بسم الله الرحمن الرحيم
[ ص: 530 ] الآية السادسة والعشرون قوله تعالى : { الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا } . فيها أربع عشرة مسألة :
المسألة الأولى : في سبب نزولها : ثبت عن الحسن أنه قال : { جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن زوجي لطم وجهي . قال : بينكما القصاص . فأنزل الله عز وجل : { ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه } . قال حجاج في الحديث عنه : فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم حتى أنزل الله تعالى : { الرجال قوامون على النساء } } . قال جرير بن حازم : سمعت الحسن يقرؤها : من قبل أن نقضي إليك وحيه ، بالنون ونصب الياء من " وحيه " .
المسألة الثانية : قوله : { قوامون } : يقال قوام وقيم ، وهو فعال وفيعل من قام ، المعنى هو أمين عليها يتولى أمرها ، ويصلحها في حالها ; قاله ابن عباس ، وعليها له الطاعة وهي .
المسألة الثالثة : الزوجان مشتركان في الحقوق ، كما قدمنا في سورة البقرة : { وللرجال عليهن درجة } بفضل القوامية ; فعليه أن يبذل المهر والنفقة ، ويحسن العشرة ويحجبها ، ويأمرها بطاعة الله ، وينهي إليها شعائر الإسلام من صلاة وصيام إذا وجبا على المسلمين ، وعليها الحفظ لماله ، والإحسان إلى أهله ، والالتزام لأمره في الحجبة وغيرها إلا بإذنه ، وقبول قوله في الطاعات . [ ص: 531 ]
المسألة الرابعة : قوله : { بما فضل الله بعضهم على بعض } : المعنى إني جعلت القوامية على المرأة للرجل لأجل تفضيلي له عليها ، وذلك لثلاثة أشياء :
الأول : كمال العقل والتمييز .
الثاني : كمال الدين والطاعة في الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على العموم ، وغير ذلك . وهذا الذي بين النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : { ما رأيت من ناقصات عقل ودين أسلب للب الرجل الحازم منكن . قلن : وما ذلك يا رسول الله ؟ قال : أليس إحداكن تمكث الليالي لا تصلي ولا تصوم ; فذلك من نقصان دينها . وشهادة إحداكن على النصف من شهادة الرجل ، فذلك من نقصان عقلها } . وقد نص الله سبحانه على ذلك بالنقص ، فقال : { أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى } .
الثالث : بذله المال من الصداق والنفقة ، وقد نص الله عليها هاهنا .
والله ولي التوفيق
أحكام القرآن لابن العربي