كيف توفر احتياجات الموظف المبدع
الحوافز الإنسانية ودورها في الإدارة:
إذا كانت هناك حقيقة واحدة نتعلمها في الحياة فهي أن كل إنسان يحب أن يكون
محط إعجاب الآخرين , فنحن لا نستغني ابداً في إحتياجنا للآخرين حتى يشعروا
بقيمتنا وإن بدا الأمر كما لو كنا مستقلين ومكتفين بذواتنا . ورغم أن هذه
الحقيقة قد تبدو بديهية إلا أن مشاغل الحياة الكثيرة غالباً تنسينا أن
التقدير الذي نتوق إليه يتوق إليه بالمثل الآخرون .وقد أكدت العديد من
الدراسات أن النقود قد تكون عامل هام بالنسبة للموظفين إلا أن الاهتمام
وأشكال التقدير الشخصية هي التي تدفعهم إلى الإنجاز بأعلى المعدلات .
وإنطلاقاً من أهمية العنصر الإنساني في المنظمات فإن جانباُ هاماً من جوانب الوظيفة التوجيهية والقيادية للإدارة هي عملية التحفيز .
ويرتبط موضوع الحوافز بدوافع العمل . لماذا يعمل الإنسان وما الذي يدفعه
ويحفزه على العمل ؟ لماذا لا يؤجل عمل اليوم إلى الغد ؟ لماذا لا يتحرك إلا
في نهاية الدوام الفعلي ؟ لماذا تتميز علاقة محمد مع رئيسه وزملاؤه بأنها
مثمرة ومنتجه بينما يتميز زميله خالد بالكسل واللامبالاة وكثرة الغياب
والتباطؤ في العمل .....لماذا ولماذا ولماذا؟؟؟؟ تساؤلات ومقارنات عديدة
بين الأفراد .
والتساؤل الأهم هو : لماذا يلجأ بعض الموظفين إلى نهج أساليب متعددة في
الفعل ورد الفعل ؟؟ ما هو الفرق بين الطاقة الكامنة لدى الفرد و مقدار ما
يستغله منها ؟؟؟
إن الذي يدفع الفرد لاتخاذ سلوك معين أو إيقافه أو تغيير مساره إنما هو
التحفيز . فالتحفيز يعبر عن إثارة رغبات أو إحتياجات أو تمنيات غير محققة
يحاول الفرد العمل على إشباعها .
وحينما يقال : أن على الرئيس أن يحفز مرؤوسيه على العمل ؟؟ فالقصد أن على
الرئيس أن يعمل على إشباع هذه الإحتياجات التي يؤدي إشباعها إلى دفع
المرؤوس إلى اتخاذ السلوك أو التصرف المرغوب .
ولكن هل كل الحوافز إيجابية ؟؟؟ وهل دفع الأفراد إلى العمل أو فرض سلوك
معين عليهم لا يتأتى إلا من خلال الحوافز الإيجابية ؟ بالتأكيد لا .لأن
الحوافز ذات شقين . شق إيجابي وشق سلبي وهو ما يعرف بتعبير ( الجزرة والعصا
) وهو أسلوب يعني الترغيب والترهيب . كما أن الترهيب يكمل الترغيب والعكس .
ولكن !! قد لا تؤدي أساليب الترهيب إلى تغيير السلوك غير المرغوب بل قد
تؤدي إلى المواجهة والتصلب ومقابلة الشدة بالشدة .
وهنا تساؤل يطرح نفسه وهو : ما هي أهم الأساليب الرئيسية التي يستطيع المدير أن يستخدمها في التحفيز ؟
1. الحوافز المالية :
وهي دافع هام من دوافع التحفيز مثل: الراتب والعلاوة والمشاركة في الأرباح
والحصول على أسهم .....الخ . ولكن الحافز المالي هو حافز هام لصغار
الموظفين سناُ وللموظفين ذوي الأسر الكبيرة كما أن الحوافز المالية يجب أن
يراعى فيها مبدأ العدالة والمساواة لإبعاد شبح الصراع والخلافات نتيجة عدم
المساواة وغياب العدل . علاوة على ذلك يجب أن يتناسب الحافز المالي مع
الجهد المبذول ويكون في الوقت المناسب وبعد تحقيق الهدف مباشرة .
2. المشاركة في القرارات :
وهي تعبير عن الاعتراف بمركز الفرد وأهميته وهي تعطي شعوراً بالأهمية
والمساهمة في الإنجازات المحققة بشرط أن لا يتم التركيز في اتخاذ القرارات
على فئة محددة فقط بل يراعى مبدأ العدل والمساواة في تحفيز العاملين
بالسماح لهم بالمشاركة في اتخاذ القرارات.
3. الحوافز غير المادية :
وتشمل جانبين هما :
أ- الحاجات الأولية البيولوجية والفسيولوجية مثل الحاجة إلى الطعام والشراب والراحة ...... وغيرها
.
ب- الحاجات الثانوية (السيكولوجية) وهي الحاجة إلى الإحترام والتقدير والمكانة الإجتماعية والثناء والتشجيع .....وغيرها .
والمعنى هنا أن تستغل هذه الحاجات النفسية والمعنوية لدى الإنسان لتنشيطه
وتحفيزه على أداء السلوك المرغوب .كما أن إشباع هذه الحاجات له أهمية كبرى
وضرورة ملحة ويترتب على عدم إشباعها توتر نفسي وقلق وعدم اتزان بين شخصية
الفرد وبيئته .
بل إن إشباع الحاجات النفسية والمعنوية قد تفوق في أهميتها إشباع الحاجات
المادية والمثل الشعبي الذي يقول ( لاقيني ولا تغذيني ) يعكس هذه الفكرة .
وقد يكون لتأثير كلمة تقدير طيبة من رئيس لمرؤوسيه فعل السحر في نفس الأخير
وقد يكون أعمق مما قد تحدثه مكافأة مالية وبالمثل قد تكون كلمة زجر أو لوم
أو تأنيب أو استهتار وقع مؤلم على النفس أكثر مما يحدثه الضرب أو التعذيب .
والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هنا ماذا نقصد بالروح المعنوية ؟؟؟ وهل هناك ارتباط بين الإشباع الوظيفي والروح المعنوية ؟؟؟
نقصد بالروح المعنوية :
شعور الجماعة الذي يترتب عليه تحقيق أهداف ملحة . والروح المعنوية هي التي
تصنع الفرق بين النجاح والفشل وهي خليط من مشاعر الفخر والثقة والشوق
والحماس وهي شيء يحس أكثر مما يعرف .
وماذا نقصد بالإشباع الوظيفي :
هو الفرق بين النتائج أو الأهداف التي يتوقع الفرد أن يحققها والنتائج أو الأهداف التي حققها بالفعل . بمعنى :
لو أن شخص راتبه الفعلي 6000 ريال ويعتقد أن ما يطمح إليه هو 10000 ريال
فإن الفرق بينهما أي 4000 ريال هو الإشباع الذي يسعى الفرد إلى تحقيقه .
والإشباع الوظيفي جانب هام وخطير من جوانب التحفيز لأنه كلما كان هذا
الإشباع مرتفعاً أدى ذلك إلى شعور الموظف بالرضى . ونقص الإشباع قد يدفع
بالموظف إلى الاستقالة أو البحث عن وظيفة أخرى أو التقاعد المبكر وغيره .
ولكن كيف يتحقق الإشباع الوظيفي ؟
1. المركز الوظيفي والمهني داخل الهيكل التنظيمي : فكلما علا مركز الفرد
بشرط أن يكون بناءً على مالديه من مؤهلات وخبرات كلما شعر بالإشباع الوظيفي
.
2. تصميم الهيكل التنظيمي للإدارة : فكلما اتسع نطاق الوحدة الإدارية أي
كلما زاد عدد الأفراد العاملين في قسم واحد كلما قلت درجة الإشباع الوظيفي
وكلما صغرت الوحدة الإدارية كلما أدى ذلك إلى زيادة التفاعل والنشاط
الاجتماعي بين الأفراد.
3. نوع التقنية المستخدمة في العمل : فكلما كانت الإنتاج الكبير يعتمد على
التكنولوجيا الكبيرة كلما انخفضت درجة الإشباع الوظيفي نظراً لروتين العمل .
وكلما كان تصميم المخرجات يميل إلى التنويع والتشكيل كلما أدى ذلك إلى
الإرتفاع بدرجة الإشباع الوظيفي .
4. جداول العمل : فكلما زادت ساعات العمل قلت درجة الإشباع الوظيفي وكلما
قلت هذه الساعات وزادت فرصة الموظف للإستمتاع بوقت فراغ أكبر كلما زادت
درجة إشباعه .
5. الحالة العامة لسوق العمل : فإذا كان عدد الوظائف أقل من عدد الباحثين
عن العمل كلما اتجه اهتمام العاملين إلى مقدار الدخل المحقق وكذلك الحفاظ
على الوظيفة , وكلما كثر عدد الوظائف وقل عدد الباحثين عن العمل كلما تحول
إهتمام العاملين إلى تحقيق إحتياجاتهم الثانوية وليست الأساسية .
6. نظرة الأفراد إلى العمل : إذا نظر الفرد لعمله كنوع من قضاء الوقت فإن
اهتمامه سيتركز على الجوانب غير المادية من الحوافز أما إذا كان محتاجاً
إلى المادة فإن الحافز المالي هو العامل المؤثر في درجة الإشباع .
وقد تختلف العوامل المؤدية إلى الإشباع من مجتمع لآخر ومن فترة لأخرى وهذا
يتطلب أن يكون الرئيس على علم ودراية بكل العوامل التي تؤثر في درجة إشباع
الموظف ليتمكن من استثمارها بذكاء .
ما هي العوامل الخارجية التي تؤثر على درجة معنويات الجماعة ؟؟
1. طبيعة العمل : فالمجموعة يمكن أن تحقق إشباعاً وظيفياً ينعكس على
معنويات الأفراد خاصة عندما يرتبط العمل بإحتياجاتهم وبمهاراتهم وخبراتهم
لذلك فلا بد من أن السياسات الإدارية في مجال إختيار الأفراد وتعيينهم
وتقويمهم وترقياتهم لا بد أن تأخذ في الإعتبار ضرورة الربط بين متطلبات
الأفراد ومتطلبات المنظمة .
2. نوع الإشراف : فكلما كان الإشراف يسمح للأفراد ببعض الحرية في الأداء
وكلما كانت الكفاءة المهنية والعلمية والإدارية للرئيس مرتفعة كلما ساعد
ذلك على رفع معنويات الأفراد والعكس صحيح .
3) ضغط العمل : فكلما زادت الرقابة على العمل كلما إزداد ضغط العمل على الأفراد وساعد في إنخفاض معنوياتهم .
3. أهداف المنظمة : فكلما كانت الأهداف ذات معنى ينعكس ذلك على معنويات الأفراد إيجاباً والعكس صحيح .
ونستطيع إجمال القول هنا بأن ميدان التعليم وميدان الإدارة التعليمية يتشكل
معظمه من العناصر الإنسانية والخامة التي يتعامل معها هي أيضاً خامة بشرية
إنسانية ومن هنا تصبح مسألة تكوين علاقات إنسانية نشطة على جانب كبير في
هذا الميدان بمختلف فئاته .
وتؤكد كل الدراسات أن توفر العلاقات الإنسانية السليمة والصحية في جو العمل
وأن يعامل الموظفون بمعاملة طيبة تليق بكرامتهم هو بحد ذاته حافزاً
إيجابياً ورئيسياً للعمل والإقبال عليه وزيادة الجهد والإنجاز .
أما إذا كان جو العمل منفرداً ومركزياً وتسوده علاقات إنسانية سيئة بين
أفراده فإن النتيجة هي انصراف الموظفين عن العمل وقلة الإنتاجية والتهاون
والكسل واللامبالاة .