أثار اقتراح الجدتين بتكحيل حفيدتهما الجديدة استياء الام الشابة سارة التي ما أن سمعت الاقتراح حتى بدأت حديثاً مطولاً تبين فيه سلبيات الفكرة ومضارها على الأطفال.
وتصنف سارة التي تعمل في مجال الأدوية والمستحضرات الطبية بعض العادات مثل الكحل للأطفال وفرك جسم الطفل بالملح والزيت أو ما يسمى بـ "التمليح" كموروثات اجتماعية بنيت على معايير خاطئة.
وفي حين تجد أن هذه المفاهيم سيطرت على زمن الأمهات والجدات ترى من الضروري الغاؤها في ظل ما وصل اليه العلم من تطور، اضافة الى ثبات ضررها على الطفل.
من جانبه، يجد الباحث في مجال التراث الشعبي نمر حجاب ان التعامل مع المولود استناداً الى ممارسات شعبية مصدره عادات تتناقلتها الامهات عن الجدات بالمشاهدة والاحاديث لتغدو بذلك معتقدات بيئية راسخة.
ويرجع حجاب بعض العادات الراسخة في مجتمعاتنا الى معتقدات دينية من ضمنها الموالد الغنائية التي أدخلت اليها عناصر جديدة مثل شعير المولد وتبخير المولود لحمايته من الحسد.
وفي حين تتنوع الممارسات التي تتبعها الامهات مع المولود الجديد باعتبارها تمثل جانباً من الموروث الشعبي ، وتنقسم هذه الممارسات كموروث شعبي يشكل عادات خاطئة ثبت علمياً ضررها من جانب مثل الكحل للمولود، ومن جانب آخر عادات تحمل معتقدات لا تستند على أسس علمية ولكنها في الوقت نفسه لا تشكل ضرراً على المولود.
ويجد الكاتب سعادة ابو عراق ان معظم هذه الممارسات تعبر عن تجارب مستوحاة من زمن الفراعنة أو الفينيقيين. وفي حين يثني على ما وصل إليه بناة الحضارات القديمة من تقدم في مجالات مختلفة يقول: "لا يجب التسليم بكل تجارب الاجيال السابقة".
ويتابع "تناقلت امهاتنا عادات كثيرة ورثتها عن الجدات". بيد أنه يشير إلى "اعتماد هذه الممارسات على التجربة من دون الاستناد إلى أسس علمية، لافتاً إلى أن نجاح التجربة لمرة واحدة يجعل منها مسلمة تطبق على عدة حالات.
ويعدد أبو عراق بعض الممارسات السلبية المبنية على معتقدات خيالية ومن ضمنها الخرزة الزرقاء (التميمة) التي توضع للأطفال اعتقادا من أنها تحمي الاطفال من العين والحسد.
ويجد أبو عراق ان الخيال الشعبي واسع جداً وفي كثير من الاحيان يعتمد على حجج متناقضة. وكمثال على ذلك يشير إلى "تعليق عظمة الذئب في رقبة المولود كعلاج من السعال، إذ ان الذئب يتميز بنباحه الدائم وكذلك الصوت الذي يصدر من الطفل الذي يعاني من السعال". يجد أبو عراق أن هذه العادة مبنية على فكرة "داوه بالتي كانت هي الداء".
ومن ضمن الممارسات المتوارثة في مجتمعاتنا التي ثبت ضررها يتحدث ابو عراق عن الكوفلية التي استخدمت وما تزال تستخدم لاعتقاد بأنها تحقق استقامة في عظام المولود وعموده الفقري، وهو ما تنفيه اختصاصية طب الاطفال د. هند دواني التي تؤكد على ان "الكوفلية" تحد من حركة الطفل وحركة عضلاته كما قد تتسبب في رفع درجة حرارة جسم الطفل، خصوصاً في فصل الصيف.
وفي هذا السياق تنصح دواني عند استخدام "الكوفلية" للطفل بتركها رخوة بما يتيح للطفل الحركة، مشترطة بقاء ايدي الطفل خارجها.
ومن العادات الأخرى التي تحذر منها اختصاصية الأطفال عادة تمليح الطفل التي يعتقد أنها مفيدة لجلد الطفل وتقول دواني "على العكس تماماً ليس لها أي فوائد صحية بقدر ما يمكن ان تكون ضارة".
وتجد أن جلد الطفل رقيق وحساس. ومن الممكن ان يمتص الملح عن طريق الجلد ، "ما قد يسبب ارتفاعا في نسبة الصوديوم (الأملاح) في دم الطفل الأمر الذي يتسبب بفقدان الطفل السوائل في جسمه".
وحذرت دراسة سعودية نشرت أخيرا من أن الكحل يضر بالعيون ويؤذي البصر، وخصوصا تلك الأنواع الشائعة في المنطقة العربية والخليجية لاحتوائها على نسبة كبيرة من الرصاص. ووجد الأطباء في مستشفى الملك فيصل التخصصي، بعد تحليل عينات عشوائية من الكحل الذي يباع عند العطارين والمتوافر في الأسواق والأنواع الهندية على الأخص بأن نسبة الرصاص فيها تتراوح بين 85 في المائة إلى مائة في المائة في كل غرام من الكحل.وأوضح الأطباء أن هذه النسبة من الرصاص تضر بالعيون وخصوصا عند الأطفال بعد أن تبين وجود علاقة بين استخدام الكحل وتسمم الرصاص عند الأطفال، وما يسببه من اعتلالات دماغية مشيرين إلى أن مثل هذه الاعتلالات تسبب زيادة نسبة الوفيات بين الأطفال إلى 25 في المائة.
ونبه الاختصاصيون إلى عدم صحة المعتقدات الشائعة بأن الكحل يقوي النظر ويزيد من سماكة الرموش ومتانتها، ويعزز من كثافة الحواجب ، ونصحوا باستخدام أقلام الكحل التي تباع في الصيدليات، لأنها تحتوي على مادتي الكربون والحديد اللذين لا يؤثران على العين وصحتها