بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شر الناس ذو الوجهين
لا شيء يعدل الصدق في حياة المسلم ، سواء كان الصدق في الإعتقاد، أو في الأقوال والأفعال، ومن الخصال الحميدة أن يكون للإنسان موقف محدد تجاه الأشخاص و الأحداث، ويكون ذا مبدأ واضح وهوية محددة ملامحها، ومن شر الخصال أن يكون الإنسان مخادعاّ عند إفتراق الناس يظهر لكل فريق أنه معهم وهذا النوع من الناس أشبه بالمنافق
وقال الله تعالى { مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء }
مذبذبين يعني المنافقين متحيرين بين الإيمان والكفر فلا هم مع المؤمنين ظاهراّ وباطناّ و لا هم مع الكفار ظاهراّ وباطناّ بل ظواهرهم مع المؤمنين وبواطنهم مع الكافرين ومنهم من يعتريه الشك فتارة يميل إلى هؤلاء وتارة يميل إلى هؤلاء,وإنما كان ذو الوجهين شر الناس لأن حاله حال المنافق إذ هو متملق بالباطل وبالكذب ,مدخل للفساد بين الناس ,وهو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها فيظهر لها أنه منها ومخالف لضدها وصنيعه نفاق ومحض كذب وخداع وتحيل على الإطلاع على أسرار الطائفتين, وهي مداهنة محرمة,وقد ورد ما يفيد أن عقوبة ذي الوجهين أن يجعل الله له يوم القيامة لسانين من نار وهذا كما في الحديث - من كان له وجهان في الدنيا ، كان له يوم القيامة لسانان من نار
الراوي: عمار المحدث: أبو داود - المصدر: سنن أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4873
خلاصة حكم المحدث: سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]
من كان له وجهان في الدنيا، يعني من كان مع كل واحد من عدوين كأنه صديقه ويعده أنه ناصر له ويذم ذا عند ذا أو ذا عند ذا، يأتي قوماّ بوجه وقوماّ بوجه على وجه الإفساد، كان له يوم القيامة لسانان من نار، كما كان في الدنيا له لسان عند كل طائفة,أن ملاقاة الإثنين بوجهين نفاق ,لكن إن جامل كل واحد منهما وكان صادقاّ لم يكن ذا لسانين, جاء في الحديث أنه ذا الوجهين لا يكون أمينا لفعلته الشنيعة التي هي تغير حاله بين الناس حيث يأتي قوم بوجه ,وآخرين بغير الوجه الذي جاء به الأولين وغالباّ يكون لغرض الإفساد ,وهذا هو النفاق بعينه، بخلاف لو كان بغرض الإصلاح فلا يكون حينئذ معدوداّ من المنافقين ,ولأجل هذا لم يعتبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي يصلح بين الناس وينمي خيراّ بالكذاب، ولا شك أن المنافق كذاب ولا يريد إلا الإفساد والشر، فشتان بين هذا وذاك, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ، فينمي خيرا أو يقول خيرا ) .
الراوي: أم كلثوم بنت عقبة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2692
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وقال صلى الله عليه و سلم (لا ينبغي لذي الوجهين أن يكون أميناّ)الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الأدب المفرد - الصفحة أو الرقم: 238
خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح
فإن خصلة,ذو الوجهين, خصلة ذميمة وهى من سوء الخلق التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم,والمسلم الحق هو الذي يتقي ويبتعد عن سوء الخلق وأنه خُلِق لعبادة ربه، وأن مكافأته على ذلك جنة عرضها السموات والأرض بعد رحمة الله سبحانه وتعالى، فعليه أن يزن أعماله كلها بهذا الميزان، فإن كان العمل مما يقرب لله فليلزمه، وإن كان العكس فليحذر ولا يأت بما يسخط الله عليه, فإن هو فعل فقد عرّض نفسه لعقاب الله،
اللهم إكفنا شر ذي الوجهين ,وباعد بيننا وبينه ,يا رب العالمين.