*(مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)*
*ما معنى (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3))؟
التوديع ذكر ربنا أمرين التوديع و القِلى، التوديع يكون بين المتحابين هذا من حيث اللغة (ودّع هريرة إن الركب مرتحل وهل تطيق وداعاً أيها الرجل) التوديع عادة يكون بين المتحابين فذكر المفعول به (كاف الخطاب في (ما ودعك)) تحبباً له أما القلى فلا يكون إلا بين المتخاصمين فلم يذكر المفعول به لم يقل وما قلاك إكراماً له أن يناله القِلى يعني نزّه مقام الرسول r عن القلى، نحن نقولها في حياتنا اليومية يقول سمعت أنك شتمت فيقول لم أشتم ولا يقول لم أشتمك هذا إكرام للمخاطب.
ودّع في الحب فيما يُحبّ فقال (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ) وحذف في القلى (وَمَا قَلَى) فهذا إكرام له r في الذكر والحذف.
ثم ليس بالضرورة أن يقول قلاك لأنه قسم يذهب أنه حذف للإطلاق أنه ما قلاك ولم يقل أحد من أتباعك ليس خاصاً بالرسول r أما التوديع فخاص بالرسول r أما القلى فلم يقليه ولم يقلي أحداً من أتباعه فصفة البغض نفيت عن الله تبارك وتعالى أصلاً.
هي جاءت متناسبة مع الفاصلة القرآنية لكن لها معنى دقيق وهو معنى الإكرام ومعنى الإطلاق، إكرام في الذكر والحذف أكرمه في الذكر (ودعك) وفي الحذف (وما قلى).
أحياناً نلاحظ كثيراً في القرآن إذا المعنى اقتضى يغيّر الفاصلة.
*إين مفعول الفعل قلى؟
في هذه الآية الكريمة ذكر مفعول الفعل ودع وهو (الكاف في ودعك) وحذف مفعول الفعل قلى (ولم يقل قلاك)
في اللغة عند العرب التوديع عادة يكون بين المتحابين والأصحاب فقط ويكون عند فراق الأشخاص.
اختلف النحات في سبب ذكر مفعول فعل التوديع وحذف مفعول فعل قلى منهم من قال لظهور المراد بمعنى أن الخطاب واضح من الآيات انه لرسول الله r ومنهم من قال أنها مراعاة لفواصل الآيات في السورة (الضحى، سجى، قلى، الأولى،...)
لكن القرآن العظيم لا يفعل ذلك لفواصل الآيات وحدها على حساب المعنى أبدا ولا يتعارض المعنى مع الفاصلة والمقام في القرآن كله.
فلماذا إذن هذا الحذف والذكر؟
الذكر من باب التكريم والحذف من باب التكريم أيضا.
لم يقل الله تعالى قلاك لرسوله الكريم حتى لاينسب الجفاء للرسول عليه الصلاة والسلام فلا يقال للذي نحب ونجل ما أهنتك ولا شتمتك إنما من باب أدب المخاطبة يقال ما أهنت وما شتمت فيحذف المفعول به إكراما للشخص المخاطب وتقديرا لمنزلته وترفع عن ذكر ما يشينه ولو كان بالنفي.
أما التوديع فالذكر فيه تكريم للمخاطب فيحسن ذكر المفعول مع أفعال التكريم وحذفه مع أفعال السوء ولو بالنفي.
وهكذا يوجه الله تعالى المسلمين لأدب الكلام ويعلمنا كيف نخاطب الذين نجلهم ونحترمهم. ولقد جمعت هذه الآية التكريم للرسول من ربه مرتين مرة بذكر المفعول مع فعل التوديع ومرة بحذف المفعول مع الفعل قلى.
*فلماذا قال تعالى ربك ولم يقل الله؟
هنا تكريم آخر من الله تعالى لرسوله الكريم. فالرب هو المربي والموجه والقيم.
وذكر الفاعل وهو الرب إكرام آخر فلم يقل لم تودع ولم تقلى.
والرب هو القيم على الأمر فكيف يودعك وهو ربك لا يمكن إن يودع الرب عبده كما لا يمكن لرب البيت إن يودعه ويتركه ورب الشئ لا يودعه ولا يتركه وإنما يرعاه ويحرص عليه.
واختيار كلمة الرب بدل كلمة الله لأن لفظ الجلالة الله كلمة عامة للناس جميعا ولكن كلمة الرب لها خصوصية وهذا يحمل التطمين للرسول الكريم من ربه الذي يرعاه ولا يمكن إن يودعه أو يتركه أبدا.
المرجع / لمسات بيانيه الدكتور فاضل سامرائي من سورة الضحى
اللهم احشرني في زمرة عبادك الصالحين