من سيخلف الملك السعودي؟

«من
سيخلف الملك السعودي؟».. يسابق هذا السؤال منذ أمس الأول نبأ الإعلان عن
وفاة ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز، في ظل وجود الكثير من
الحقائق التي تجعل من الإجابة عليه حاجة ملحة. وإذ تبدأ هذه الحقائق
بحساسيّة موقع الأمير سلطان ومسؤولياته وما لها من خلفيات مرتبطة بنظام
المملكة الداخلي، فهي لا تنتهي أمام ما كان يشكله الأمير من «أهمية بالغة»
لواشنطن التي نعته «بشديد الأسف» أو، وهو الأهم، عند ما تعيشه المنطقة
العربية من حراك شعبي تواكبه السعودية بحذر شديد.
صحيح أن كثيرين كانوا
يرون في الفترة الأخيرة أن الأمير بات غير مؤهل لتسلم الحكم أو حتى
للاضطلاع بمسؤولياته بعد أن أعياه المرض وأصبح يقضي فترات طويلة للعلاج في
الخارج، إلا أن غيابه يفتح المجال أمام صراع السلطة بين الأمراء الباقين،
لا سيما في ظل تدهور صحة الملك عبد الله البالغ من العمر 87 عاماً، كما
أمام ما ستؤول إليه الحال في الملفات العالقة التي كان يديرها في اليمن
والبحرين وغيرها.
هذا المجال اعتبره كثيرون من المحللين العرب والأجانب
محدود النطاق في ظل طرح اسم وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز
لتولي المنصب، باعتباره نائباً ثانياً لرئيس الوزراء.
بداية، لا بدّ من
نبذة سريعة عن الأمير توضح أهميّة تحديد هويّة من سيخلفه سريعاً حيث كان
ولي العهد السعودي الشخص المحوري في المملكة والذي كان ينظر إليه على انه
ملك المستقبل ويتم التعامل معه على هذا الأساس، كما كان يسيطر على سياستها
الدفاعية ويشرف على مشتريات الأسلحة الضخمة التي جعلت من المملكة واحدة من
أكبر دول العالم المشترية للسلاح.
منذ العام 1962، يتولى الأمير سلطان
حقيبتي الدفاع والطيران، وفي العام 2005، أصبح وليا للعهد للملك عبد الله.
وخلال توليه منصب وزير الدفاع انفق الأمير سلطان مئات المليارات على تحديث
القوات المسلحة وضاعف عدد أفرادها ليتجاوز مئة ألف، فضلاً عن شرائه لأسلحة
متطورة من سائر أنحاء العالم.
كان الأمير سلطان، الذي ولد في الرياض في
العام 1931، ضمن مجموعة من الأمراء الشبان الذين جرى إعدادهم في سن مبكرة
لتولي مناصب رفيعة. وفي العام 1947، عيّنه والده الملك عبد العزيز أميرا
للعاصمة الرياض وهو منصب مهم يتولاه حاليا شقيقه الأصغر الأمير سلمان، كما
تمّ تعيينه وزيرا للزراعة في أول حكومة في المملكة في العام 1953، ثم شغل
منصب وزير الاتصالات بعد عامين.
حرص الأمير دائماً على إقامة علاقات
وثيقة مع الغرب وبصفة خاصة مع الولايات المتحدة، وقد بذل قصارى جهده لتخفيف
حدة التوتر الذي طفا على سطح التحالف الاستراتيجي بين البلدين عقب هجمات
11 أيلول.
وقد يفسّر ما سبق، حجم»الودّ» الذي يكنّه المسؤولون
الأميركيون للأمير، كما يفسّر كذلك تخوفهم من وصول الأمير نايف، الأكثر
حظوة، إلى المنصب على خلفيّة ما هو معروف عنه من ميول محافظة. وإذ يأخذ
كثيرون من الداخل والخارج على وزير الداخلية الأمير نايف، الذي يعمل على
محاربة تنظيم «القاعدة» في المملكة، نهجه المحافظ، يعتبر آخرون أنه
براغماتي يرغب في وصف نفسه بأنه في خدمة الملك وولي عهده.
وقال
دبلوماسيون غربيون انه لعب دورا مهما في قرار المملكة استضافة الرئيس
التونسي المخلوع زين العابدين بن علي في كانون الثاني الماضي، كما في ارسال
جنود الى البحرين للمساعدة في ترسيخ الأمن اثر تظاهرات الشيعة في المملكة
الصغيرة المجاورة.
ويذكرون ان الامير نايف كان اعلن للصحافة انه لا يرى
فائدة من انتخاب أعضاء مجلس الشورى، وعددهم 150 يعينهم الملك، او من وجود
النساء في المجلس. كما دفاعه الدائم عن رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر المتهمين بسوء التصرف.
من جانب آخر، قد يعطي ما قاله السفير
السابق للولايات المتحدة في الرياض روبرت جوردان انطباعاً آخر عما يمكن ان
تأخذه الأمور من اتجاهات، حيث اعتبر أن «الامير نايف عندما سيصبح ملكا
سيتجه نحو نظام سياسي توافقي مما يعني أن تستمر عملية الاصلاحات الاقتصادية
والاجتماعية البطيئة التي بدأها الملك عبد الله»، مذكراً بالقول «يجب أن
نضع في اعتبارنا أن الملك عبد الله حين أصبح وليا للعهد كان ينظر اليه
بالطريقة نفسها التي كان ينظر بها الى الامير نايف وهي أنه متدين جدا وغير
موال للغرب، وتبين لاحقاً أنه اصلاحي».
ووسط كل هذه التساؤلات، يبرز
اختبار آخر تعيشه المملكة يتعلّق باختبار نظام الخلافة الجديد الذي أنشأه
الملك عبد الله في العام 2006 حتى يضمن الاستقرار في المملكة.
ففي ما
مضى كان الملك وعدد من الامراء، ذوي النفوذ، يقررون من سيصبح وليا للعهد
سرا، لكن بموجب القواعد الجديدة يجب أن تصوت هيئة البيعة التي تمثل كل فروع
عائلة آل سعود بالموافقة على الوريث الذي يرشحه الملك عبد الله.
وتضم
هيئة البيعة في عضويتها 34 أميرا يمثل كل منهم عائلة ابن من ابناء الملك
عبد العزيز بن سعود ويستطيع كل منهم الادلاء بصوته لاختيار وريث العرش
القادم.
وسيرشح الملك عبد الله وليا جديدا للعهد حتى يوافقوا عليه، لكن الهيئة تتمتع بصلاحية رفض اختياره لصالح مرشحها هي.
ويعتقد
أن الكتلة الاقوى في صفوف الاسرة الحاكمة تتكون من ابناء الملك عبد العزيز
بن سعود الذين أنجبتهم زوجته حصة بنت احمد السديري، ويشمل هؤلاء الملك فهد
والامير سلطان والامير نايف والامير سلمان أمير الرياض. («السفير»)

صراعات بينهم هلا ويا عمي الكرسي بظل غالي