من السيرة النبوية : لماذا نُعِتَ أبا الحكم (عمرو بن هشام ) بأبي جهل ؟
بسم الله الرحمن الرحيم.
هوعمرو بن هشام بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي كني بأبي الحكم لرجاحة عقله وحكمته وكان له نصيب من بين قادة قريش في دار الندوة التي هي بمثابة رئاسة الوزراء فهو من أعيان قريش وقادتها وله رأي مسموع بين قومه وكان صاحب مال وجاه ويطمع أن يكون زعيما لقريش أي رئيسا للوزراء وهو ذو بأس وشدة وشجاعة وهذه الصفات معروفة في بني مخزوم مثل أبناء عمومته عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد رضي الله عنهما
ولكن تجري الأقدار على غير مايريد أباالحكم كما قال الشاعر:
ما كل مايتمنى المرء يدركه**** تجري الرياح بما لاتشتهي السفن.
فهاهو نور الهداية قد انبلج وشعاع الحق قد سطع ببعثة الرسول الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم الذي دعا إلى توحيد الله الواحد الأحد وترك عبادة الأوثان وإقامة الصلاة وإتاء الزكاة وصوم رمضان وجح البيت لمن استطاع إليه سبيلا
............. فلم تطق نفس أبا الحكم هذا الدين ولاصاحبه
الذي سفه أحلامه وقوض ءاماله في زعامة قريش فكان أشد الجاحدين لهذا الدين القيم والمناوئين له بالعداوة والإيذاء للرسول وصحبه وبالرغم من ذلك كان النبي الكريم يدعوه الى الحق مواجة ,ويدعوا له في ظهر الغيب يقول ((اللهم اهد إحدى العمريين)) أي عمرو بن هشام أو عمر بن الخطاب وقد استجاب الله للنبي وكانت الهداية من نصيب عمر بن الخطاب الذي صار من اجل الصحابة وثاني الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أما بن هشام تمادى في العداوة لله والرسول حتى غضب منه الرسول الكريم ونعته بأبي جهل. والتساؤل الذي يردنا هنا هو لماذا نعته الرسول بالجهل رغم ذكاء بن هشام وحكمته .
ذلك أن الجهل الذي عناه الرسول هو الجهل بالدين والتوحيد وليس الجهل بأمور الدنيا ومقتضياتها
وهو الجهل الذي يورث عللا أخلاقية وليس خُلُقية اي العلل التي تسمى بالامراض والعقد النفسية التي تترسب وتتراكم في النفس حتى تفيض على الجوارح فيصير المرء جلفا متكبرا متجبرا متشبثا برأيه لايرى أبعد من أنفه فهو إبن لحظته ينسى أمسه ولايستعد لغده {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ }البقرة171
هذا هو أبو جهل الذي سلط الله عليه أبناء عفراء معوذ ومعاذ فرغم هيبتة وقوته إنقضا عليه وفتكا به ووقف عليه عبدالله بن مسعود فقال أبو جهل وهو يحتضر: لمن الغلبة اليوم .فرد بن مسعود لله ولرسوله يا عدو الله.
فلما بلغ ذلك رسول الله قال: فرعوني أشد من فرعون موسى اذ قال فرعون {آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ }يونس90
والحكمة الأكبر في الموضوع هي ان إبنه عكرمة وفقه الله للإيمان بعد فتح مكة وحسن إسلامه ومات شهيدا في الشام في غزوة اليرموك
فسبحان الله الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء
ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي
.
وأخيرا ندعوا الله أن يتقبل منا ويهدينا إلى الصراط المستقيم وأن يحسن عاقبة أمرنا إنه على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين.