وصلنا 2011 وبعدنا!
انتشرت مؤخراً في “البلاك بيري” مقتطفات ساخرة تبدأ بجملة “وصلنا 2011 وبعدنا...!”، ومع أنها استخدمت لإثراء الحرب الأزلية بين الشباب والفتيات، فينتقد كل طرف منهما الآخر، إلا أنها بدأت كنوع من الاستذكار الجميل لسلوكيات عفوية سادت بين الناس، تصرفات تأصلت في المجتمع ولم تغب عنه رغم تضافر السنين.
جمل بسيطة لكنها انتشرت بين الناس، فأخذوا يزيدون ويعيدون فيها، بعضها يحمل نوعا من السخرية السوداء على الواقع، واتجه الآخر للتنبيه حول التصرفات الفردية.
بعض التصرفات التي رصدتها حملة “وصلنا 2011” كانت بسيطة وعفوية، مثلاً: وصلنا 2011 ومازلنا “نشرب بأكواب الجبن”، “نترك أول قطعة من كيس خبز (السلايس)، ونأخذ من نصف الكيس”، ننادي أي عامل باسم “محمد”، ونقنع البائع بأننا زبائن دائمون رغم أننا ندخل محله للمرة الأولى! تتصل بنا الوالدة لنعود للبيت سريعاً وتقول: “بس لا تسرع!”، “نحب تناول الصمون بالجبن والشيبس”، نسمي الشطة “داقوسا”، لا نمانع من أكل “المندي” على العشاء.
ويواصل أصحاب هذه القفشات تندرهم على بعض التصرفات البسيطة الدارجة، فمثلاً: وصلنا 2011 وما زلنا إذا رأينا الصالة مرتبة نتساءل: من الضيوف القادمين؟ إذا رن هاتف في مسلسل تلفزيوني قفزنا نبحث عن هاتفنا! إذا طلبنا وجبة سريعة نصمم على زيادة أكياس “الكاتشاب” لمجرد أننا نستخسر تركه!
مازلنا رغم تقدم السنين نحب حياتنا البسيطة، نريدها أن تبقى بعيدة عن التعقيد الذي أضافته لنا كتب “الإتيكيت”، ورفاهية الأشياء، نريد أن نتمسك بعادات تبدو “سخيفة” لكنها تربت معنا وكبرت، وعشنا معها وتوارثناها دون أن ندري رغم أنها ليست من تقاليد الأجداد، لكنها “تقاليعنا” الخاصة التي رسمت تفاصيل ذكريات مررنا بها.
هناك تصرفات أيضاً انتقدت واقعاً مريراً نعيش فيه، مثل “وصلنا 2011”، مازال المراهقون يعاكسون أي امرأة يرونها حتى لو بعمر أمهاتهم، مازالت الفتاة المخدوعة تظن أن حبيبها سيتزوجها!، مازال شبابنا يرفعون صوت المسجل عند الإشارة”، يظللون زجاج سياراتهم بـ”العاكس” ويصورونها، يتباهون بأرقام الهواتف المرتبة، عيونهم تقرأ رقم أي سيارة تمر في الشارع، ونسأل من نلتقيهم عن أرقامهم رغم أننا لن نتصل بهم أبداً... وغيرها الكثير عبارات.. “وصلنا 2011.. وبعدنا” كانت مؤشراً جميلاً على وعي الناس وإمكانية رصد الشباب للظواهر المحيطة بهم وتصرفات من في جيلهم ومزجها مع حس دعابة لذيذ يؤثر في من يقرأ الرسالة.
في عالم الشباب قصص كثيرة ستستمر بالمرور علينا، حتى لو وصلنا الألفية الثالثة، وفي حياتنا الاجتماعية سلوكيات كثيرة تستحق الإشارة إليها والتعجب منها؛ لأنها تأتي لا إرادية بفعل التكرار، وإلى أن تضمحل سنظل نقول: وصلنا 2011 ومازلنا نلاحظ تصرفات الآخرين ونكتب عنها!