الساعين نحو العلا
أن تكون ذا همة عالية,لا ترضى بدون الفردوس الأعلى مستقراً,
راضي بالله رباً, وبالإسلام ديناً,ومحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً, تنظر إلى هذه الدنيا أنها دار ممر لا دار مقر,وتتأهب للرحيل في كل لحظة لملاقاة رب العباد,فهناك سعادة بلا شقاء,وروح وريحان,ومجاورة خير الأنام,محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه الكرام,كان الحسن البصري يقول,
ابن ءادم إنك تموت وحدك ,وتبعث وحدك ,وتحاسب وحدك, .
ابن ءادم لو أن الناس كلهم أطاعوا الله ,وعصيت أنت لم تنفعك طاعتهم ,ابن ءادم ذنبك ذنبك, فإنما هي نار لا تطفأ,وجسم لا يبلى ونفس لا تموت ,وكل حياة مصيرها إلى الزوال,
وسيأتي زائر باستئذان أو بدون,موقف مهيب سيمر على الجميع سواء رضوا أم أبوا,قال تعالى(الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور)واليوم عمل بلا حساب وغداً حساب بلا عمل,والدنيا لا تدوم على وتيرة واحدة
فتارة عطاء وتارة امتحان وتارة ابتلاء,وفي نهاية المطاف موت وحساب,والجزاء من جنس العمل,حسن خاتمة أو سوء خاتمة والعياذ بالله,سأل عمر رضي الله عنه كعبا فقال,أخبرني عن الموت, قال, يا أمير المؤمنين هو مثل شجرة كثيرة الشوك في جوف ابن آدم , فليس منه عرق ولا مفصل وهو كرجل شديد الذراعين ينتزعها , فبكى عمر,يا حسرتى على العباد,كم نحن ظالمي أنفسنا عمر رضي الله عنه,أحد العشرة المبشرين بالجنة يبكي,ونحن أصحاب الذنوب والمعاصي لا تنزل لنا دمعة خوف أو رجاء,ولو كان الموت نهاية المطاف لكان الأمر هيناً سهلاً
ولكن وراء الموت القبر وظلمته,والصراط ودقته والحساب والميزان,وإما الجنة وإما النار,اعلم أنه لو لم يكن بين يدي العبد المسكين كرب ولا هول ولا عذاب سوى سكرات الموت بمجردها لكان جديراً بأن يتنغص عليه عيشه ويتكدر عليه سروره ويفارقه سهوه وغفلته وحقيقاً بأن يطول فكره ويعظم له استعداده,هل أعددنا العدة لهذا اليوم,أم غرنا طول الأمل وحب الدنيا, والفرح بما هو زائل,اجعل حسن الخاتمة هدفاً لك, ضعه أمام عيناكِ لتظفر به بإذن الله,تحلى بالخلق الحسن,في دعاءك, في أعمالك,في كل دقائق حياتك,صلي صلاة مودع,عود لسانك بذكر الله,حتى إذا جاءت سكرة الموت لفظت الشهادتين بكل سهولة,وتعود أن تترفع عن سفاسف الأمور وتوافهها,ولا تنسى إلحاحك بالدعاء وطلب حسن الخاتمة,فإن الله حيي كريم,وحسن الخاتمة توفيق من الله عز وجل,لمن صلح عمله وعبد الله عز وجل حق عبادته,ولم تغره الدنيا واتصل بخالقه في كل دقائق حياته,وكل منا عليه تقييم قلبه,وليعلم أين يتجه ويتعلق,عليك بالتوبة النصوح والأنابة,والرجوع إلى الله عز وجل,قبل أن يأتي الموت,واليقظة من الغفلة التي تربعت على صدورنا,ننظر إلى صلاتنا نقيمها كما أمرنا خالقنا,والعودة إلى كتاب الله عز وجل,نقرأه نعمل به ليكون دستور حياتنا,ولا نتخذه مهجوراً,لنضمن أن يرزقنا الله حسن الخاتمة,
التي هي مبتغانا وغايتنا.