بمواصفات صهيونية
28 حزيران , 2012
منذ الأيام الأولى للأزمة التي تعيشها بلادنا، والإعلام السوري يتعرض كباقي مكونات المجتمع لاستهداف مباشر، تارة بالعقوبات والتحريض الذي قادته فضائيات النفط والزفت بغية تشويه صورته ودوره الوطني، وتارة أخرى بالإرهاب النفسي والجسدي الذي تعرض له الكثير من الزملاء ممن أحرقت منازلهم وممتلكاتهم أو تعرضوا للضرب ومحاولات القتل على أيدي المجموعات المسلحة.
ولذلك فإن ما تعرضت له الإخبارية السورية يوم أمس مثّل ذروة الاستهداف بوحشيته وإجرامه وحقده..
وإذا كان منفذو هذا العمل الإرهابي يعتقدون أنهم بذلك يمكنهم إسكات الأقلام والأصوات التي تفضحهم وتعري حقيقة جرائمهم وأفعالهم، فإنهم من جانب آخر يؤكدون أخلاقهم القذرة التي تبيح لهم قتل المواطنين الأبرياء وإعدامهم بدم بارد، إذ لم يسلم من إرهابهم حتى عمال النظافة والموظفون القائمون على خدمة المواطنين وتلبية احتياجاتهم اليومية..
في كل الحروب والنزاعات، وحتى تلك التي تصنف في التاريخ على أنها الأكثر دموية كالحرب العالمية الثانية، كان الإعلام خارج دائرة الاستهداف لرسالته السامية، باستثناء ثلاث حالات من هذه الحروب يكون أحد أطرافها:
-العدو الصهيوني الذي أثبتت جرائمه على مدى عقود عدم تمييزه بين الإنسان والحجر في إرهابه، ومن ثم كان طبيعياً استهدافه لعشرات الصحفيين الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين وللعديد من المنشآت الإعلامية في الأراضي العربية المحتلة.
- الولايات المتحدة الأمريكية التي قتلت عشرات الصحفيين خلال حروبها العدوانية على الدول والشعوب تحت شعارات زائفة وكاذبة، وربما ما تعرض له الزملاء في العراق الشقيق خلال سنوات احتلاله يكشف بعضاً من ملامح الوجه القذر لواشنطن في تعاملها مع الإعلام الآخر.
- التيارات التكفيرية المتطرفة التي ترفض الآخر بالمطلق فكراً وموقفاً ورأياً بغض النظر عما يمثله في المجتمع، وفي ظل هذا الفكر الظلامي الوهابي، الذي تحاول دول معروفة تصديره منذ عدة عقود، سقط الكثير من الإعلاميين العرب والأجانب ضحية لإرهاب فكري قبل أن يكون جسدياً.
وهدف الأطراف الثلاثة من استهدافها للإعلام والإعلاميين في كل حروبها هو هدف واحد لكن بشقين: التغطية على جرائمها وأفعالها المشينة بحق الإنسانية والبشرية من جهة، وتغييب من يعارضها في الفكر والسلوك والقيم من جهة ثانية..
ما حدث أمس، وكما هو حال المجازر والجرائم التي ارتكبت بحق السوريين، لا تقع مسؤوليته فقط على المجموعات الإرهابية التي نفذت وقتلت، وإنما على الدول والجهات العربية والإقليمية والدولية الداعمة والممولة والمحرضة على هذا الإرهاب، وهي مسؤولية جنائية وقانونية وأخلاقية أكثر من كونها مسؤولية سياسية..
فالدور القذر لبعض الدول في الأزمة السورية لم تعد تنطبق عليه مواصفات التدخل السياسي، فما تقوم به هذه الدول أصبح عدواناً مباشراً على الشعب السوري ودولته ومستقبله.
بقلم: زياد غصن