ا
لسعادة فلفل أسود !!
يحكي أحد الكتاب عن تجربة شخصية مر بها وضمنها أحد كتبه حيث يقول (أنتوني روبنز) بأنه خطرت في باله ذات يوم فكرة السفر إلى جزر فيجي الرائعة، وبالفعل أخذ زوجته وانطلق بها ليقرر فيما بعد إذا كان بإمكانه شراء منزل هناك أو القيام باستثمار معين، وعندما حطت به الطائرة، وتجول في إحدى الجزر التقاه رجل من أهل الجزيرة وحياه بحرارة ثم اقتاده إلى كوخ كبير يعج برجال يتناولون مشروباً غير كحولي ويضحكون بصخب طوال الوقت، ما أثار استغرابه كثيراً!
ولكي يفهم سر استغراقهم في المرح بادرهم بالسؤال: (ما هو الهدف من الحياة من وجهة نظركم ؟) فاجأهم السؤال لكنهم أجابوه بصوت واحد: (أن نكون سعداء بالطبع، وهل هناك شيء آخر؟!) لم يعلق على جوابهم لكنه شاركهم فرحهم وضحكاتهم وشرب ذلك المنقوع السيئ الطعم الذي كانوا يشربونه باستمتاع، وعاش معهم ساعات اعتبرها من أعمق وأقوى التجارب التي مرت به وبزوجته، وهي أن تعيش مع أناس لا تعرفهم ولا يعرفونك، ولا يريدون منك شيئاً سوى أن تشاركهم سعادتهم التي يشعرون بها وفق رؤيتهم للحياة.
وبالفعل فهكذا هي الحياة نعيشها وفق ما نرسمها في أذهاننا وبحسب ما يعيننا عليها من يشاركوننا هذه الحياة، أهلنا وأصدقاؤنا ومجتمعنا بشكل عام، نحن نصنع حياتنا، ونعيش أفراحنا وأحزاننا ومشاعرنا وفق ما نؤمن وما نقرر، فمعظم الناس سعداء بقدر ما يقررون ذلك، وتعساء بقدر ما يريدون ذلك، ومع ذلك فنحن أيضاً نفصل الحياة على طريقتنا ونعيشها أو يجب أن نعيشها كما نريد لا كما يريد الآخرون.
نحن نفرح على طريقتنا، ونحزن على طريقتنا، ونحب على طريقتنا أيضاً، فلا توجد قوالب لذلك، ولا مقاييس متداولة وثابتة لممارسة السعادة أو الحزن أو التعبير عن الحب، إنها حقنا في ممارسة إنسانيتنا على الأرض، هذه الإنسانية الشفافة لا يعبر عنها سوى الجمال والمحبة، وليس الكره والبغض والخلاف لمجرد الخلاف أو لمجرد أن أفكاراً غرست في داخلنا بطريق التلقين. جاءتني رسالة صباح الأمس من شاب يقول فيها بأنه (يكره) الاحتفال بيوم الحب، ويكره الذين يحتفلون به ويكره...! وعجبت من قدرته على استخدام الكراهية بهذه الطريقة المجانية !
يمكننا بكل حرية أن نحمل آراءنا الخاصة بنا وأن نؤمن بها وندافع عنها، ذلك يمكن أن يتم بالصراخ ونفي الآخر، ويمكن أن يكون أيضاً، بهدوء ومحبة، واقتراب من الآخرين والانصات إليهم، لأن الاختلاف والإيمان والحرية تأكيد على حميمية الإنسان وحقه، لا على سعيه نحو السوء والقسوة، فماذا استفادت البشرية من القسوة والكراهية سوى الحروب والدمار والأشلاء ؟؟
سكان جزيرة فيجي كانوا يشربون منقوعاً من جذور الفلفل الأسود الكدر، ويستمتعون به ويضحكون طوال الوقت مع نسائهم وأطفالهم ويرون أن الحياة لا تعني سوى السعادة، هل يعلم أحدنا أن سعادته قد تكمن أحياناً في الالتقاء بأصدقائه أو أبنائه، بينما آخرون تكون سعادتهم في حياة خالية من الديون والمطالبات، وهناك من لا يجد السعادة إلا في المال، وغيره يجدونها في مراقبة زرع ينمو وأشجار تثمر يوزع محصولها على أهله وأصحابه ، وإذا سألت آخر عن قمة السعادة يقول لك إنها بالقرب من زوجة لا تعرف النكد والشجار، وتكمن سعادة آخر في العمل أو التعبد وعمل الخير.
سعادتنا كما قال أحد الكتاب: تنمو في دارنا، ولا تقطف من حدائق الآخرين !
موضوع: لسعادة فلفل أسود !! 
14/8/2011, 10:22
