لقد حرص الإسلام على أن ينأى بالناس
عن الشهوات الحيوانية والأخلاق الشيطانية ،
والنفس بطبيعتها كثيرة التقلب والتلون تؤثر فيها المؤثرات وتعصف بها الأهواء والأدواء ،
فالنفس أمارة بالسوء ،
تسير بصاحبها إلى الشر ،
فإن لم تُستوقف عند حدها وتلجم بلجام التقوى والخوف من الله وتأطر على الحق أطرا ،
وإلا فإنها داعية لكل شر وهوى ومعصية ،
والنفس بطبيعتها إذا أُطعمت طعمت ،
وإذا فوضتَ إليها أساءت ،
وإذا حملتها على أمر الله صلحت ،
وإذا تركت إليها الأمر فسدت والناظر بعين بصره وبصيرته في عالم اليوم ،
ونتوقف هنا مع سؤال .. قد نسأله لأنفسنا !!!!
لماذا الشهوة..؟
الشهوة من نعم الله تعالى على العبد ، والمحظور فيها صرفها في المحظور ، يقول بن تيمية رحمه الله تعالى " إن الله تعالى خلق فينا الشهوات واللذات لنستعين بها على كمال مصالحنا ، فخلق فينا شهوة الأكل واللذة فيه ، فإن ذلك في نفسه نعمة وبه يحصل بقاء جسومنا في الدنيا ، وكذلك شهوة النكاح واللذة به هو في نفسه نعمة ، وبه يحصل بقاء النسل ، فإذا استعين بهذه القوى على ما أَمَرَنا ، كان ذلك سعادة لنا في الدنيا والآخرة ، وكنا من الذين أنعم الله عليهم نعمة مطلقة ، وإن استعملنا الشهوات فيما حَظَرَه علينا بأكل الخبائث في نفسها ، أو كسبها كالمظالم ، أو بالإسراف فيها ، أو تعدينا أزواجنا أو ما ملكت أيماننا : كنا ظالمين معتدين غير شاكرين لنعمته " [ الاستقامة 1/341 ]
أثر الشهوات على الإنسان .
الشهوة إما أن يُحكم توجيهها فتأخذ ثمارها وإما أن يغفل الإنسان عن توجيهها فتدمر صاحبها ، يقول ابن القيم رحمه الله : الصبر على الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة ، فإنها إما أن توجب ألماً وعقوبة وإما أن تقطع لذة أكمل منها ، وإما أن تضيع وقتاً إضاعته حسرة وندامة ، وإما أن تثلم عرضاً توفيره أنفع للعبد من ثلمه وإما أن تذهب مالا بقاؤه خير من ذهابه ، وإما أن تضع قدراً وجاهاً قيامه خير من وضعه ، وإما أن تسلب نعمة بقاها ألذ وأطيب من قضاء الشهوة ، وإما أن تطرق لوضيع إليك طريقاً لم يكن يجدها قبل ذلك ، وإما أن تجلب هماً وغماً وحزناً وخوفاً لا يقارب لذة الشهوة ، وإما أن تنسي علماً ذكره ألذ من نيل الشهوة ، وإما أن تشمت عدواً وتحزن ولياً ، وإما أن تقطع الطريق على نعمة مقبلة ، وإما أن تحدث عيباً يبقى صفة لا تزول ..الخ "
أسباب تفشي الشهوات .
1. ذهاب خوف الله عز وجل من القلوب وقلة الحياء منه « استحيوا من الله حق الحياء » [ رواه الترمذي ]
2. غياب العصمة الإيمانية وقلة المراقبة في الخلوات والجلوات وتقوية الإيمان في القلب بزيادة الطاعات واجتناب المنكرات
3. التهاون بالصغائر وعدم الدقة في التزام أوامر الله جل وعلا والانتهاء عما نهى عنه { ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن }
4. غياب التربية الأسرية في البيوت فالآباء في شهواتهم وأعمالهم وتحصيل أرزاقهم ، والأمهات مشغولات بمتابعة الإذاعات ومشاهدة الشاشات والزيارات والجديد من الأزياء والموضات .
5. وسائل الإعلام بأنواعه من مرئي ومسموع ومقروء والتي غزت العقول والقلوب والنفوس .
6. تيسير المحرم وتكثير سبل الغواية وطرق الفاحشة وتنوعها في الأسواق والطرقات والمحلات والمراكز الضخمة والشركات الهائلة إلى غير ذلك .
7. الأسواق العامة وما فيها من اختلاط وتبرج ودعوة إلى الإثارة والإغراءات المحرمة من كشف للوجه وتجميل له وإبداء لمفاتن الجسد .
8. غياب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر والتساهل فيه وعدم الاهتمام به والرفع من شانه وأنه صمام المجتمع .
9. إدخال ما يثير مكامن الشهوة ويخمر العقل ويفسد الروح من آلات وأجهزة وفضائيات تحرف الشباب وتثير الفتيات وتفسد ذوات الخدور .
10. أصدقاء السوء والفراغ والتساهل بالحرام والبحث عن مثيرات الشهوة من مجلات وصحف وجرائد وانترنت وفضائيات ، مع الإمكانية من الخلوة بالمرأة ومعاكستها ومكالمتها ، فكل هذه من أسباب تفشي الشهوة وزيادتها .
عشرة قواعد فى التعامل مع الشهوات
وحتى لا تنساق وراء الشهوات فاحذر . .
1. الوعيد الأليم والعذاب الرهيب في الدنيا والبرزخ ويوم العرض على الله { .. ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما . يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا }
2. الشيطان وتعهده بإضلال بني آدم { قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين .( إلا عبادك منهم المخلصين }
3. السير وراء الشهوات ، فإن حال من يجري وراء الشهوة كالذي يشرب من ماء البحر ..أتراه يَروى ..؟
4. فساد القلب وموت الضمير وذهاب الورع وسواد الوجه وقلة الغيرة ومحق البركة وقلة الهيبة وغضب الرب تبارك وتعالى .
5. سوء الخاتمة ، فليس شيء أصعب على العبد من أن يُختم له بخاتمة سيئة ، والتعلق بالشهوات واستيلاءها على القلب من أكبر أسباب سوء الخاتمة والعياذ بالله .
6. المخاطر والأدواء والأوجاع قبل الممات ، فهي وربي سنة ماضية تلاحق أهل الفجور الشهوات و « ... لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يُعلنوا بها ، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا » [ رواه ابن ماجة ] .
7. تحقق العقوبة الإلهية على منتهكي أعراض المسلمين ، فالجزاء من جنس العمل ، وهذه وربي قاعدة شرعية وسنة لا تتخلف ، ورحم الله الشافعي يوم قال :
عفوا تعفَّ نساؤكم في
المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
إن الزنى دين فإن أقرضته
كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
من يزن يُزن به ولو بجداره
إن كنت يا هذا لبيبا فافهم
وأخيرا . .
فإن من أرضى الجوارح باللذات والشهوات ، فقد غرس لنفسه شجر الحسرات الندامات
اللهم إنى أسألك الهدى والتقى و العفاف و الغنى