خطورة الإسراف في الكفائين على الصحة النفسية
د.محمد عبد الكريم الشوبكي - تشكل القهوة أكثر المواد استهلاكا في العالم ، وبالرغم أن عدد من الدراسات أشارت إلى إن احتساء القهوة باعتدال لا يسبب أية اضطرابات نفسية فاحتساء كميات قليلة من القهوة 20-200 ملغم / يومياً يشعر الشخص بالراحة والاستمتاع والشعور بالحيوية والطاقة ، والتركيز، والدافعية للعمل .كل ذلك بسبب احتوائها على مادة( الكفائين ) والموجود أيضا في المواد الغذائية و المشروبات ، وبعض أنواع العقاقير الدوائية ، ( القهوة ، الشاي ، الشوكلاته ، الكاكاو، المشروبات الغازية (الكولا، البيبسي )، المسكنات ، الكاندي ،...الخ) ،فممارسة احتساء القهوة عادة منتشرة في جميع المجتمعات أنها كمتابعة الألعاب الرياضة او التدخين لا تضفي أية مميزات او معايير حضارية او شخصية فهي موجودة في الدول الصناعية والدول المتخلفة. وقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة اقتران استخدامها المسرف، باضطراب المزاج والذهان بأنواعه المختلفة، والتسمم به، والإدمان.
وغالباً فان الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات النفسية الناجمة عن الكفائين لديهم سؤ استخدام لعقاقير ومواد أخرى ، فما يقارب 30% منهم يستخدمون المنومات والمهدئات لإخفاء الأعراض النفسية الناجمة عن الكفائين كاضطراب النوم والقلق .
وتعود عملية الإدمان او الإسراف بسبب التأثيرات التنبهية لمادة الكفائين من خلال تعطيل مستقبلات النواقل العصبية المعروفة (ادينوسين) في الدماغ فالكفائين يزيد من عدد هذه المستقبلات والتي تؤدي إلى الحاجة الملحة في كل مرة لزيادة تناول الكفائين. وحين تخفيض جرعات الكفائين او الانقطاع عنها تصبح هذه المستقبلات أكثر تحسسا مما يؤدي في كلتا الحالتين إلى الإدمان ( زيادة تناول كمية الكفائين لإعطاء نفس المفعول المسبق. وظهور الأعراض الانسحابية النفسية والجسدية حين التقليل او الانقطاع) إما التأثير النفسي الشديد فيعود للكميات العالية من الكفائين والمدة الزمنية الطويلة لتناولها حيث أنها تؤثر على النواقل العصبية (الدوبامين ، والنورادرنالين ) وهذا يفسر التوتر العصبي واضطراب النوم، و الحركات العضلية اللاإرادية، وزيادة ضغوطات الأفكار، وكثرة الحديث مشابهة لحالة الهوس، وظهور أمراض نفسية متنوعة مثل القلق العام، ونوبات الفزع، والوسواس القهري، والرهاب، والاكتئاب، واضطراب الذاكرة ،وفي الحالات الشديدة نسبيا تظهر حالات الهوس والهلاوس البصرية.
وفي حالات تناول كميات كبيرة من الكفائين تزيد عن 2-4 ملغم ثلاث مرات يوميا تظهر أعراض خطيرة كاضطراب الوعي والأوهام و الهلاوس ،واعتلال انتظام حركات القلب والعنف ، وفي حال استخدام اكثر من 10 غم تؤدي إلى الإصابة بنوبات الصرع ، وفشل الجهاز التنفسي ومن ثم الموت.
وقد أثبتت الدراسات ان العوامل الوراثية الجينية ذات تأثير عالي في الإدمان على الكفائين حيث ان نسبة الإقبال على الكفائين تصل عند التوائم 35-77% ( وكذلك الحال بالنسبة للتدخين والكحول) وان المدخنين أكثر احتساء للقهوة ، وتزداد نسبة احتساء القهوة لدى المرضى الذين يعانون من أمراض نفسية اكثر من الأشخاص الأقل معاناة مما يزيد من حدتها .
أما الأعراض الانسحابية فتحدث بنسبة 50-75 % من المدمنين ، وأكثرها الصداع ، والإرهاق ، والقلق ، والكآبة ، واضطراب التركيز ،والإقدام على الانتحار ، والالالم الجسدية العضلية ، ويعتمد ذلك على كمية الكفائين التي اعتاد الشخص على احتسائها وتبدأ بعد 24-48 ساعة من الانقطاع وتبقى لمدة أسبوع.
ونتيجة لما أظهرته الدراسات العلمية الحديثة من آثار سلبية للكفائين على الجهاز العصبي المركزي من اضطرابات مزاجية و ذهانية وعضوية ننصحك بالتقليل بقدر الإمكان من احتساء القهوة والمواد الأخرى التي تحوي الكفائين خاصة اذا كنت ذوي أصحاب المزاج المتقلب والقلق او انفعالي الطبع او كنت تعاني من أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم الشرياني وارتفاع الدهنيات فدرهم وقاية خير من قنطار علاج.
استشاري الأمراض النفسية والعصبية