لطالما استوقفتني هذه العبارة و لطالما باغتني السؤال البديهي: أوَ ليس للرجل شرف أيضا؟ و إذا كان "شرف البنت زي عود الكبريت", فمثل ماذا يكون شرف الرجل؟
أستغرب جدا من طريقة تفكيرنا فيما يتعلق بالشرف و خصوصا و أننا نتاج ثقافة إسلامية من المفترض أنها تحدد مسار حياتنا في كل الأمور.
لقد امتدح الرسول صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان رضي الله عنه لحيائه الشديد و أثنى عليه, بينما نحن نكاد لا نعزز صفة الحياء و العفة في أولادناو شبابنا, بل و نكاد نشجع الرجل الزاني صاحب العلاقات المتعددة و نمقت الرجل الحيي. و بهذا نحصر مفهوم الشرف في أضيق الحدود: في عذرية الفتاة فقط! عجباً! كيف يكون للمرأة شرف و لا يكون للرجل شرف مع أنهما في وجهان لعملة واحدة في المجتمع؟ كيف يستقيم مجتمع لنسائه شرف بينما رجاله لا قيمة للشرف عندهم؟
قد يقول قائل إن شرف الرجل في المحافظة على شرف عائلته و هذا حصر شديد و سخيف للشرف... أتساءل...لماذا نتقبل أن يزني الشاب قبل الزواج (و ربما بعده) و لا نتقبل أن تزني الفتاة؟ لماذا عندما يزني الشاب نقول "طيش شباب و بكرة يتزوج و يعقل" و لا نقول نفس الشيء بالنسبة للفتاة أم أن الطيش صفة مختصة بالشباب و مقبولة منهم؟ سبحان الله ! دائما نتهم المرأة بأنها ناقصة عقل و دين و لكن في أمور الشرف نطالبها بأن تكون هي الأعقل!! هل الزنى محرم على المرأة فقط في الإسلام؟ أليست عقوبة الزاني و الزانية واحدة؟ من أين أتانا هذا الفكر الذي يبيح للرجل الحرام و قد يكون إثبات لرجولته في بعض الأحيان؟....أليس شيئا مخجلا و مشينا أن نتقبل الزناة الرجال و نحترمهم في مجتمع إسلامي؟
لست أطالب بمساواة بين الرجل و المرأة في الخطيئة, بل في العفة...لستُ ضد المحافظة على شرف الفتاة و عذريتها و لست ضد حياء الفتاة و لكني ضد المفهوم الضيق للشرف ....ذلك المفهوم الضيق هو الذي أوصل بعض بنات هذا الزمان إلى فعل (كل المصائب) و من ثم إجراء عملية بسيطة لإصلاح ما أفسده الانحراف! يعني العذرية أصبحت صورة ليراها المجتمع فقط! ما الذي أدى إلى هذا؟
إنه معنى الشرف المبتور و المشوه عندنا! الشرف ليس امرأة مخفية عن الأعين فقط! الشرف ليس غشاء يمكن للطب أن يستبدله!
الشرف رجل و امرأة يتعففان عن الحرام قبل الزواج و بعده! الشرف أن يشمئز الرجل و يخجل مثل المرأة من خطيئة الزنى! الشرف أن يخاف الرجل على أخلاقه مثل المرأة بل و أكثر لأنه هو القوام...ماذا تتوقعون أن يحدث إذا كان الأب زانيا مثلا و اكتشفت ابنته أمره؟ كيف يمكن أن يقنعها بالعفة و هو يضرب بها عرض الحائط؟
الشرف هو أن نطبق ديننا – رجالا و نساء - بالشكل الصحيح, لا أن نتبع عادات و تقاليد اجتماعية ذكورية لا دين لها و لا هوية!
أتمنى أن نتوقف عن التركيز على المرأة في مسألة العفة و نعتبرها مصدر الشر فالمرأة الفاسقة لم توجد إلا لأن الرجل صفق لها و شجعها! و لو أن كل امرأة فاسدة متبرجة وجدت احتقارا من الرجال لما انهال علينا سيل العاهرات الذي نراه في هذا الزمان! المرأة قد تفتن الرجل في البداية و لكن هذا لا يعفيه من المسؤولية و من الذنب ....و على عكس ما يعتقد الكثيرين فإن أساس الطهر و العفة في أي مجتمع هو الرجل و ليس المرأة و قد قال صلى الله عليه و سلم:"عفّوا تعفّوا نساءكم"....سئمنا من الدعاة الذين لا يرون في المجتمع فسادا إلا من المرأة! متى يعدل الدعاة و يلتفتون إلى الشباب؟ لماذا نرى الكتيبات الوفيرة الخاصة بوعظ الفتيات و لا نرى أي شيء في المقابل لوعظ الشباب؟
الشرف و العفة = امرأة محجبة تغض بصرها عن الرجال وتأبى الحرام + رجل يغض بصره عن النساء و يتعفف عن الحرام.....لا يمكن أن يكون لنا شرف بدون أن يكتمل طرفي هذه المعادلة!
و أترككم مع هذه النخبة من الأحاديث التي تختص بالشباب و التي قلما يتطرق إليها علماءنا في وعظهم و كأن النصح و التقريع و التهديد صفة خاصة للمرأة!
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:"يا شباب قريش احفظوا فروجكم لا تزنوا من حفظ فرجه فله الجنة" رواه الحاكم و قال صحيح على شرط البخاري و مسلم.
و خرّج أحمد و الطبراني بإسنادهما عن أبي أمامة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:"ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها في قلبه"
و في حديث قدسي رواه ابن عدي من حديث لابن مسعود: يقول الله عز و جل:"أيها الشاب التارك شهوته من أجلي, أنت عندي كبعض ملائكتي"
و قال صلى الله عليه و سلم:"يا أمة محمد, ما أحد أغير من الله أن يرى عبده أو أمته تزني" رواه البخاري.
و قال صلى الله عليه و سلم:"ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له"
و عن أبي هريرة و ابن عباس قالا: خطب النبي صلى الله عليه و سلم فقال في خطبته:" من قدر على امرأة أو جارية حراما فواقعها, حرم الله عليه الجنة و أدخله النار, و من أبصر امرأة نظرة حراما ملأ الله عينيه نارا ثم أمر به إلى النار, و من صافح امرأة حراما جاء يوم القيامة مغلولا إلى يده إلى عنقه ثم يؤمر به إلى النار, و من فاكهَها حُبس بكل كلمة كلّمها في الدنيا ألف عام, و أي امرأة طاوعت رجلا حراما فالتزمها أو قبلها أو باشرها أو فاكهها أو واقعها فعليها من الوزر مثل ما على الرجل"
أين علماءنا من هذا التوازن في الوعظ؟
نسأل الله الهداية و العفة و الشرف لشبابنا و شاباتنا.