أسباب ومسببات:
قد يعارِض واحدٌ من الناس رأيًا لآخرَ، ويقسو في معارضته، ويردُّ الآخرُ الصاعَ صاعَين، وتحتدم المعركة، وتتحول من موضوع يسير يمكن التفاهمُ عليه بسهولة إلى حالة حرْب مستعرة، لا يقتصر طعنُها وضربُها على البادئين بها، وإنما يتَّسع ميدانها، ويكثر جندُها، ويتساقط قَتْلاها وجَرْحاها، ويعلو شتمُها وغمزها، والتحقير فيها إلى أشخاص آخرين.
وربما كانت من السُّهولة بحيث يبدو ما يجري فيها مُضحِكًا، وكان من اليسير جدًّا أن تعالَج بحِكمة وبرفق، وقد يكون الموضوع المختَلَف عليه مُتَّفَقًا عليه في الحقيقة بين المتنازعين، ولكن سوء الفَهْم حوَّل الوِفاق إلى خلاف، ثم صوَّر الوهمُ المريض أو المتسرِّع ذلك الخلافَ الصغير إلى شيء لا يُحتمل ولا يُطاق، وحَسَمه بدرجة يصعُب معها التفاهم والمناقشة الهادئة، فكانتِ الألفاظ الخشنة، والكلمات القاسية سببًا لإثارة الشحناء، والتنابز بالألقاب، والتقاطع والهجران، والأمثلةُ على هذا كثيرة في قديم الزمان وحديثه، فهل نَعتَبِر بالماضي، ونستفيد من الأحداث، ونعدل إلى الطريق الأسلم، والنهج الأقوم؟