هل الفقر يبرر الغش ؟///منقول

بسم الله الرحمن الرحيم
حضارة أقرب للزيف !
حيث أنّنا أصبحنا في عصر ( الحضارة المزيّفة ) ، نجّمل فيه القبيح و نزين فيه الرديء و توّسع الغش في كل المجالات و أضحى الكل يضحك على ذقون الناس في كل شيء بلا استثناء ، و أصبحت الموضة في عصرنا أن تقوم بعض الشركات المحترمة برفع شعار الصدق و الامانة لتتميز به عن غيرها من الشركات الغير أمينة ! أجل ..أضحت الأمانة عملة نادرة.. و أصبحنا بأمسّ الحاجة إلى المعيار السليم لنوازن فيه سلوكياتنا و دوافعنا و نحكم تصرفاتنا بعقلانية و أخلاقيةِ .
ترى هل وجد الباحثون و الدارسون و الأخصائيون الاجتماعيين والنفسيين أيّ شيء قد يردع الإنسان عن الغش و الكذب و اختلال ميزان الامانة لديه سوى ضمير مرتبط بإنسانيته و إيمانه بالتشريع السماوي المحكم ؟
المبدأ هو التعامل مع الله و ليس مع الناس ، آذاه الآخرون ، منعوا عنه رزقه و سلبوه حقوقه أم لم يفعلوا فالأمر لديه سواء ، لأنه يرجع إلى الأصل و إلى الصحيح و يحرص على أن لا يكن إمّعة إن أحسن الناس إليه أحسن وإن أساؤوا بالغ في الإساءة لكل الناس الذين لا شأن ولا ذنب لهم ، و ربما كان تقصيره ” هو ” في الدفاع عن حقوقه ناجم عن ضعفه و دناءته أحيانا و قبوله بالمستوى الرديء من المعيشة و التفكير دون أن يسمح لنفسه أن تتحرر من عبودية و تبعية أفكار البشر و عاداتهم الخاطئة .
دور البلديات و جمعيات حماية المستهلك

للحكومة والبلدية دور مهم في حفظ القانون ، ودورها مهم كذلك في مراقبة المواد والأغذية الاستهلاكية التي تباع للشعب ، لكن لا اعتقد أبدا ان هذا يكفي لوحده ، فالانسان جُبل على الظلم والجهل ، وان لم يكن هناك من يقوم بتوعيته و وعظه فسوف يتمادى بدون شك و سوف يختلق مئات طرق الغش التي يعجز عن ابتكارها ابليس و حاشيته وهي ما نراه و ما نأكله كلّ يوم بدون ان ندري و حتى عندما ندري !
ترجع إلى المنزل فترى أن اللحام قد باعك لحوما فاسدة أو متعفنة أو ربما تحظى بفرصة لرؤية الديدان الجميلة – التي يعشقها الذوّاقة اليابانيون و الصينيون - ، أو أن صندوق الخضار من أعلاه سليم و في الرف الثاني ينخره الدود و البقع و تعتليه طبقات العفن !
يبقى هذا الغشّ بسيطا مقارنة بتلك المحال التي تبيع لحوم الحيوانات الميّتة و استبدال لحوم النعاج بلحوم الكلاب و الحمير كما حصل في بعض البلاد العربية منذ فترة قريبة !
هل الفقر مبرر ؟
نحن نبرر للعمّال و الطبقة الفقيرة الكادحة اخطاءهم و نبالغ في احاطتهم بالرعاية و اختلاق الاعذار لهم و التحجج بفقرهم و تعتير أحوالهم ، و كانّ الحساب و التكليف مرفوع عنهم ، أو كأنهم وصلوا حدّ الاضطرار الذي قد يموتون بسببه ، هذا العامل كمسلم يتعبد الله بتطبيق شرعه و أوامره ان يرضى بالرزق الذي كتبه الله له ، و أن يتدرج في الكسب حتى يعطيه الله و يغمره بالمال و الأرزاق ،و ايذاء الناس بغشهم بحجة الفقر و غلاء المعيشة غير مقبول و يجب أن يعي تماما ان هذا الايذاء و الغش كفيل بان يمحق الله بسببه بركة رزقه و يعجّل عليه بمصائب لا أول لها و لا آخر ، يقول سيدنا علي كرم الله وجهه في عبارته الخالدة :( لو كان الفقر رجلا لقتلته ) الفقر يدني من مستوى الانسان بلا شك و يدفعه الى الرذائل و الغش و الكذب و النفاق و التملق على حساب كرامته و دينه و أخلاقه و ربما عرضه وشرفه .
قضية الغش لا تقف عند الكادحين بل تتعاداهم إلى أصحاب المناصب و الشركات و النفوذ ، فهو يتسلق القمة عن طريق القفز على أكتاف الاخرين و ربما سحقهم و كثير منهم يتعمدّون غش الاخرين بحجة أن الكسب شطارة و التجارة فهلوية و ذكاء ، الفرق الوحيد بينه وبين ذلك العامل هو انه يسمي طمعه طموحا و الغش ذكاء وشطارة ، يغشّ لكن دون أن يترك عليه دليل يستطيع قانون البشر ان يصل إليه و يحاكمه ، و ينسى قانون الله .
الفقر أبو المعائب
يتحدث الكواكبي في كتابه ” طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد ” : ( وقد خالف الأخلاقيون المتأخرون أسلافهم في قولهم ليس الفقر بعيب، فقالوا: الفقر (أبو المعائب) لأنه مفتقر للغير والغناء استغناء عن الناس؛ ثم قالوا: الفقر يذهب بعزة النفس ويفضي إلى خلع الحياء؛وقالوا: ان لحسن اللباس والأمتعة والتنعم في المعيشة تأثيرًا مهما على نفوس البشر، خلافًا لمن يقول ليس المرء بطيلسانه؛ وحديث ( اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم ) هو لأنه يحمل على التعود جسمًا على المشاق في الحروب والأسفار وعند الحاجة. وقالوا: إن رغد العيش ونعيمه لمن أعظم الحاجات، به تعلو الهمة ولأجله تقتحم العظائم ) .
و يؤكد على أن الفقير عليه أن يكافح ليبتغي أسباب الرزق لأن الهدف ليس المال لذاته بل للعز الذي يورثه امتلاك المال و استغنائه عن الاخرين و التذلل لهم حين يتابع : ( لا يقتضي أن يتساوى العالم الذي صرف زهوة حياته في تحصيل العلم النافع أو الصنعة المفيدة، بذلك الجاهل النائم في ظل الحائط، ولا ذاك التاجر المجتهد المخاطر بالكسول الخامل؛ ولكن العدالة تقتضي غير ذلك التفاوت، بل تقتضي الإنسانية أن يأخذ الراقي بيد السافل فيقربه من منزلته ويقاربه في معيشته ويعينه على الاستقلال في حياته).
أخيرا
يجب أن لا نغفل عن أنّ تأديب العامل الذي قام النصب و غشّ الزبون الذي يمارسه البعض لا يكون بخلو الأسلوب من الذوق و الترّفق و تفهّم وضع العامل الذي فعل هذا الفعل السيّء ، بحجة انهم لا يفهمون إلا بالقسوة كما يدّعي البعض ،فالحق نطالب به لكن برفق و رحمة فأيّ انسان يخطئ هو إنسان يستحق الشفقة و ليس الكراهية لانه ضعيف غير متمكن من مواجهة اهواء نفسه وأطماعها ،و القاعدة تقول ( يغفر للعالم مرة و الجاهل سبعين مرة ) .. فخطأ المتعلم أكبر من خطأ الجاهل الذي لم تتح له ظروفه التنوّر و التعلم و الترّقي .
يجب أن نسعى نحو ضمان العيش وسط مجتمع يحترم انسانية البشر و يقدّر احتياجاتهم و يكون الضمير هو سيد الحال و الخوف من الله هي القيمة المتربعة على عرش القلوب .
دمتم.

ما في شي يبرر للشخص جريمته اخي هشام
دمت على اختيارك
تم النقل

حياكي الله كلام

يجب أن نسعى نحو ضمان العيش وسط مجتمع يحترم انسانية البشر و يقدّر احتياجاتهم و يكون الضمير هو سيد الحال و الخوف من الله هي القيمة المتربعة على عرش القلوب .