رابعة الشناق
قد لا أعجب اذا قرأت يافطة في أحد شوارع أوروبا أو أمريكيا تقول " انتخبوني كي أوصلكم إلى كوكب المريخ " ولماذا لا أصدق وأنا أعلم علم اليقين أن الأبحاث تجري على قدم وساق لغزو الكوكب الأحمر وأن تجارب لا تعد ولا تحصى يتم عملها على الإنسان والحيوان والنبات للتوصل إلى التقنيات الكفيلة بضمان حياة أو إقامة أمنه على المريخ .
لكنني أهزأ وأنا أقرأ يافطة لمرشح تقول " انتخبوني كي أقضي على الفقر والبطالة وأحر .. ".
بالله عليكم تعالوا بنا نتمعن في هذا البرنامج المعلن ونخضعه للتحليل والتقييم .
صاحبنا يريد أن يقضي على الفقر والبطالة معا ثم يعرج مشكورا على تحرير .... ، كيف لا أدري لأنه قام بوضع نقطة الختام في نهاية إعلانه الانتخابي فلو وضع نقطتان لقلنا للحديث بقية .
منذ أن فتحت عيناي على الكون قبل مائة عاما ونيف وأنا أقرأ هذه اليافطات المكتوبة بالألوان الزاهية الأحمر والأزرق والأخضر والبني أحيانا والمخرمة بثقوب لكي تنفذ منها الرياح ولا تأخذها في طريقها .
منذ أن درجت على هذه الأرض وخطوت أول خطوة وحيدا ودون مساعدة والدتي أو أي من أشقائي وأنا أرى صورا تلصق على الجدران في الشوارع والأزقة تقول " مرشحكم فلان ابن علان " وجوه كشرة في الغالب لا تبعث على الطمأنينة والتفاؤل ولا تبشر المرء خيرا وشعارات بالية أكل عليها الدهر وشرب ثم قضى حاجته بعد تخمة ، منذ ذلك الحين وأنا أرى أن الفقر يزداد وسلم البطالة في ارتفاع وفلسطين جيرت من الصراع من أجل الحق الى التسول من أجل دويلة ثم يأتينا مأفون ليقول " انتخبوني لكي نقضي على الفقر والبطالة ونحرر فلسطين ".
أما أنا فقد عاهدت نفسي الأ أنتخب الا من قال " انتخبوني كي نصل معا الى زحل " لماذا لأنني سوف أدرك ساعتها أن للرجل برنامج علمي محض ولا شك .....
ان المتأمل للمشهد الانتخابي لابد وأن يلاحظ بسهولة الكثير من التناقضات بين الشعارات المعلنة والسياسات المطبقة على أرض الواقع، فالطبقية مثلا تزداد الفوارق فيها يوما عن يوم ، بين طبقة البورجوازيين والطبقة الكادحة التي تشكل الأغلبية المطلقة، فبالرغم مما يرفع من شعارات من قبيل " جميعا من أجل القضاء على الفقر والبطالة " ، وما إلى ذلك من الأمراض التي تنخر باستمرار جسد هذا الوطن الحبيب، فان ما يطبق على ارض الواقع إنما يكرس لشعارات نقيضة ، فكيف يعقل ان نقضي على الفقر ونحن نوجه سياساتنا للقضاء على الفقراء أنفسهم بدل ما يعانونه من فقر؟ كيف نقضي على الفقر ونحن ما نفتأ نرفع اسعار المواد الحيوية التي يقتات منها الفقير ونجمد الاجور على ما هي عليه ؟
أليس من الصواب ان كنا فعلا نتوق للقضاء على آفة الحاجة ان نسلك طريقا بديلا ونفكر بحلول صحية وحاسمة ؟
إليكم مني حلا قد يوفر ميزانية ضخمة تمكنكم من انجاز مشاريع هامة تقضي على البطالة بصفة نهائية في ظرف لا يتعدى خمس او العشر سنوات ، ولكن لا تحسبونني أهذي فما الأمر بالهذيان ولكن ركزوا معي لو
سمحتم :
من الواضح ان جميع من يتقدمون للترشيح للبرلمان او يحضون بفرصة العضوية في الحكومة من المحسوبين على البورجوازيين، الذين لهم من المداخيل ما يدفع عنهم الحاجة ومن المعارف ما يغنيهم عن كل العقبات في الحياة – اللهم لا حسد -، ومن المعلوم ان السادة البرلمانيين يتقاضون من الأجور ميزانية ضخمة سنويا، فلكم ان تعدوا عدد البرلمانيين نوابا ومستشارين وعدد الوزراء وكتاب الدولة وبعملية بسيطة ستستخلصون ان أجورهم السنوية تعد بالمليارات سنويا اضافة الى ما يمنح النائب او الوزير من امتيازات في العلالي حتى كادت ان تعانق المريخ الذي نتوق للوصول اليه .
وما دامت المسؤولية في البرلمان انما تاتي بترشح من الفرد وبتصويت من المواطن ، واذا كان المفروض في المرشح هو الدفاع عن مصالح منتخبة ، واذا كانت نيته صادقة فعلا، أ فليس من المعقول ان يكون دفاعه عن المواطن تطوعا لا مقابل أجر؟ فانا أرى انه اذا كان لا بد من الأجر فلتكن العضوية في البرلمان خاضعة لمباريات بكل دائرة يتم من خلالها اختيار المتفوقين من المرشحين للعمل تحت قبة البرلمان لمرحلة نيابية اذ ذاك لا مشكل في اعتماد الأجر وفي ذات الوقت يعفى المواطنين من ضجيج الحملات والمهرجانات الخطابية وما يصاحبها من معارك كلامية لا معنى لها .