معضلة اجتماعية حقيقية يعكسها موضوع تعدد الزوجات، ففي الوقت الذي يكثر الحديث عن أبعاده بين قبول ورفض، ثمة قصص تدحض القاعدة لتبين إمكانية انسجام العائلة بتفرعها، في حين ثمة قصص أخرى تبين استحالة التعايش وبالتالي حدوث الشقاق الذي لا يقتصر على الأفراد أصحاب القضية فقط بل يطال أسرهم كلها .. ونظراً لأن لتعدد الزوجات قواعد وأصولاً، كما يرى المختصون، تسلط ” الوطن ” الضوء على الانعكاسات النفسية والاجتماعية لهذه القضية، متوجة برأي الدين الذي وضع ضوابط واضحة لموضوع تعدد الزوجات .
في البداية، أكد أستاذ علم النفس المشارك والتحليلات الإحصائية بالكمبيوتر بجامعة البحرين د . أحمد جلال أن ” العدل في حالة تعدد الزوجات قد يكون حلاً لمشاكل كثيرة قد تواجه العائلة ككل من أبناء وزوجات والزوج أساساً، بل إنها تكون سبباً أساسياً للتقليل من الآثار السلبية لدى الأبناء في حالة تعدد الزوجات، ولتحديد التأثير النفسي العائد على الأبناء يجب معرفة إذا كانت الزوجات يقمن في مسكن واحد أو إن لكل زوجة مسكناً خاصاً، ففي حالة أنهم في نفس المسكن سيكون تأثيرها السلبي أقوى بالنسبة للأبناء من أن يكون لكل زوجة بيت خاص، فإن الخلافات الزوجية قد تؤدي إلى آثار سلبية على الأولاد إضافة إلى أن تدخلات الزوجات في أمور تربية الأبناء قد تؤثر على الأبناء سلباً، فالطفل لا يدرك من أي طرف يأخذ أوامره والدته الحقيقية أو الزوجة الثانية، أما عن العائد النفسي على الزوجات فإن أكبر شي مؤلم للزوجة أن يتزوج عليها زوجها، فهذا الشيء مؤلم أكثر من وفاة زوجها، وسيكون الأثر السلبي للزوجة الأولى أكبر من الزوجة الثانية لأنها دائماً ستضع نفسها في مقارنات مع الزوجة الثانية فهذا سيعود عليها بآثار سلبية تأثر على نفسيتها ”.
التعدد محكوم بشروط
وعن شروط تعدد الزوجات في الدين أشار المحاضر بكلية الآداب بجامعة البحرين خالد الشنو إلى أن ” الشروط التي تحكم تعدد الزوجات تنقسم إلى قسمين أولها الشروط المطلوبة حتى يكون التعدد شرعياً، إذ لابد من العدل بين الزوجات ويكون هذا العدل في النفقة والمبيت والسكن، بينما قد لا يكون عدلاً عاطفياً لأنه في هذه الحالة في يد الإنسان، أيضاً أن يكون قادراً على الإنفاق وإذا لا يملك القدرة على الإنفاق فلا يتزوج ويظلم الزوجة الثانية معه، بينما القسم الثاني يجب وجود أسباب وجيهة لهذا الزواج إما أن تكون هناك مشاكل عديدة بين الزوجين أو مشكلة الإنجاب، فالزوج لا يحب أن يظلم زوجته فيتزوج زوجة ثانية مع مراعاة مشاعرها والعدل بينهما، كما إن المرأة مفطورة على الغيرة ولا ترضى أن تدخل امرأة أخرى حياتها الزوجية، وأنه لابد على الزوج أخذ الأسباب المقنعة بعين الاعتبار لإقباله على هذه الخطوة وأنها لا يحق لها رفض هذا الزواج إذا وجدت أسباب مقنعة لهذا الزواج ”.
وحول حق الفتاة أن تشترط على الرجل قبل الزواج بها عدم الزواج بفتاة أخرى، قال الشنو ” الصحيح لا يجوز لها أن تشترط هذا الشرط لأن هذا يمنع شيئاً حلالاً صرح به الإسلام، فقد تكون هناك أسباب مقنعة للزواج بثانية في المستقبل ”.
أسباب التعدد كثيرة
من جانبه، قال الباحث الاجتماعي حميد محسن إن ” أسباب تعدد الزوجات في الوقت الحالي متعددة، فمن ناحية اجتماعية تفضل بعض الشرائح الزواج أكثر من واحدة وهو للتباهي، فالوجهاء هم الشريحة التي تفضل الزواج أكثر من زوجة، وأما من المنطلق الاقتصادي في مجتمعنا البحريني بسبب الوضع الاقتصادي الذي لا يساعد على تعدد الزوجات ومع ذلك، فإن القدرة المالية قد لا تكون سبباً في عدم التعدد، كما إن تعدد الزوجات لا يكون حلاً للمشكلات الأسرية والاجتماعية بل قد يفتح باباً لمشكلات أكثر، ففي حالة تعدد الزوجات قد يكون غياب الأب المتكرر عن المنزل يسبب مشاكل في تربية الأبناء، وفي الغالب قد يحصل تنافر بين الزوجات فلذلك في أغلب الحالات يكون الزواج الثاني سراً ولكن مع ذلك لكل قاعدة شواذ فهناك حالات المرأة تقبل بتزويجه الزوجة الثانية ولكن هذا من النادر ما يحصل ”.
وعن كيفية حماية الزوجة مملكتها من الانهيار أوضح محسن أنه ” يجب ألا تكون المرأة طرفاً في خلق المشكلات، وأن كل طرف يجب أن يخلص للآخر من جميع النواحي وعليه فالزوج لن يفكر في الزواج من ثانية إذا وجد الحب والوئام من زوجته، إذ يجب أن يكون الحب متوافراً من الطرفين فإن المرأة هي جوهرة الحياة وإنها إذا كانت ذات مواصفات طيبة فالزوج لن يفكر بغيرها ” ، مشيراً إلى أنه في قانون التشريعات بتونس لا يمكن للرجل أن يتزوج على زوجته إلا إذا اقتنع القاضي بالأسباب المطروحة كعدم الإنجاب