ويحب ناقتها بعيري!!
في فبراير من العام 2001 ذهبت الى صحراء الصمّان في المملكة العربية السعودية تلبية لدعوة أحد الإخوة الأعزاء من قبيلة مطير الكرام في «هجرتهم» بالصمّان، قضينا ثلاثة أيام جميلة في ربوع الصحراء الهادئة، كان الجو رائعاً والطبيعة ساحرة، فلا شيء هناك يوازي الصمّان روعة وجمالاً عندما يبارك الله سبحانه في أمطار «الوسم» وعلى الرغم من جمال الصحراء التي اكتست بالكثير من نباتات وأزهار الربيع الزاهية وعلى الرغم من كرم وحسن ضيافة أصدقائنا الأعزاء إلا أن الوقت، حسب ما كنت أظن في بادئ الأمر، على من يسكن في تلك المنطقة التي تقع في قلب الصحراء ربما يكون طويلاً مملاً بسبب رتابة برنامج الحياة الذي لا يكاد يتغير، سألت شقيق مضيفنا، وكان عسكرياً يقضي إجازته في الصحراء، ألا ترى ان البقاء هنا لمدة طويلة يدعو للملل؟ فرد عليّ قائلاً إن الحياة خاصة في الربيع هادئة جميلة، ولما سألته كيف يقضي وقته قال: في الصباح نذهب الى المراعي لتفقد الذود(قطيع الإبل) وقطعان الأغنام، ثم في فترة العصر أقضي وقتاً خلف الكمبيوتر أتصفح الانترنت (وفرت الحكومة السعودية لهجر الصمّان وقراه الكهرباء وخطوط الهاتف وباقي الخدمات الضرورية)، ثم في المساء نقضي وقتاً ليس بالطويل في متابعة أخبار العالم عبر الفضائيات.
لفت نظري كثيراً ما قال شقيق مضيفنا الذي لم يكمل تعليمه الثانوي، فأنا لا أزال في ذلك الوقت لا أعرف كيف أستخدم الانترنت، أو بعبارة أدق لا أريد أن أستخدم الانترنت على الرغم من وجوده في كل منزل ومكتب، قررت أن أدخل عالم الانترنت الفسيح وبعد استشارة أحد المختصين ممن يعملون معي أخبرني بأن وجود «بريد الكتروني» أمر ضروري لمن يريد استخدام الانترنت ويفضل أن يكون لديك حسابين في البريد الالكتروني، والبريد الالكتروني بحاجة الى اسم، لم تكن مهمة اختيار اسم للبريد الالكتروني مهمة عسيرة، وتحت تأثير أجواء رحلة الصمّان الرائعة وكرم مضيفينا المطران قررت أن أطلق اسم ناقة كنا نشرب من حليبها على «الايميل» الأول، وكان اسماً جميلاً من أسماء «النوق العصافير» معبراً، وعلى النقيض من ذلك كان اسم الايميل الثاني هو اسم حصان الملك العربي الملك النعمان بن المنذر، وكان اسماً خشناً يثير القشعريرة بخلاف اسم ناقة الصمّان.
لم أكن أتصور أن لبعض الأسماء وقع السحر والخبال على الكثير من «الدايخين والدايخات» لقد تلقيت عدداً مهولاً من الرسائل الالكترونية على الايميل الذي يحمل اسم الناقة ولم أكن أدخل لأقرأ محتوى الرسائل المرسلة خشية من «الهاكرز» وإنما أكتفي بقراءة عناوين الرسائل وكان بعضها مما تقشعر له الأبدان وبعضهم، وبالذات بعضهن قد بلغ بهن اليأس مبلغاً، أخبرت صديقي المختص بهذه الورطة التي تسبب بها اسم الناقة، فقال لي المسألة بسيطة ما عليك إلا أن تضغط على كلمة «Junk» وتفتك من أذيتهم، عملنا بالنصيحة، في البداية سار الأمر على ما يرام ولكن تفاقم الوضع ثم تمت سرقة الايميل ولما سألت صديقنا المختص قال ليس أمامك إلا أن تغير اسم الايميل وبالفعل غيرت اسم الايميل ولكن بوضع شرطة ثم الرقم واحد بعد اسم الناقة (انتقلت الى رحمة الباري جل وعلا قبل ثلاث سنوات بعد أن أصبحت فاطر وبانت عليها علامات الشيخوخة).
أما المفاجأة الطامة فكانت مستترة تحت اسم الايميل الثاني الذي اتضح بأنه اسم حركي يستخدمه بعض الإخوة «أولاد الحلال» جزاهم الله خيراً، المنتسبين في بعض «المنتديات الجهادية» وبما أنني أستعد بإذن الله للسفر الى الولايات المتحدة الأمريكية في القريب العاجل «قريّب بدو» فقد قررت بناء على نصيحة أحد الإخوة الأعزاء من الليبراليين الحفّاي (ليبرالي حافي يعني من ربع المنبر المخدّي، ليبرالي مبسوط يعني من منتسبي «التيار الوطني الحر») أن أتخلص من الايميل اللي ما يريّح وأسميه باسم لا يثير حساسية الـFBI فعملت بنصيحته.