فتن التلفزيون في رمضان
يبدو أن التلفزيون قد قرر أن يدخل على خط الأزمات العربية واختار شهر رمضان المبارك ملعباً للمعركة، حيث إن استعراضاً سريعاً للأخبار المبدئية والتسريبات التي اختارها منتجو ومخرجو وأبطال الأعمال الدرامية، تعطي مؤشرات سريعة على قرب معركة أو “ ثورة “ معينة ستفجر الفضائيات العربية شرارتها وسيكون الجمهور فاعلاً رئيسياً في الحدث.
لن يمر رمضان تلفزيونياً كغيره من المواسم السابقة، فهذه أول مرة يمر علينا رمضان والعالم العربي يعبر ما يسمى “ربيع الثورات العربية”، فمصر لا تزال تلملم نفسها في أعقاب ثورتها الكبيرة تراوح بين محاكمات معقدة وشائكة لرمـوز وشــخصيات كبيرة في مقدمتها رئيس الجمهورية وعائلته، وبين حشــود مليونية تطلق على نفسها كل جمعة شعاراً مختلفاً عما سـبقه، للتأكيد على عمق المطالب وعمق الخلافات وحجم الإشــكالات، وليست تونس بأقل إشـــكالاً، أما اليمــن ولــيبيا فمازالتا تراوحان بين كر وفر، بينما رمضان يطرق أبواب المــؤمنين به مذكراً كل من نسي أنه شهر عبادة ورحمة وغفران، لا شهر حروب وسفك دماء.
الفضائيات أعلنت كعادتها عن مفاجآتها الحصرية من الأعمال الدرامية التي حشدت أغلى وأعلى النجوم والنجمات أجراً، بينما الشارع المصري غاضب من أغلب نجومه بسبب موافقهم من الثورة ، وسوريا كذلك، أما تونس فقد اتخذ شبابها مواقف غاضبة من الفن والسينما، وما أظن اليمن واليمنيين سينعمون بمتابعة سمارة وأخواتها، وكذلك الليبيين بطبيعة الحال.
على طرف آخر أكثر حدة وحساسية أعلن عن عزم جهة ما تصديها لإنتاج عمل تاريخي شديد الحساسية والخطورة هو “الحسن والحسين ومعاوية “ فإذا أنتج وعرض، فكثيرون يتوقعون أن يثير فتنة من نوع ما، أما غادة عبدالرازق فقد أغراها نجاحها في “ زهرة وأزواجها الخمسة “ بأن قامت ببطولة مسلسل يحكي عن راقصة شرقية على طرف آخر أكثر حدة وحساسية، متناسية المواقف الحادة التي أعلنت ضدها، والأهم أنها تناست على ما يبدو كل النقد الذي وجه للمسلسل الرمضاني السابق والذي قيل الكثير عن عدم مناسبته لروحانية وقدسية الصيام، فمابالنا برقص شرقي وفي عز الصيام والتعبد.
يبدو أننا أمام فتنة تلفزيونية كانت ستمر مرور الكرام، كما سبق ومرت في أعوام سابقة، لكن حساسية المشاهد أصبحت أكثر توتراً ، وأخبار المقاطعة للمسلسلات الرمضانية لبعض النجمات تحديداً صارت تتصدر الأخبار، هناك من يقول إنها مجرد دعاية لا أكثر وهناك من يقول إنها تكتيكات لفت مقصودة، لشحن الجو بالكثير من الانتظار، لا ندري أين الحقيقة لكن جدلاً إعلامياً مؤكداً سيصاحب ويعقب الدراما التلفزيونية الرمضانية هذا العام بلاشك، والتي نتمنى أن تتجنب الوتر الطائفي، لأننا في غنى عن هذه الفتن فلدينا في العالم العربي ما يكفينا.