كثيرا ما تحدث للأشخاص أمثالنا، نحن معشر الموظفين، مواقف عصيبة في العمل، لعل أقساها الدخول إلى المكتب بعد الإجازة أو حتى خلال أيام الأسبوع، وعدم القدرة على الدخول إلى الشبكة المحلية للشركة، أو في أسوء الأحوال عدم العثور على أغراضنا الشخصية على المكتب، مع ملاحظة لمراجعة المدير المسئول.
إن فقدان الوظيفة لأي سبب كان، سواء من جانب الشركة أو كعقاب على سلوك شخصي، يترك أثر نفسيا عصيبا على الموظف، فالموظف الجديد، والموظف الذي يتقاضى مرتبا عاليا، والموظف الذي يحتك بأحد المسئولين الكبار يعيشون تحت ضغط يومي من الخوف من الطرد، أو الاستغناء عن الخدمة، أو حتى الإجبار على الاستقالة.
ولأن الموظف غالبا ما يكون ملتزما بمصاريف مالية، وفواتير، وأمور أخرى تستند بالأساس على معاشه الذي يتقاضه من عمله، فأن فقدان العمل فجأة يسبب له ضغوطا نفسية هائلة، فخلال الأسبوع الأول من فقدان العمل، وفي حالة موظفة تم الاستغناء عن خدماتها لأسباب تتعلق بميزانية الشركة، فقدت الموظفة 6 باوندات من وزنها، ولم تخرج من الفراش إلا نادرا، وأهملت أطفالها أو زوجها، كما شكت من أعراض الإجهاد والتعب، بالرغم من عدم قيامها بأي مجهود. وتعرف هذه الحالة التي سيطرت على الموظفة بالكآبة المعتدلة.
يقول الدكتور آل شيبرت، مؤلف الشخصية الناجية، ومسئول عن ورشات عمل لدعم الشخصيات القوية. "عندما يواجه شخص ما بصدمة كفقدان العمل، لا تعتبر هذه الأعراض التي ذكرنها سابقا أمرا مفاجئا. فقد أظهرت الدراسات بأن صدمة مثل هذه قد تضعك في خطر أعلى للإصابة بالكآبة، والقلق، مع احتمال الإصابة بمشاكل تتعلق بتناول المهدئات، والكحول، والإصابة بالأمراض." ويضيف شيبرت بأن ما يحدث نفسيا يؤثر على المشاعر، ويسبب مشاكل عضوية شائعة مثل الصداع، وارتفاع ضغط الدم، والقرحة.
وبالرغم من أن الموظف أو الموظفة قد يعود تدريجيا إلى حياته الطبيعية بعد عدة أسابيع،خصوصا إذا وجد وظيفة أخرى، إلا أنه يشعر دائما بألم في داخله ولكنه يحاول السيطرة عليه.
المرونة العاطفية
يمر الموظف بعدة مراحل من المشاعر بالحزن والكآبة، فمبدئياـ يشعر بأن الموضوع أكبر منه، وبأنه غارق في دوامة، وبأن كل الدنيا تحاربه، ثم يمر بفترة سكون، يعود بعدها أقوى قليلا مع حلول لبعض مشاكله, فدماغه لا يتوقف عن التفكير خلال هذه الفترة، ويبدأ بطرح الخيارات المتاحة لمساعدته على الخروج من الأزمةـ فهو فعليا في حالة طوارئ عامة.
وينصح شيبرت الموظفين الذين يقعون بمثل هذه المشاكل أن يبدئوا أولا بمواجهة مشاعرهم، قبل أن يحدثوا سيرتهم الذاتية، ويبدئون بالبحث عن عمل جديد.
وإليكم هذه الخطوات الهامة للانطلاق بعيدا عن مشاعر اليأس والإحباط التي ترافق فقدان العمل:
أكتب مشاعرك. في دراسة أجراها كل من ستيفاني سبيرا، وإيريك برفيلد، وجيمس بينبيكر عام 1994، وجدوا بأن الرجال الذين فقدوا وظائفهم وجدوا عملاً أسرع جداً بعد أن قاموا بالكتابة عن تجربتهم مدة30 دقيقة كل يوم لمدة خمسة أيام متتالية. يقول شيبرت، إن ترجمة المشاعر المزعجة إلى لغة لا تحلل العواطف فقط، ولكنها تغير وجهة نظرك اتجاه التجربة. وتساعدك على تطوير منظور جديد لأهدافك، ومشاعرك، وردات فعلك.
استعيد احترامك لذاتك. تعمد بعض الشركات إلى فصل الموظف أمام زملائه بطريقة مؤذية لمشاعره، وتحمله كامل المسئولية عن الأخطاء التي ارتكبها أو لم يرتكبها لتبدو الشركة غير مجحفة بحقه، وقد يستسلم العديد من المفصولين عن العمل لهذه المشاعر، ويصدقون ما تقوله الشركة عنهم، لأنهم يعتقدون "بأن السبب مرتبط بهم، فهو من أخفقوا وهم الملامون." وهذه الطريقة لا تساهم في تحطيم مشاعر احترام الذات، بل وتسبب تدمير الثقة بالنفس أيضا. لذا ينصح شيبرت الموظف بالطلب من زملائه والمسئولين عنه كتابة رسائل تقدير له ولجهوده في الشركة، هذه المجموعة من الوثائق تساهم في استعادة الثقة بالنفس، واحترام الذات، وتعتبر جزءا من الطريق للخروج من هذه الأزمة النفسية.
البحث عن الدروس المستفادة. يقول شيبرت بأن البحث عن الدروس المستفادة من التجربة يساهم في رفع المعنويات، والتعلم من الأخطاء، واعتبار التجربة اختبار لقدرته على التعامل مع المشاكل المفاجئة والطارئة، واستغلالها للتفكير بشأن وضع ترتيبات طارئة في حالة تكرار حدوث مثل هذه الظروف. "لقد كان صعبا جداً علي عندما قال لي رب العمل بأنني مفصولة، ولكنني عندما أفكر بالأمر اليوم، أشعر بالسعادة لأن ذلك دفعني لاكتساب مهارات جديدة وتوسيع آفاقَي ومعلوماتي، فالمكان الذي نعمل به حاليا ليس دائما المكان المثالي، فهناك أماكن أخرى تلاءمنا وتمنحنا القوة أيضا. "
وأخيرا، إذا شعرت بأنك تواجه مشاكل في العمل، وبأنك معرض للفصل، قم بترتيب أوراقك، وأفكارك، واستجمع قواك لتقديم استقالتك أولاً، قد يصعب عليك الأمر، ولكنك ستتجنب الوقوع في صدمة الفصل المفاجئ.
موضوع: كيف تتعافى نفسيا بعد فقدان عملك؟ 
29/10/2010, 08:21
