زراعة وانتاج العنب
-----------------------------------------------------------------------
العنب من أقدم أنواع الفاكهة التي عرفت زراعتها في مصر وكان لإنتاج العنب في مصر شأن كبير أيام الدولة الرومانية ثم انحسرت زراعته بعد الإسلام نظرا لأن إنتاجه كان مرتبطا بالدرجة الأولى بإنتاج الخمور . وتمثل المساحة المزروعة بالعنب حوالي 14 % من جملة المساحة المزروعة بأنواع الفاكهة المختلفة . وتعتبر المنيا، البحيرة، الدقهلية مراكز رئيسية لإنتاج العنب . وقد انتشرت زراعته على نطاق واسع بالمناطق المستصلحة في مختلف المحافظات خصوصا في الوجه البحري في شرق وغرب الدلتا . والعنب من الفاكهة المرغوبة والمحببة لمختلف الطبقات . ويستهلك معظم المحصول طازجا . ويستخدم جانب من محصول الأصناف عديمة البذور في التجفيف وتصنيع الزبيب . بينما توجه بعض الكميات لتصنيع العصير الطازج والمخمر . وتتوفر للعنب ومنتجاته إمكانيات للتصدير . وترجع القيمة الغذائية لثماره إلى محتواها من سكر الجلوكوز سهل الامتصاص بالإضافة إلى مكوناتها الحيوية من العناصر المعدنية المجهزة في صورة صالحة للاستفادة
الجو المناسب:
تعتبر درجة الحرارة والاحتياجات الحرارية من أهم العوامل المناخية تأثيرا في نجاح زراعة العنب . وبصفة عامة تتمثل الاحتياجات الحرارية للعنب في شتاء تتوفر خلاله احتياجات براعمه من البرودة اللازمة لكسر حالة الراحة ـ كنبات متساقط الأوراق .
وتتراوح احتياجات البرودة للعنب بين شهر وشهرين بمتوسط يومي لا يزيد عن 10ْم ولا يقل عن 2مْ . ويسبب انخفاض الحرارة إلى درجة الصفر أثناء الشتاء ضررا بالغا لكرمات العنب خصوصا إذا طالت مدة الانخفاض . وفي المناطق التي لا يتوفر بها احتياجات البرودة الكافية يمكن استخدام بعض المواد التي تساعد على كسر السكون الشتوي مثل سيانيد الهيدروجين وتنفتح براعم العنب في الربيع عندما ترتفع درجة الحرارة كمتوسط يومي عن 12م وهي درجة بدء النمو والنشاط لبراعم العنب . وتحتاج معظم الأصناف لنموها وإثمارها بحالة جيدة إلى موسم نمو متميز الحرارة ويسوده الجفاف بحيث لا يقل متوسط درجة الحرارة أثناءه عن 18 ـ 19ْم .
ويتوقف طول الفترة من التزهير الكامل إلى اكتمال تكوين الثمار ونضجها لأي صنف من الأصناف على احتياجاته الحرارية اللازمة لنمو ونضج ثماره بحالة جيدة .
والاحتياجات الحرارية للأصناف المتأخرة تساوي ضعف الاحتياجات الحرارية للأصناف المبكرة . ويحتاج العنب لموسم نمو طويل تتوفر فيه كمية مناسبة من الحرارة حتى يستكمل نضجه وتتكون فيه السكريات اللازمة .
ويناسب نمو الثمار درجة حرارة من 25 ـ 30ْم . وإذا ارتفعت الحرارة كثيرا عن ذلك يصاب النمو الخضري بأضرار كثيرة . وتؤثر درجة الحرارة السائدة بمنطقة الزراعة في تحديد استخدامات أصناف العنب المختلفة حيث وجد أنه في المناطق ذات الصيف الطويل الحار الجاف ترتفع نسبة السكر في الثمار لدرجة تسمح بتجفيف الثمار لإنتاج الزبيب .
ولشدة الضوء أهمية خلال موسم النمو حيث لوحظ أن زيادتها بالمنطقة ذات الشمس الساطعة يؤدي إلى تقليل الحموضة بالثمار وزيادة محتواها من السكريات مما يكسبها صفات جيدة . ويترتب على ارتفاع الرطوبة الجوية وقت الإزهار سقوط كثير من الأزهار وتكوين ثمار صغيرة تعجز عن النمو تعرف بالحصرم وهو ما يلاحظ في المناطق التي يسودها الضباب والغيوم في موسم الإزهار .
وبالإضافة إلى ذلك ينشأ عن ارتفاع الرطوبة الجوية أثناء موسم النمو الصيفي انتشار الأمراض الفطرية كالبياض والعفن الأسود .
وتبعا لذلك تلاحظ أن زراعة وإنتاج العنب يتوفر لها في معظم المناطق المصرية متطلبات الجودة من حيث الاحتياجات الحرارية والجو الجاف باستثناء محافظتي قنا وأسوان حيث تكون الحرارة شديدة صيفا .
ومن ناحية أخرى نجد أن الأصناف المتأخرة تعاني من ارتفاع رطوبة الجو في شمال الدلتا مما يعرضها للإصابة الشديدة بالأمراض الفطرية الأمر الذي يجب مراعاته في البرامج الوقائية .
ويسبب التعرض للرياح الشديدة الجافة أضرارا كثيرة لكرمات العنب ما لم تتوفر وسائل الحماية وتقليل الأخطار .
ومن الملاحظ أن رياح الخماسين يترتب عليها ضمور العناقيد فلا تصل إلى حجمها الطبيعي . وبالإضافة إلى ذلك يؤدي التعرض للرياح إلى كسر الأفرع النامية وسقوط الأزهار وخدش الثمار خصوصا إذا كانت محملة بالرمال بالإضافة إلى زيادة فقد الماء من التربة والنبات . ولهذه الأسباب يجب العناية بإقامة مصدات الرياح ويراعى عند الزراعة أن تكون خطوط الكرمات موازية لاتجاه الرياح السائدة .
وعند الاعتماد على الأمطار في زراعة العنب ( الزراعة البعلية ) تحتاج شجرة العنب إلى 5000 مليمتر من الأمطار في العام لتنمو دون ري، ورغم ذلك فإن كروم العنب تنمو بعليا في شمال سيناء بالقرب من مدينة العريش وكذلك من بعض مناطق محافظة مطروح ( الساحل الشمالي ) حيث تنمو وتثمر كرمات العنب دون ري في تلك المناطق التي يقل فيها سقوط الأمطار عن الحد المطلوب بدرجة كبيرة وفي هذه الحالة فإن الكرمات تحصل على حاجتها من الماء المخزن في الجزء السفلي للكثبان الرملية .
التربة المناسبة:
يجود العنب كغيره من أنواع الفاكهة بالأراضي الطمية والخصبة العميقة . ويمكن للعنب أن ينمو في أنواع التربة المختلفة من طينية ثقيلة إلى رملية بها نسبة مرتفعة من الزلط . ويتحمل العنب بل يجود في الأراضي الكلسية التي ترتفع فيها نسبة الكالسيوم موجودة في مناطق إنتاج العنب بشمال التحرير .
ومن ناحية أخرى فإن كروم العنب تتحمل ملوحة التربة وماء الري بدرجة متوسطة وهناك دلائل على أن بعض أصناف العنب تتحمل ملوحة يصل تركيزها إلى 20000 جزء في المليون .
اصناف العنب:
تنتمي أغلب أصناف العنب التجارية إلى نوع العنب الأوربي ويعتمد إنتاج العنب في مصر على صنفين أساسين هما :
1- العنب النباتي .
2- العنب الرومي الأحمر .
وتشكل المساحة التي يشغلانها حوالي 80% من مساحة العنب في مصر .
وعموما تقسم أصناف العنب تبعا للغرض من استخدامها إلى :
1 - أصناف عنب المائدة :
وهي الأصناف التي تصلح ثمارها للإستهلاك الطازج .
2- أصناف عنب الزبيب :
ويضم أصناف العنب التي تصلح ثمارها للتجفيف ويصنع منها الزبيب . وغالبية أصناف الزبيب ثمارها عديمة البذور .
3- أصناف عنب العصير :
وهي مجموعة من أصناف العنب التي لا تصلح لإنتاج العصير سواء للاستهلاك الطازج أو بعد تحميرة في بعض البلدان إلا أن الاتجاه العالمي الآن يميل إلى إنتاج وتسويق العصير الطبيعي الطازج .
الأصناف التجارية :
1- البناتي الأبيض ( طومسون سيدلس ) :
ويسمى أيضا سلطانين وثماره عديمة البذور وهي حبات صغيرة ترتفع في عصيرها نسبة السكريات بينما يقل محتواه من الحموضة .
وهو من الأصناف مبكرة النضج حيث يظهر بالأسواق أوائل شهر يوليو إلا أن المعاملات الحديثة لكسر طور السكون تؤدي إلى تبكير إثماره حوالي أسبوعين . ويمكن معاملة كروم وعناقيد العنب النباتي بطرق خاصة لإنتاج عناقيد ممتازة ذات حبات كبيرة مما يجعله صنفا صالحا للتصدير ويعتبر العنب البناتي من أهم أصناف الزبيب المشهورة في العالم وهو كذلك من أصناف عنب المائدة والعصير الرئيسية في مصر وقد بدأ في السنوات الأخيرة تجفيف ثماره آليا وتصنيعها إلى زبيب . وكرمة العنب البناتي الأبيض قوية النمو وتحتاج إلى التقليم الطويل .
2- الرومي الأحمر :
يعتبر الصنف الثاني في مصر – حباته كبيرة بذرية حلوة قليلة العناقيد تظل على الأشجار حتى شهر ديسمبر . يزرع هذا الصنف بكثرة في محافظة المنيا وكذلك مناطق الأراضي المستصلحة في شرق وغرب الدلتا . وتتحمل الثمار الشحن لمسافات طويلة . الكرمة قوية النمو جدا ويمكن استخدام التقليم القصير معها ( دوابر ثمرية ) لأن العيون القاعدية خصبة مثمرة .
3- بز العنزة :
صنف بذري أيضا – حباته طويلة – من الأصناف التي تنضج في منتصف الموسم في أواخر يوليو وأغسطس – حلو المذاق ينتشر وسط الدلتا – إلا أن مساحته تقل تدريجيا في مصر . ويحتاج إلى تقليم طويل .
4- الخليلي :
من أصناف العنب البذرية الفاخرة – يزرع بعلي ( دون ري ) في شمال سيناء – ينضج في أواخر أغسطس .
5- سيدي براني الأحمر :
يرزع بعلي في محافظة مطروح – ثماره بذرية حمراء ذات جودة عالية – ينضج في أواخر أغسطس .
الأصناف الجديدة :
بدأ في السنوات الأخيرة في استيراد وتجربة زراعة العديد من أصناف العنب التي تتميز بصفات تجعلها صالحة للتصدير ومن أهمها وأكثرها انتشارا الآن الأصناف الآتية :
1- فلام Flame :
هو صنف مبكر عديم البذور – حبته حمراء من الخارج – يبكر في النضج عن البناتي بخمسة عشر يوما .
2- سوبير يور :
من الأصناف الجديدة عديمة البذور – الجلدة سميكة حباته متماسكة مع العنقود بشدة ( لا تفرط سهولة ) ينضج مبكرا عن البناتي بخمسة عشر يوما . مازالت زراعته محدودة لدى بعض الشركات .
3- روبي كينج ( روبي سيدلي ) :
من الأصناف اللابذرية الغزيرة الإثمار – حباته حمراء أيضا ينضج في أواخر أغسطس ويمكن حفظه على الأشجار حتى آخر ديسمبر .
التكاثر فى العنب:
1 ـ التكاثر بالعقل والتراقيد :
يتكاثر العنب بالعقلة بسهولة ـ ويمكن إكثار العنب بأنواع مختلفة من العقل والتراقيد . وفي المشاتل يتكاثر العنب بالعقل الخشبية العادية التي تزرع على خطوط المشتل مباشرة خلال شهر فبراير . ويمكن استخدام عقل نصف غضة أو غضة تحت الضباب طوال العام . أما في مناطق الكثبان الرملية فتستخدم عقل طويلة يساوي طولها العمق بين مستوى زراعة الكرمة والجزء الرطب في قاع الكثيب وتغرس العقلة في الجورة العميقة ثم يردم حولها بحيث لا يظهر منها سوى 3 ـ 4 براعم فوق سطح الأرض وبهذا يتكون المجموع الجذري على الجزء العميق من الفرع حيث الركوبة أما الجزء الظاهر فوق التربة فيكون المجموع الخضري . وتستخدم التراقيد العادية لترقيع مكان الكرمات الغائبة .
2 ـ إكثار العنب بالتطعيم :
هناك حالات من آفات التربة تستدعي استخدام أصول مقاومة لهذه الآفات ومثال ذلك حشرة الفلوكسرا التي تصيب جذور العنب الأوربي في كثير من البلدان ويتحتم إكثار العنب بالتطعيم على أصول مقاومة لهذه الحشرة ومن ناحية أخرى استخدمت أصول لتطعيم أصناف العنب عليها لزراعتها في المناطق الموبوءة بالنيماتودا . وما زال استخدام التطعيم على هذه الأصول في إكثار العنب تحت التجربة في مصر .
إنشاء الكرم :
قبل البدء في إنشاء الكرم يجب تحديد الطريقة التي ستربي بها الكرمات ويحدد ذلك الأصناف ودرجة خصوبة براعمها القاعدية . فإذا كان الصنف المختار عقيم البراعم القاعدية كالبناتي وبز العنزة فيجب أن تكون الطريقة المختارة من طرق التربية على أسلاك مثل التربية القصبية أي الطرق التي تكون وحدات الإثمار فيها قصبات أما إذا كانت البراعم القاعدية للصنف المرغوب زراعته فلا داعي لقصر مجال الاختيار على طرق التربية القصبية فقط بل من الممكن المفاضلة بين جميع الطرق بما فيها الطرق التي تعتمد على الدوابر ( الطراحات ) وهي طرق التربية الرأسية وكذلك طرق التربية الكردونية، وعند الشروع في التجهيز لإقامة الكرم تحدد أنواع الدعامات في البستان حيث أنها تقام عادة في العام الثاني بعد غرس الشتلات وبالإضافة إلى ذلك يجب الاهتمام والتبكير بإقامة مصدات الرياح لأن الرياح تؤذي العناقيد وتشوه الحبات مما يقلل من قيمة المحصول خصوصا في أغراض الاستهلاك الطازج .