ناهض حتر:- تتبنى وكالة رويترز, وصف مدير مكتبها في عمان, سليمان الخالدي, للأردنيين بأنهم " سكان قبليون". وهو تعبير اسشراقي امبريالي يذكّر بوصف الوثائق الصهيونية للفلسطينيين بأنهم " سكان من الفلاحين المتخلفين". ويؤكد تقرير رويترز, الصادر بمناسبة إعلان اقتراحات التعديلات الدستورية, أن هؤلاء "السكان القبليين" قد " اعتادوا على معاملة تفضيلية" لا تشمل " الأغلبية من أصل فلسطيني".
وبالنسبة لرويترز والخالدي والمستَصرح لبيب قمحاوي, فإنه: "ما دام النظام الانتخابي لا يعالج التمييز ضد المواطنين من اصل فلسطيني وغير الممثلين على نحو كبير في البرلمان والدولة فان الطريق سيكون طويلا أمام حدوث تغيير حقيقي" فـ " القبائل" حسب رويترز "تهيمن على البرلمان بموجب نظام انتخابي يحابي المناطق القبلية غير المأهولة بشكل كبير".
فللذين يرون في الوطن البديل مجرد فكرة صهيونية ليس لها دوافع محلية, ربما آن الأوان لنقول إن نظرية الوطن البديل الصهيونية متبناة بالكامل من قبل تيار يعيش بيننا. ويشكّل تقرير رويترز المشار إليه, ملخصا مكثفا لتلك النظرية, مفاده الآتي:
- الشرق أردنيون ليسوا شعبا له كيان وطني وهوية سياسية وخصوصية اجتماعية وتراث محلي ومصالح عامة وطموحات تقدمية; إنهم مجرد " سكان قبليين" لا غير. متى سكنوا هذه الأرض? وهل هي أرضهم أم هي أرض مشاع قدموا إليها من سديم الصحراء? أهو بلدهم أم صادف أنهم سكنوه, وفشلوا في تحويله إلى وطن قبل أن تأتي الهجرة الفلسطينية? .
أجوبة هذه الأسئلة مفتوحة على إلغاء الذات الوطنية الأردنية, بحيث يمكن التعامل مع " السكان القبليين" كأقلية لها كوتا أو وضعها تحت رعاية الجمعيات الخيرية أو في معازل كمعازل الهنود الحمر. ولم لا? أليس هذا ما فعلته الديمقراطية الأمريكية والإسرائيلية بـ" السكان القبليين"?
- ومشكلة الأردن, حسب تقرير رويترز, أن أولئك " السكان القبليين" المتخلفين هم الذين يسيطرون على الدولة بينما الأغلبية الفلسطينية المظلومة مستبعدة. ولن يكون هناك " إصلاح" ما لم تحكم الأغلبية. اليست هذه هي الديمقراطية الحقّة?
لاحظوا أن تقرير رويترز يقلّد الخطاب الصهيوني من حيث انه لا يسمي الأردنيين بالإسم كأردنيين او شرق أردنيين, بينما يحتفظ بالإسم " أردنيون" لذوي الأصل الفلسطيني. ومع ذلك, فالصحافي الجهبذ المدرّب على " الموضوعية" و" الاستقصاء" في وكالة عالمية, يتجاهل أن " السكان القبليين" هم الذين يشكلون محور وجسم الحراك الشعبي من اجل التغيير الديمقراطي واستئصال الفساد في الأردن, والخالدي لم يستصرح ايا من قادة ذلك الحراك, بل أولئك الذين يدعمون توجهه.
هذه هي بدقة ووضوح نظرية الوطن البديل. وتدعمها, هنا وهناك, مقالة تسخر من أسماء امهاتنا وحياتهن الكادحة ( جهاد الخازن) أو طلب المحاصصة أو تهديد للوزيرة السابقة اسمى خضر بمظاهرات تطالب بالمساواة الجنسية في المادة 6 من الدستور, بما يزيد " الأغلبية" بمعدّل أربعمئة الف مواطن, يصبحون " أردنيين من أصل فلسطيني", ويسهمون في خنق الأقلية من " السكان القبليين" لمصلحة الحضارة والديمقراطية !.
منطق الأغلبيات والأقليات الإثنية, بالأساس هو منطق امبريالي رجعي. إننا نتحدث, بالمقابل, بمنطق وطني ديمقراطي:
- نحن نتحدث عن لاجئين ونازحين من بلد عربي محتل وملغى يدعى فلسطين, استضافهم الأردنيون على أساس النضال المشترك من اجل التحرير والعودة وليس على أساس المحاصصة,
- والتركيب الاجتماعي للأردنيين مثل العديد من المجتمعات العربية عشائري, لكن هذه العشائر متحدة صميميا في كيان وطني وهوية سياسية وتراث ثقافي محلي مشترك يمتد إلى قرون من الصراع مع الطبيعة والغزاة.
- ولم تمنح الأرض للأردنيين هبة, فحدود ملكية أرضنا رسمتها سنابك خيول بني صخر, شرقا وشمالا, وبنادق الحويطات جنوبا, ودماء الكرك والعدوان والسلط وعجلون وإربد,غربا. والأرض والسيادة للدم وليس للطابو والغلَبة. ولعله من المحزن أن نضطر للقول البدهي إن الشعب الأردني هو صاحب الأرض والبلد والدولة والشرعية الوطنية التاريخية, وعلى هذه القاعدة يتعامل مع مكوناته,
- ومن مكونات هذا الشعب, هناك مكوّن فلسطيني لم يتحدد بعد حجمه ونحن نريد لهذا المكوّن الكريم, وفق قوننة فك الارتباط لعام 1988 - الإندماج في الوطنية الأردنية والمشاركة في المشروع الديمقراطي الأردني والدفاع عن مصالح الأردن, على أسس سياسية, وليس انطلاقا من الأصول والمنابت.