خانتني حينما احتجتها !! لكن خيانتها أيقظتني ...
في يوم كعادته من الأيام
مر سريعا ونحن لا نكاد نشعر به لسرعة مروره
ثم يأتي الظلام حاملا معه السكون ليستلقي الجسد المرهق
يطلب الراحة يطلب السكينة يطلب الطمأنينة
لكن فجأة ومن دون سابق إنذار ... يحدث ما لم يكن في الحسبان
يختفي الهدوء وتذهب نسمات الراحة لتهب رياح الخوف ...
رياح الحزن من مجهول آت ...
ما لتلك الأنفس ضاقت وما لتلك الأطراف تحجرت ...
وما لتلك الصرخات تنادي ولا مجيب ...
تبكي تستغيث هل من مغيث ...
ليس هناك أحد غير رب صمد ...
ينظر إلى ذاك الجسد الملقى يبكي يصرخ يتألم ويستغيث ...
ثقل اللسان ...
يكاد ينطق ببضع الكلمات ...
يبست اليدان وتجمدت القدمان ...
فلا حراك ...
وكأنه خلق بلا يدان وقدمان ...
أين هي يده التي كان يستعين بها للسير في طريق العصيان ؟...
أين هي يده التي طالما جعلها عونا عليه للشيطان ؟...
أين هي يده التي أطلق لها العنان ؟...
تبطش ... تظلم ... تزني ... تسرق ...
يده التي كم وكم أمسك بها جهازه النقال
ليخوض في القيل والقال ويهتك الأعراض
يده التي كم من مرة ومرة كتب فيها من الكذب والبهتان
يده التي كم وكم استعان بها ليشبع نزوة الشيطان
يده التي أخفى ما تكتبه عن عباد الرحمن
ولكنه ما أخفى ذلك عن المنتقم الجبار
بل جاهره بالعصيان ...
يده التي كم من مرة ومرة أمسك بها ريموت الشيطان ...
يقلب من خلاله بين المسلسلات والأفلام
ويحدق النظر بالفاجرات ويعلي صوت المزمار ...
وإن رأى فيه تاليا للقرآن ..!!
أعرض ونأى وبيده استعان
على إزالة تالي القرآن
قائلا باستهزاء لسنا في ميتم أوأحزان ...!!!
يعيش سطوة المتكبر المغرور ...
الذي ظن أنه لن يموت ...
يعيش حياة الظالم الجهول ...
يعيش ليكون هو فقط صاحب الكلمة ...
يعيش ليطاع والكل له ينصاع ...
متكبر مغرور ...
يتملكه حب الذات والأنانية ...
يعيش كي ينتقم من كل من خالفه ...
يعيش ليشفي غليله ... من صاحبه وخليله ...
يعيش لا لأجل أنه سيموت ...
بل يعيش لأنه يريد فقط أن يعيش ...
هل يا ترى لو كان يعرف أن هذا به حاصل !!
هل يصر على ذنب ويجاهر ربه بعصيان ؟!!
هل سيبقى غارقا في جبروته وطغيانه ...
هل سيبقى على تكبره وغروره ...
هل وهل وهل ....
لا وربي الذي عز وجل ...
ولكنها الظلمة ولكنه الران ...
الذي غطى القلب فاجترأ على التمرد والعصيان ...
...............
لا يزال الجسد ملقى على الفراش ...
يرجو الخلاص ...
يحاول الجسد المكبل بالذنوب أن يحبو على الأرض كطفل صغير ...
لعله يصل إلى الباب فيجد خلفه من ينقذه ...
يحاول أن يقف على قدميه ولكن دون جدوى ...
فالأطراف كلها أصابها الإعياء ...
..........
أتذكر يا أيها الجسد الهزيل
كم من صلاة ضيعتها
أتذكر كم من صلاة صليتها وأنت لا تؤديها حقها
وقد كنت في كامل قوتك وعافيتك ...؟؟؟
...........
تذكرت ذلك اليوم الذي ...
تشهد علينا ألسنتنا و جوارحنا
تخبر عما اقترفناه من ظلم في حقها
وما أكرهناها عليه من مواقعة المعاصي والذنوب
فبماذا سنجيب ربنا في ذلك اليوم ....
وأي عذر نقدمه لربنا على ما اقترفناه ...
ذلك يوم لا يظلم ربك فيه أحدا ؟؟؟ ...
......
يارب رحماك ...
يعود الجسد لما هو فيه ....
يرفع ناظره نحو السماء يناجي مولاه ...
بعد أن أيقن أن ليس له مغيث سوى الله ...
فيستغيث ربه راجيا النجاة ...
أن يا الله ارحم عبدك الضعيف وأخرجه من هذا الكرب العظيم ...
ياربي رحماك
أهي السكرات .. سكرات الموت ...
أم هو العقاب ؟؟ ...
أم هو النذير أن أفق يا قلب فوراءك يوم عسير ...
وبعد مضي وقت من هذا العذاب ...
يجمع الجسد الهزيل ما بقي من ذرات قواه
مستعينا بربه ومولاه ...
......
فيأتيه ذو قلب رحيم
يضمه ويحتويه
وبذكر الرحمن يرقيه
ثم ....
تعود الأنفاس الرحيمة برحمة من رب رحيم ...
لتعانق الجسد الهزيل من جديد ...
وتبدأ الأطراف بالحراك ...
ولسان حالها يقول :
يا قلب أفق قبل فوات الأوان
فأمامك بابان اثنان ليس لهما ثالث
أيهما تلج فذاك المصير
فإما الجنة وإما نار السعير
............
فاللهم ارزقنا حسن الختام ...