بعض الناس يخلط بين الحديث الشريف و القول المأثور و البعض الاخر يفسرون الاحاديث النبويه الشريفه بانفسهم دون ان تكون لديهم الخلفيه الدينيه و اللغويه التى تؤهلهم للتفسير و هذا يسبب الكثير من اللغط و احيانا الغلط و يتسببون بذلك في تشويه القصد و تغيير المعنى .
فهناك بعض الناس يرددون بلا فهم ولا دراية بما يظنون أنه قول مأثور أو حكمة فيقولون لمن حولهم عندما يسمعون اي اتهام موجه لرجال القضاء ، صدق من قال: «قاض في الجنة وقاضيان في النار» ، وقداستقر في فكرهم و اطمأنت انفسهم أنها تعني أن ثلثي القضاة في كل زمان هم من أهل النار ، فمن أين جاء الناس بحكاية الثلث الذي في الجنة والثلثين اللذين في النار؟
أما ما رددوه على انه قولا أو حكمة فهو حديث نبوي شريف رواه أبو داوود والترمذي وابن ماجة وصححه الألباني، ونصه أن رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال: القضاة ثلاثة، واحد في الجنة واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق وقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار، أو كما قال ــ عليه الصلاة والسلام .
ولو تدبروا الحديث لوجدوا أن المصطفى ــ صلى الله عليه وسلم ــ لم يكتف بالقول إن القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار، بل إنه ــ عليه الصلاة والسلام ــ وضع مواصفات للقاضي الذي في الجنة وللآخرين اللذين في النار، ومعنى ذلك أنه لو كان في زمان أو مكان ما عشرة قضاة وانطبق عليهم جميعا الوصف الأول الخاص بالقاضي الذي في الجنة وهو الذي يعرف الحق ويقضي به لأصبح القضاة العشرة بمشيئة الله وفضله من أهل الجنة، والعكس صحيح لو أن مواصفات القاضيين اللذين في النار قد انطبقت على أولئك القضاة العشرة.
وهذا الفهم السليم للحديث النبوي الكريم هو ما ينبغي تداوله ، و ليس من اللائق بكائن من كان تفسير الحديث النبوي بعد اجتزائه واختصاره بما يخل بمعناه الشرعي ، لأنه من القول على الله ورسوله بغير علم.
هدانا الله وإياكم إلى سواء السبيل.