في ظلام دامس بدأت مشوار حياتي ، الرياح تعصف بي من كل جانب ، لا أكاد أرى فطريقي مظلم ، كنت آمل أن أجد نبراسا ينير طريقي ، يرشدني ، حكم علي أن أسير وحيدة بدون دليل أو شعلة أستنير بها ، أو حتى شمعة أمل ، وتطول مسيرتي ، يوما بعد يوم ، سنة تلو سنة ، وتمضي سنين عمري ، وفجأة يلوح لي في الأفق البعيد بارقة الأمل بصيص نور يقترب ، إنه النور الذي كنت أبحث عنه ، وبدأت أقترب منه ، إستحثيت قدماي أن تسرع خطاها ، محاولة أن ألحق به ، تعثرت قدماي بما في الطريق ، لقد أدمتها العثرات ، أنهكت من كثرة المسير ، وقفت أتنفس الصعداء و أسير الهوينا ، لعله ينتظرني ، ناديت : " إني محتاجة إليك ولمشعلك" ، طلبت أن أشاركه المسير ، رفض بادئ الأمر، وبعد إلحاحي وتوسلي و ما حل بي من الزمان ظل يفاوضني يسألني : " ما المقابل في أن أكمل بقية طريقي معك ...؟" حدثت نفسي أن طريقي أوشك على النهاية ، فلم يبقى منه إلا القليل ، بينما هو بدأ مشواره من حيث ظهر لي ، سألته : " ماذا تريد لنكمل بقية الطريق معا ؟" لماذا لم أجدك منذ بداية طريقي؟، لم يبقى من طريقي إلا اليسير ، وأنت ما زلت في البداية ، أعطيك ماتبقى لي من العمر ، أهبك حياتي كلها ، فداك روحي وعطفي وحناني . أعرض بوجهه عني وإنصرف ، هذا الظلم بعينه ، هذا هو العذاب ، إنه الحرمان ، من يفهمني ؟ من يعيرني الإهتمام ؟ من يسمع صرختي ؟ من يحس بتوجعي وآلامي ؟ عيناي تذرف الدمع الغزير ، أسير بخطى متثاقلة وكأني أحمل جبالا ، قلبي يدمي من عثراتي ، عيناي تنتظر بصيص الأمل ، لم أجد حتى عصا أتوكأ عليها ، لقد جار علي الزمان ، وجار علي النشمي ، فهل تعود إلي لتكمل معي بقية مشوار حياتي وتكون الأنيس في وحدتي ، وتنير طريقي ، مازلت بإنتظارك إلى آخر نبضة قلب .