الصحة النفسية
قد يعتقد العديد من الناس أن الصحة النفسية تعني عدم الإصابة بالمرض النفسي و لكن في الواقع فإن الصحة النفسية يمكن تعريفها بأنها قدرة الإنسان على الشعور بالسعادة و إيمانه بقيمته و قيمة الآخرين كي يمكنه من التعامل مع المواقف المختلفة في الحياة و هي كذلك تترجم في طريقة تعاملنا مع من حولنا في المجتمع.
و تشمل الصحة النفسية أيضاً قدرة الشخص على إحداث التوافق و التناغم بين قدراته و طموحاته و مُثله و عواطفه و ضميره من أجل تلبية متطلبات الحياة المختلفة و قدرته على متابعة حياته بشكل طبيعي بعد التعرض لأي صدمة أو ضغط نفسي.
لقد وجدت الأمراض النفسية منذ القدم و تم ذكرها في العديد من المراجع الطبية القديمة. كما أصيب بها العديد من مشاهير التاريخ كإسحاق نيوتن ، تشرشل و الاسكندر المقدوني و غيرهم.
أما اليوم و مع زيادة التعقيدات و الضغوط النفسية و الاجتماعية على الأفراد فقد أصبحت هذه الأمراض أكثر شيوعاً. كما أن التحولات الحضارية السريعة و تغيير أنماط الحياة و وجود التفكك الأسري في بعض المجتمعات و زعزعة الإيمان قد أدت إلى تفاقم مشكلة الأمراض النفسية و وجود مشاكل سلوكية كإدمان الكحول و المخدرات.
إن الرسائل الصحية الخمس التالية تلقي الضوء على الصحة النفسية و تأثيرها على الصحة العامة.
كيف يمكن أن نكون في صحة جيدة نفسياً و بدنياً
§ يجب أن يكون لدينا إيماناً قوياً بالله.
§ أنظر للجانب الإيجابي في كل حدث يومي يواجهك.
§ أي لا تحاول حل مشاكلك كلها دفعة واحدة و لكن يجب حلها بالتدريج.
§ اتخاذ نظام يومي كممارسة الرياضة أو المساهمة في الأنشطة الثقافية بالإضافة إلى تنظيم غذائك اليومي.
§ تعلم فن التنفس أو الترويح عن النفس بأن تجد الشخص المناسب لتحدثه عن مشاكلك في الحياة ، فذلك أفضل من كبتها.
§ أحب نفسك و أرضى بذاتك.
§ تقبل النقد و خيبات الأمل بروح رياضية و تعلم منها حتى تصل إلى النجاح.
§ عدم تناول أي أدوية أو حبوب أو حقن من أي شخص و بدون استشارة الطبيب.
§ تقبل الآخرين من حولك كما هم و أحبهم بالرغم من نوا قصهم و مشاكلهم.
الاضطرابات النفسية البسيطة هي حالات طارئة يمكن التغلب عليها و التخلص منها
تغير المزاج أو الشعور بالقلق و عدم التركيز و التي غالباً ما تحدث أثناء الامتحانات أو نتيجة الفشل في تحقيق الأمنيات ، هي حالات عارضة تحدث لأغلب الناس و يمكن التغلب عليها أو التخلص منها، علينا مواجهتها إيجابياً و معرفة أسبابها و التصميم و الإرادة على تجاوزها.
الامتناع عن تناول المهدئات أو اللجوء للمخدرات و التدخين حيث أنها قد تؤدي للإدمان و بالتالي يتحول الاضطراب النفسي البسيط إلى مرض.
الاقتناع بأن هذه الاضطرابات النفسية هي مرض كسائر الأمراض الأخرى و يمكن التغلب عليها بطلب المشورة و مناقشتها مع المختصين.
يعتبر الاستعداد الوراثي و زيادة ضغوط الحياة وحدوث التغيرات الكيميائية في المخ من أهم أسباب الأمراض النفسية الشديدة
يتحكم المخ في جسم الإنسان عن طريق النبضات الكهربائية و تنتقل هذه النبضات من خلية عصبية إلى أخرى عبر الوصلة العصبية حيث توجد مواد تقوم بنقل النبضات تسمى المواد الناقلة . تقوم هذه النبضات بدورها بالتأثير في مستقبلات خاصة بها لكي تمر إلى الخلية الأخرى
يرجع سبب المرض النفسي الشديد إلى :
• زيادة أو قلة المواد الناقلة للنبضات .
• زيادة أو قلة عدد مستقبلات المواد الناقلة .
• زيادة في حساسية مستقبلات المواد الناقلة.
• اضطراب في العلاقة بين المواد الناقلة المختلفة .
إن الأدوية التي تُعطى للمريض في هذه الحالات ليست بمخدر و لكنها تقوم بإصلاح الاضطرابات الناشئة في خلايا المخ بطرق مختلفة مثل :
o زيادة المواد الناقلة للنبضات كما في مضادات الاكتئاب.
o تثبيط مستقبلات المواد الناقلة كما في مضادات الذهان.
و هناك عدة أنواع من الأمراض النفسية تشمل :
1. اضطراب في المعتقدات و الإدراك والتفكير و من أنواعه الفصام و الذهان.
2. اضطراب وظيفي في الشخصية كالقلق و الوسواس و الشكوك و هذا ما يعرف بالعُصاب و من أنواعه:
3. الاكتئاب.
4. القلق.
5. الوسواس القهري.
6. تعاطي المخدرات و الكحوليات.
7. الصرع.
8. التخلف العقلي.
يمكن للأسرة و الأصدقاء مساعدة من يتعرض للاضطراب النفسي و كذلك مساعدة المصاب بمرض نفسي شديد
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا إذا أشتكى منه عضو تداعى له باقي الجسد بالسهر و الحمى" صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم.
يمكن للأسرة و الأصدقاء مساعدة من يتعرض لاضطراب نفسي وذلك بتفهم طبيعة اضطرابه و بمؤازرته و مساعدته على حل مشاكله .
مساعدة الأسرة و الأصدقاء هامة أيضاَ في حالة المرض النفسي الشديد و كذلك في متابعة تناول المريض للعلاج حسب إرشادات الطبيب المعالج.
يجب أن يستعمل العلاج الذي يصفه طبيب الأمراض النفسية بانتظام و للفترة التي ينصح بها.
عادة ما يحتاج المريض العلاج لفترة طويلة بالرغم من تحسن حالته ، حيث أنه إذا توقف العلاج فهناك احتمال كبير لعودة المرض النفسي مرة أخرى.
لا يجب أن ندعو المريض النفسي بأنه مجنون حيث أنه يعاني من مرض مثل أي مرض عضوي.
إن المرضى النفسيين لديهم القدرة على القيام بالأعمال المعتادة ، لذا يجب علينا أن نشجعهم و لا نجبرهم أن يعملوا أكثر من طاقتهم.
لا يجب أن يمكث المريض في المستشفى مدة أكثر مما يحتاج لأن مكوثه كثيراً ينسيه اعتماده على نفسه ، كما يصبح أقل قدرة على العمل و الاندماج في المجتمع و قد يصبح معتمد بشكل كامل على الآخرين .كما أن بقاء المريض فترة طويلة بالمستشفى يؤثر على توفير مكان لمريض آخر يحتاج لدخول المستشفى.
تذكر أن الضغط الشديد على المريض النفسي يؤدي إلى انتكاسة و أن الإهمال سيجعله سلبياً و منزوياً .
على الآباء و الأمهات أن يكونوا قدوة جيدة لأبنائهم وأن يغرسوا فيهم القيم الفاضلة
لابد من تشجيع الأبناء على ممارسة الهوايات و الأنشطة الثقافية والرياضية .
غرس المبادئ و القيم الدينية في نفس الأبناء و بث روح الثقة لديهم.
يجب أن يكون للآباء و الأمهات دوراً إيجابياً في التعامل مع أبنائهم إذا وقعوا فريسة للإدمان و التدخين و حثهم على الذهاب لتلقي العلاج.
الاكتشاف المبكر للاضطرابات النفسية مهم جداً في سرعة تحسن الحالة
مع ازدياد الوعي الصحي النفسي و تقدم الخدمات الصحية النفسية المتوفرة في السلطنة أصبح بالإمكان اكتشاف الكثير من الاضطرابات النفسية مبكراُ و بالتالي تلقيهم العلاج أيضاً في وقت مبكر أي في المراحل الأولى من المرض النفسي . و يؤدي كل هذا إلى نتائج أفضل و أسرع قبل أن تتفاقم الحالة و تتحول إلى حالة مزمنة.
و بمجرد أن يتلقى المريض العلاج المناسب في الوقت المناسب و بعد أن تستقر حالته فإن أفضل مكان يمكن أن تستمر رعايته نفسياً هو في كنف أسرته.
كما يمكن للمريض النفسي بعد تلقيه العلاج و استقرار حالته أن يعمل و يعيش حياة طبيعية، كما يجب علينا جميعاً كمجتمع أن ندعم مثل هؤلاء الأشخاص من خلال المساعدة على إعادة دمجهم في المجتمع.