هذا هو الثلجُ من عليائِهِ نَزَلا ...... لولا تَوَاضُعُ هذا الثلج ما هَطَلاَ
وَهَاهيَ الأرضُ في أَبهى مفاتنها ..... تزينتْ كعروسٍ وارتدتْ حُلَلاَ
والطير يمرحُ في الأَجواءِ مُبتهجاً..... وقامَ يشدو بهذا العُرسِ مُحتفِلا
وكلُّ غصنٍ تَثَنّى خَصرُهُ طَرَبَاً .... من نشوةِ الرقصِ حتّى خِلْتَهُ ثَمِلاَ
وإن نَظَرتَ إلى الأَشجارِ تحسَبُها .... عَرائساً ما رَأَتْ عينٌ لها مَثَلا
وحيثُ تنظرُ فالآفاقُ قد لَبِسَتْ .... ثوبَ النّقاءِ، ولن ترضى لـه بَدَلاَ
حتّى كأَنَّ سُهولَ الأرضِ قد عَدَلَتْ ..... عن لونِها نحوَ لونٍ يبعثُ الأَمَلاَ
وأَينما سِرْتَ فالأَرجاءُ من بَجَعٍ ..... وَلو دَنَوْتَ قليلاً رُبّما جَفِلاَ
والثلجُ في الاَرضِ كالدِّيباجِ مُنْبَسِطٌ ..... فكيفَ تمشي على الدّيباجِ مُنْتَعِلاَ؟
***
هذا هو الثلجُ ما أَبهى نَصَاعتَهُ ..... وما أُحيلاَهُ عَمَّ السَّهلَ والجَبِلاَ
والبردُ يحلو إذا ما الثلجُ جاءَ بِهِ .... لولاهُ ماكانَ هذا البردُ مَحتَمَلاَ
وكم سُعِدْنا بهِ، إذْ راحَ مُحْتَضِناً .... وَجْهَ الطبيعةِ، واستحلى بهِ القُبَلاَ
وَحَسْبُنا أَنّنا ذُقْنا حَلاوتَهُ .... وحيثما حَلَّ مَتّعنا بهِ المُقَلاَ
وكم لَهَونا بهِ، والأرضُ ضَاحِكَةٌ .... واللّهوُ بالثلجِ لم يَتْرُكْ بِنا خَجَلاَ
وَكم ضُرِبنا بهِ، والكُلُّ مُبْتَهِجٌ .... والضربُ، إلاَّ بهذا الثلجِ ما قُبِلاَ
***
هذا هو الثلجُ وَافَانا بطلعتِهِ ..... وجاءَ بالخيرَ حتّى أَغلَقَ السُّبُلاَ
وجاءَ يحملُ ما يحْيا المَوَاتُ بهِ ..... بُشْرَاكِ يا أرضنا الظَّمأَى بما حَمَلاَ
حتّى القَرائح أَحياها بمَقْدُمِهِ ..... فجاءَ بالوَحيِ والإلهامِ إِذْ هَطَلا
وكلُّ نُدْفَةِ ثلجٍ لاَمَسَتْ هُدُبي ..... وَدِدْتُ لو أَنّني أَسمعتُها غَزَلاَ
وكم نَوَدُّ لَوَ ِِأَنَّ الثلجَ بَادَلَنَا .... حُبَّاً بحُبٍّ، وبعدَ اليومَ ما رَحَلاَ
فَلَيْتَهُ دامَ هذا الثلجُ واغتسلتْ ..... بهِ القلوبُ، ولم يَتْرُكْ بِهَا عِلَلاَ.
.