الحصول على حق لا يلحق الضرر بالآخرين, أما الواسطة المذمومة فهي أن تقوم بهذا الدور لحصوله على حق لا يستحقه أو اعفائه من حق يجب عليه دفعه مما يلحق الضرر بالآخرين، وقد اشار إليها القرآن الكريم حيث قال عز من قائل: من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها[ النساء: 85].
وتعتبر الواسطة المذمومة أحد مظاهر الفساد الإداري، وقد انتشرت في الوقت الحاضر انتشاراً واسعاً كانتشار النار في الهشيم في عموم المؤسسات حتى انها اصبحت تعرف باسمها العربي كأحد مصطلحاتها في المراجع الأجنبية Wasta
والواسطة المذمومة كالمرض تنتشر بالبيئات التنظيمية غير الصحية، لذا فإن:
عجز المؤسسات عن تقديم الخدمات المناطة بها قد دفع المواطنين الى البحث عن واسطة لتسهيل الحصول على بعض الخدمات.
كما أن بعض المواطنين قد استمرأ الحصول على خدمات هو في الواقع لا يستحقها.
ولا شك ان تكاسل بعض الموظفين من رؤساء ومرؤوسين واهمالهم وتقصيرهم في أداء المهام الوظيفية الموكلة لهم قد ساعد في انتشار هذه الظاهرة إلى حد بعيد.
الواسطة نقول هي طلب العون والمساعدة في إنجاز شيء يقوم به إنسان ذو نفوذ لدى من بيده قرار العون والمساعدة على تحقيق المطلوب لإنسان لا يستطيع أن يحقق مطلوبه بجهوده الذاتية.
أن الواسطة تكون محمودة عندما تساعد محتاجاً.. أو تعرف بإنسان.. أو تكون شفاعة عند ذي جاه لا يعرف المشفوع له.
وهي تكون مذمومة عندما تسلب حقاً أو تقر باطلاً أو تعطي انساناً ما لا يستحق أو تأخذ من انسان ما يستحق.
وفي منهجنا الاسلامي ما يقرر هذا السلوك.. بل ويحث عليه.
فإذا كانت "الواسطة" من النمط الأول، فالله يقول في كتابه العظيم: ومن يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها.
والرسول يقول: "اشفعوا تؤجروا".
ويقول "لأن أمشي مع أخي في حاجة خير لي من أن أعتكف في مسجدي هذا شهراً".
وتراثنا العربي مليء بما يحبذ مثل هذه المكارم. ألم يقل الشاعر وقد صدق:
وأحسن الناس بين الورى رجل تقضى على يده للناس حاجات
على الانسان الذي يحتاج الناس اليه أن يحمد الله على ذلك فالرسول قال: "من كثرت نعمة الله عنده كثرت حاجة الناس إليه".
بل على الإنسان أن يحمد الله على أن الناس يحتاجون اليه وهو لا يحتاج اليهم، فالامام الشافعي يقول:
واشكر فضائل صنع الله اذ جعلت اليك لا لك عند الناس حاجات
وليتذكر الشافع أن تعب مساعدة الناس يهون كثيراً أمام تعبه ومذلته في طلب الحاجة منهم.
وليتذكر الواحد منا أن الانسان قد يكون قادراً اليوم على مساعدة الناس وهو على صهوة كرسيه، أو قمة ثرائه، أو عز جاهه.
ولكن قد يأتي يوم لا يستطيع فيه أن يساعد انساناً، أو يقدم معروفاً.
وكم يجمل بالانسان الذي مكنه الله من القدرة على خدمة الناس.
كم يجمل به أن يتذكر هذه الحقيقة قبل أن يبتعد عن الكرسي أو يبتعد الكرسي عنه أو قبل أن تنفذ ثروته، أو يقعد به مرض، أو يزول عنه جاه.