ولد لوسيوس نيرون (37-68م) في "أنتيوم" ومعنى اسمه (القوي الشجاع) ..تعلم اليونانية والأدب والفسفة على يد الفيلسوف "سنيكا" الذي حاول ان يعرس فيه حب التواضع ودماثة الخلق والبساطة والصبر على الشدائد.
كان نيرون أو نيرو منذ طفولته في روما طالبا مجدا ، كما كان في وسعه أن يكتب شعراً لا بأس به ، وأن يخطب في مجلس الشيوخ ، في عام 54 مات أبوه الإمبراطور"كلوديوس" وأوصلته أمه "أجربينا" إلى العرش ، وكان حينها في السادسة أو السابعة عشرة من عمره بعد أن ضمن له القائد العسكري "بوروس" تأييد الجيش الروماني بكامل قواته .
ويعتقد الكثير من المؤرخين أن أجربينا دست السم للإمبراطور"كلوديوس" وقتلته حتى يصبح ابنها "نيرون" امبراطوراً.عاشت الإمبراطورية الرومانية خمس سنوات في بداية عهد نيرون في رخاء ، إذ كان في ذلك الوقت لا يخالف مجلس الشيوخ ، كما أنه ألغى الضرائب على المواطنين ، وكان يعتمد على أمه في كثير من أمور الحكم ، ويذكر لنا التاريخ أن نيرون أصيب بجنون العظـَمة ، وضاق ذرعا بتدخل أجربينا في كل أمور الحكم فأوكل إلى جنوده بقتلها فماتت وهى تلعن جنينها نيرون التى حملته في بطنها وأبلت به العالم، ومن ضحاياه أيضاً "أوكتافيا" زوجته الأولى وقد قام بقتلها أثناء أدائه مسرحيه يحمل فيها صولجان فسقط من يده. مدحت أوكتافيا أدائه لكنها قالت له "لو أنك لم تسقط الصولجان فقتلها". ومن بعدها لم يتجرأ أحد من العاملين في قصره أن يعيب أي عمل له، وأيضاً قتل معلمه سينيكا،أشهر جرائمه على الإطلاق كان حريق روما الشهير سنة 64 م حيث راوده خياله في أن يعيد بناء روما، وبدأت النيران من القاعدة الخشبية للسيرك الكبير حيث شبت فيها النيران وأنتشرت بشدة لمدة 9 أيام في أنحاء روما، وألتهمت النيران عشرة أحياء من جملة أنحاء المدينة الأربعة عشر، وبينما كانت النيران تتصاعد والأجساد تحترق وفى وسط صراخ الضحايا كان نيرون جالساً في برج مرتفع يتسلى بمنظر الحريق الذى خلب لبه وبيده آلة الطرب يغنى أشعار هوميروس التى يصف فيها حريق طروادة.
وهلك في هذا الحريق آلالاف من سكان روما وأتجهت أصابع اتهام الشعب والسياسين تشير إليه إلى أنه هو المتسبب في هذا الحريق المتعمد، وتهامس أهل روما بالأقاويل عليه وتعالت كلماتهم وتزايدت كرهية الشعب نحوه، وأصبح يحتاج إلى كبش فداء يضعه متهماً أمام الشعب وكان أمامه إختيار أما اليهود أو المسيحية الحديثة في روما، ولكن كان اليهود تحت حماية بوبياسبينا إحدى زوجات نيرون، فألصق التهمة بالمسيحيين، وبدأ يلهى الشعب في القبض على المسيحيين وإضطهادهم وسفك دمائهم بتقديمهم للوحوش الكاسرة أو حرقهم بالنيران أمام أهل روما في الستاديوم وفى جميع أنحاء الإمبراطورية حتى أن مؤهلات الولاة الذين كانوا يتولون الأقاليم هو مدى قسوتهم في قتل المسيحيين، وسيق أفواج من المسيحيين لإشباع رغبة الجماهير في رؤية الدماء، وعاش المسيحيين في سراديب تحت الأرض وفى الكهوف ومازالت كنائسهم وأمواتهم إلى الآن يزورها السياح.
وأستمر الإضطهاد الدموى أربع سنوات ذاق فيه المسيحيون كل مايتبادر إلى الذهن من أصناف التعذيب الوحشى، وكان من ضحاياه الرسولان بولس وبطرس اللذان أستشهدا عام 68م. ولما سادت الإمبراطورية الرومانية الفوضى والجريمة أعلنه مجلس الشيوخ السنات أنه أصبح "عدو الشعب" فمات منتحراً في عام 68 م بسيف صغير بعد أن هرب من روما مخلفاً وراءه حالة من الإفلاس نتيجة بذخه الشديد والفوضى من كثرة الحروب الأهلية أثناء حكمه ونيرون هو القيصر الذى أشار إليه سفر الأعمال في (أعمال 25 : 28) و (أعمال 26: 32) ولم ينته إضطهاد المسيحيين بموته.