المشاهد والمتابع لما تبثه قناة الجزيرة منذ نحو أسبوع بشأن الأردن وملفاته بعد "استراحة محارب" يقف مليا عند الأسباب التي تكمن وراء العودة إلى صنع البلابل في الأردن، بل تسليط الضوء على قضايا تدرك هذه القناة أنها "حياة أو موت" بالنسبة للأردن.
نتسائل، عن الأسباب الكامنة وراء هذا الحراك الإعلامي لقناة الجزيرة، ويأتي الجواب من الصحف الصهيونية التي بدت الجزيرة تتراقص معها على أنغام الوطن البديل، وكأن المخطط رتب في قاعة واحدة، والموجه هو شخص واحد أو جهة واحدة، أو منظومة واحدة.
ففي الوقت الذي هاجمت فيه صحيفة صهيونية بشدة تصريحات جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي لوّح فيها باستخدام كل الوسائل الممكنة، بما فيها القوة العسكرية، لمنع الوطن البديل داخل الأردن، واصفة المملكة الأردنية بأنها "دولة دمية "، كانت القناة القطرية تفرد مساحات واسعة لتغطية المسيرات وتسلط الضوء على ملفات كالتعديلات الدستورية وقضية اقالة محافظ البنك المركزي، والكازينو، وغيرها وبشكل لافت.
التركيز على الشأن الأردني، وبالتزامن مع الحملة الصهيونية التي بدأها المحاضر في القانون بكلية نتانيا الصهيونية حاييم مسغاف في افتتاحية موقع "واي نت" الصهيوني، وواصلت صحيفة "يديعوت أحرنوت" طريق التمهيد إلى ما يسمى "الوطن البديل".
المحاضر الصهيوني جاهر في افتتاحيته بأنه لم يكن هناك "شعب أردني" في المناطق شرقي نهر الأردن التي طالبت بالاستقلال هناك، مثلما لم يكن هناك "شعب فلسطيني" في المناطق غربي نهر الأردن، وبالتالي، فإن ديفيد بن غوريون عندما صاغ إعلان الاستقلال، فإنه لم يرسّم حدودا لدولة بني صهيون.
الحدود التي يطمح إليها الأكاديمي الصهيوني، ويوجه خطابه هاهنا إلى الملك عبدالله الثاني، هي حدود الدولة اليهودية التي "سوف تصبح المالك القانوني لتلك المناطق استنادا إلى الاتفاقيات الدولية التي عينت كل أرض إسرائيل، وعلى جانبي نهر الأردن للوطن اليهودي.
الكلام الذي يطلقه الأكاديمي الصهيوني في "واي نت" وهو موقع يمتع بسطوة كبيرة في المجتمع الصهيوني، يستوجب من الحكومة الأردنية الرد عليه بالمقدار نفسه من الوضوح والمواجهة، فما يقوله المقال، ليست تخيلات أو افتراضات متوهمة، بل مخططات يهجس بها العقل الصهيوني الذي لا يضمر خيرا لمن حوله، ويشعر بالضيق والاختناق.
الجزيرة من جانبها، كانت تلعب على وتر آخر، وتر تستبق فيه مساع إعلان الدولة الفلسطينة تلك الدولة التي ستنهي بلا شك حلم الصهانية فيما يعرف بـ"الوطن البديل".
لعبة الجزيرة، تتمثل في إثارة المجتمع المحلي، من خلال تغطية المسيرات والاعتصامات، تغطية غير مهنية وغير موضوعية، تفرد لها مساحات واسعة.
وإلى جانب ذلك، عمدت الجزيرة إلى مناقشة التعديلات الدستورية، لكن من زاوية بعيدة عن الواقع، ففيما يتنظر المواطنيين ما ستأول إليه نقاشات النواب لهذه التعديلات، كانت القناة القطرية تسلط الضوء فقط على موقف موقف الاسلاميين من التعديلات.
لعبة الجزيرة، والإعلام الصهيوني، واضح للجميع، نقف أمامه بكل حزم وشدة، نعيه جيدا، لأننا نعرف عدونا ودوافعه، لا يمكننا أن نتجاهل تزامن الوقت بين الطرفين، لأن الجميع يدرك الآن ما هي الأهداف الكامنة وراء مثل هذه التصريحات وتوقيتها.
نملك عقولا تقرأ وتفهم، وتحلل في ذات الوقت، ونطرح أسئلة من حقنا البحث عن إجابة عليها، فعند المقارنة بين تغطية مسيرات عمان والجنوب تغطية، وفرد دقائق طويلة من النقاش في رفض الاسلاميين للتعديلات الدستورية وأن تحظى وثائق ويكيليكس حول الكازينو بزخم كبير، نجد عندها أن الجزيرة تدرك ما تفعل وتدرك إلى أين هي ذاهبة، مع اخوتها في الكيان الصهيوني فيما يتعلق بالأردن، حيث أن هناك تسخين متعمد للأجواء.
وفي الختام، ندرك أن المواطن الأردني أكثرا وعيا لما يطرح في إعلام الجزيرة، أو الإعلام الصهيوني، لأنه لن يقف مكتوفا أمام مخططاتهم التخريبية، فهذا الشعب الذي يعيش على تراب الوطن لن يقبل أن يكون هناك ما يسمى بـ"الوطن البديل"، حتى لو كلفه ذلك حياته وحياة أبنائه من بعده.
الكيان الصهيوني، برعاية الجزيرة، يقول أن "الأردن هي فلسطين" و"إن الدولة الدمية لم يكن لها وجود على أرض الواقع أو الخريطة "، و"سيرى الملك الأردني قريبًا دولة فلسطينية في الأردن"، ونحن نقول إن الأردن أكبر من هذه الهزعبلات التي تتطاير من هنا وهناك ونؤكد ما أكده جلالة الملك من أن لدى الأردن قوة عسكرية ستدافع عن ترابه وشعبه.