الموظف المتغطرس:
مِن الناس مَن تخدعه المظاهر، ويطيش صوابُه عندما يتسلَّم وظيفة، أو يرتقي كرسيًّا مريحًا، فيُصاب بداء الغرور والتعاظم، وينظر للناس باحتقار، ويتصوَّر نفسَه قد علا كثيرًا.
وقد يرى مِن الناس مَن يتملَّقه، ويُطري مواهبه، ويكيل له المديحَ جُزافًا، فيتضاعف غرورُه وإعجابُه بنفسه، مع أنَّ أولئك المادحين هم مِن المطبِّلين الذين يريدون أن ينالوا رِبحًا من وراء ذلك المديح، أو يَسْلموا من شرِّ المغرور.
وما إن يهوي مِن كرسيِّه، وتتخلَّى عنه وظيفتُه، حتى يجدَ نفسه منبوذًا محتقرًا، يشمت به الناس، وينفر منه أقربُ مدَّعي صداقته، والملتفِّين حولَه أيامَ عزِّه وسطوته.
أما ذلك المتواضِع الذي يرى في الوظيفة أداءً لواجب، وإيصالاً لحقّ، مع لِينٍ في القول، وسلامة في الطوية، فإنَّه يَلْقى الإعزاز والتكريم والمحبَّة، سواء كان في العمل أو خارجه، وإن تعرَّض له متعرِّضون هبَّ الكثيرون للدِّفاع عنه ومناصرته، حتى وإن كانوا لا يعرفونه معرفةً شخصية، فقد سبقهم إلى معرفته ذِكْرُه الطيِّب، والثناء الحسن عليه من عارفيه والمتعاملين معه، فلْيكنِ التواضع رمزَ الموظَّف، وليكن الحِلمُ شعارَه، ولينبذ الغرور والكِبْر؛ لأنَّ ذلك أسلم وأقوم.