عُرف الرجال بقوّتهم , وصلابتهم , وشجاعتهم ..
وعُرف النساء بضعفهن , ورقتهن , وخوفهن ..
ولكن .. عندما يحمى الوطيس , ويرى الناس الموت , لا فرق بين الرجل والمرأة ..
فكل منهم في ذلك الموقف يقول نفسي نفسي , ولا يثبت إلا عدد قليل ممن وهب نفسه لله .. ولا يخشى الموت في سبيله.
وهذا الثبات , لا يقتصر على الرجال فقط .. بل في مواقف عدّة ثبتت النساء حينما انهزم الرجال.. وأبطال هذه المواقف هنّ :
نسيبة بنت كعب , وصفية بنت عبد المطلب , وأم حكيم .
* أما نسيبة رضي الله عنها , فكان ثباتها يوم أحد , حينما انهزم المسلمون وتركوا الرسول صلوات الله وسلامه عليه , يواجه ثلاثة آلاف مشرك وحده ..
هنا برزت شجاعة عدد قليل جدا من الصحابة , فتجمعوا حول الرسول الكريم , ولم يكن عددهم يتجاوز العشرة ..
في هذا الموقف , تجلّت هذه المرأة العظيمة , نسيبة بنت كعب , وحملت السيف , وأخذت تدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم , حتى قال عنها المصطفى : ما التفتُّ يميناً ولا شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني .
* والموقف الآخر , كان في غزوة الأحزاب , حين كانت شجاعة صفية بنت عبد المطلِّب , سبباً في حماية جميع نساء وأطفال المسلمين .. لقد جمع الرسول الكريم النساء والأطفال والشيوخ في أحد الحصون في المدينة , وخيّم هو وأصحابه وراء الخندق لحمايته , وعندما غدر اليهود بالمسلمين , ونقضوا العهد الذي بينهم وبين المسلمين , أرسلوا مجموعة منهم إلى المدينة , ليراقبوا أحوال المسلمين ونسائهم .. ومن أين يمكن ضربهم ومهاجمتهم .. فاقتربوا من الحصن الذي فيه النساء والأطفال والشيوخ , ثم أرسلوا واحداً منهم ليستكشف لهم الأمر .. فتوجهت صفية رضي الله تعالى عنها - وكانت من بين نساء الحصن – إلى حسّان بن ثابت رضي الله عنه , وكان شيخاً كبيراً , وطلبت منه أن يقتل هذا اليهودي , حتى لا يرجع بالخبر لليهود فيهجموا على الحصن ويأخذوا كل من فيه سبايا ..إلا أن حساناً لم يتحرك بحجة أنه لا يعرف القتال .فقامت هذه المرأة المؤمنة , واختبأت خلف جدار , ثم انقضت على اليهودي فقتلته , وقطعت رأسه , وصعدت فوق الحصن , ورمت رأس اليهودي على أصحابه , فولوا هاربين , وهم يظنون أن الحصن مليء بالرجال .
* الموقف الثالث , وقد برزت فيه كل من .. أم عمارة ( نسيبة بنت كعب ) , وأم حكيم , رضي الله عنهما..
ففي بداية غزوة حنين , عندما هجمت هوازن على المسلمين فجأة , فرّ المسلمون , وكانوا يومها اثني عشر ألفاً , وتركوا الرسول الكريم يواجه عشرين ألفاً من هوازن ومن عاونهم من القبائل . فصرخ العباس بن عبد المطلب ينادي أصحاب بيعة الرضوان , فتجمع حول النبي الكريم مائة فقط , منهم امرأتان , هما أم حكيم وأم عمارة ..
في هذا الموقف الذي زاغت فيه أبصار الرجال وانخلعت قلوبهم .. ثبتت هاتان المؤمنتان مع من ثبت من الرجال .. وكانت أم حكيم تحمل معها خنجراً , فسألها الرسول الكريم عنه , فقالت لأبقر به بطن أي مشرك يعتدي علي . .
أما أم عمارة فتجلّت بطولتها كالعادة , وقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : دعني أُقتل الفارّين من أصحابك يا رسول الله , إلا أن الرسول أمرها بتركهم .
ويقول أحد الصحابة كان هؤلاء المائة كالإعصار لا يقف في طريقهم شيء .
إن ثبات هؤلاء النسوة في هذه المواقف لهو أمر يستحق الوقوف والتأمل .
وأريدكم إخوتي أن تضعوا أنفسكم مكانهن ... فهل ستثبتون ؟؟!! ..... أم ستنهزمون كما انهزم الآخرون !!؟؟
قال رسوله الكريم علي الصلاة والسلام : (( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين , ولعدوهم قاهرين , لا يضرهم من جابههم , ولا ما أصابهم من البلاء حتى يأتي أمر الله وهم كذلك )), قالوا يا رسول الله وأين هم ؟ قال : (( ببيت المقدس , وأكناف بيت المقدس )) .
اللهم اجعلنا منهم ..... اللهم اجعلنا منهم